نتنياهو "ضحيّة" التّوافق الأميركي - الأوروبي: أوكرانيا وغزة في مقابل عودة العقوبات على إيران

تلقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدية ثمينة من فرنسا وبريطانيا وألمانيا، هي إعادة تفعيل العقوبات الأممية على إيران اعتباراً من الأحد. في المقابل، تجاوب البيت الأبيض مع الدعوات الأوروبية إلى انخراط أكبر في الحرب الأوكرانية، وفي الجهود المبذولة لوقف الحرب الإسرائيلية على غزة.
وهكذا وُلدت الخطة الأميركية المكونة من 21 بنداً، التي قال ترامب إنها تهدف للذهاب إلى ما أبعد من غزة، وإلى إبرام سلام أوسع في الشرق الأوسط. أي أن هناك شقاً في الخطة يتناول وقف الحرب في غزة واستعادة الأسرى الإسرائيليين مقابل إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين، والانسحاب الإسرائيلي التدريجي من القطاع، والبحث في "اليوم التالي" للحرب. أما الشق الثاني، وهو الأصعب، فيتحدث عن تحقيق السلام في المنطقة من دون الإتيان على ذكر الدولة الفلسطينية، كي لا يُستفز نتنياهو ويسارع إلى رفض الخطة بالمطلق.
الخطة المذكورة أثقلت على نتنياهو وأربكت حساباته. فمن جهة لا يريد خسارة ترامب، آخر الداعمين لإسرائيل في الغرب، ومن جهة أخرى فإن قبوله بوقف الحرب سيعني احتمال فرط ائتلافه الحاكم والتوجه إلى انتخابات مبكرة في أوائل 2026، لا تضمن عودته إلى الحكم.
ما يستحق التوقف عنده هو أن نتنياهو يواجه لحظة دولية تخطّت حساباته الضيقة القائمة على استمرار الحروب وسيلةً للبقاء في السلطة، وحتى ربما إرجاء انتخابات 2026. هي لحظة المقايضة الحاصلة بين ترامب والدول الأوروبية.
وعرف الأوروبيون كيف يسوّقون دورهم الرئيسي في تفعيل العقوبات الأممية على إيران، ويجبون ثمناً من الولايات المتحدة لقاء ذلك. وإلا كيف يُفسَّر انقلاب ترامب على بوتين إلى حد التفكير بتزويد أوكرانيا صواريخ "توماهوك"، فيما تلوح في الأفق بوادر مواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، بفعل تحليق المسيّرات الغامضة فوق دول اسكندنافية وبلطيقية وبولندا. وترامب مسرور بدفع الأوروبيين ثمن السلاح الأميركي المرسل إلى أوكرانيا، ولم يعد يخشى من اندلاع حرب عالمية ثالثة؟
هل وقع نتنياهو "ضحية" لحظة التوافق الأوروبي - الأميركي على إدارة أزمات العالم؟ لا شك بأن رأس الجليد لهذا التوافق يُلقي الرعب في قلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يخشى أن يطيحه وقف النار في غزة، وكذلك الإذعان لطلب ترامب عدم ضم الضفة الغربية.
ويجب عدم تناسي أن ترامب الذي لم يمانع في تصفية قادة "حماس"، أعلن عدم رضاه عن محاولة استهداف هؤلاء القادة في قطر بالذات، الدولة الحليفة للولايات المتحدة، ما زرع الشك في سائر دول الخليج حول مدى استعداد أميركا للدفاع عنهم.
حصل ترامب الآن على موافقة الدول العربية على خطته لغزة، التي يقول إنها تعد من دون تفاصيل بحصول "شيء عظيم في الشرق الأوسط".
وإسرائيل التي تتحول تدريجياً إلى دولة منبوذة بسبب الحرب، ويضطر رئيس وزرائها إلى الطيران فوق دول غير موقّعة على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، ويُمنع وزراء في حكومتها من دخول دول أوروبية وغربية حليفة لأميركا، ويوشك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على منع الرياضيين الإسرائيليين من اللعب على الملاعب الأوروبية، تواجه وضعاً غير مسبوق وبدأت تدفع كلفة سياسية وأخلاقية باهظة للحرب.
والسؤال الآن: ماذا سيلي لقاء البيت الأبيض؟