الخطة الأميركية لغزة على محكّ لقاء البيت الأبيض: ترامب سيحاول إخراج نتنياهو من عنق الزّجاجة

تعتمد الجهود الأميركية والدولية المبذولة لوقف النار في غزة ضمن خطة من 21 بنداً تضع محددات لـ"اليوم التالي" للحرب الإسرائيلية، التي تقترب من استكمال عامها الثاني، على الاجتماع الذي سيعقد في البيت الأبيض اليوم، بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة، قال نتنياهو إنه عازم على "إنجاز المهمة" في غزة، وإنه لن يوقف النار إلا إذا ألقت "حماس" سلاحها، واتهم الدول الأوروبية والغربية التي اعترفت بدولة فلسطين في الأيام الأخيرة بـ"الانحناء أمام ضغوط وسائل الإعلام المنحازة والناخبين الإسلاميين الراديكاليين والغوغاء المعادين للسامية".
ومع ذلك، فإن الجمعية العامة غير البيت الأبيض. وترامب يكاد يكون الحصن الأخير للدفاع عن إسرائيل وسط اشتداد العزلة الدولية من حولها بسبب حرب غزة والتهديدات بضم الضفة الغربية.
فهل انخراط ترامب في البحث عن حل ما سيقنع نتنياهو بالتوقف؟ واقع الحال يشير إلى أن الضغوط في تصاعد. فهناك دول أوروبية، فضلاً عن اعترافها بفلسطين، فرضت بعض العقوبات التجارية على إسرائيل وتهدد بتوسيع هذه الإجراءات، بينما الحظر على تصدير السلاح يعوق قدرة إسرائيل على تجديد ترسانتها. والعزلة بدأت تعكس نفسها اقتصادياً على الإسرائيليين العاديين. ونتنياهو نفسه تحدث في قاعة شبه فارغة بالأمم المتحدة بعدما خرجت العديد من الوفود عند الشروع في إلقاء كلمته، وتمثلت الولايات المتحدة وبريطانيا بديبلوماسيين عاديين.
ووقوف ترامب إلى جانب نتنياهو يكلف واشنطن ابتعاد حلفائها عنها، وتبنيهم نهجاً مختلفاً في الشرق الأوسط، يلقى ترحيباً واسعاً من الدول العربية. وكَيل الاتهامات لـ150 دولة في العالم تعترف بفلسطين بأنها بذلك "تسترضي الشر"، لم يعد يجد صدى في عالم "وصل إلى نقطة يريد فيها وضع حد لهذه الحرب". هذا ما صرحت به وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر العائدة من الولايات المتحدة.
وتعتبر الخطة الأميركية الأخيرة التي عرضها ترامب على قادة دول عربية وإسلامية في نيويورك الأسبوع الماضي، بمثابة محاولة أميركية لإخراج نتنياهو من عنق الزجاجة. وليس بخافٍ أن الرئيس الأميركي بدأ يتبنى مساراً مغايراً بعض الشيء للمسار الذي يسلكه نتنياهو، وتجلى ذلك في قوله إنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية.
الخطة الأميركية التي تضم الكثير من أفكار تقدمت بها دول أخرى طوال العامين الماضيين، قد يقبل نتنياهو ببعضها ويرفض بعضها الآخر، ويعمد إلى شراء الوقت ريثما يعمل على توطيد أمر واقع جديد في غزة. ولا تحتل استعادة الأسرى الإسرائيليين الأولوية لدى نتنياهو، بل يريد استسلاماً غير مشروط لـ"حماس"، بما يوفر له ادعاء "النصر المطلق" في الحرب.
كل قرارات نتنياهو منذ الآن تتحكم بها الانتخابات المقبلة في 2026. وانطلاقاً من هذا، فإنه سيرفض أي إشارة إلى إمكان فتح أي أفق سياسي، في سياق الخطة الأميركية أو أي خطة أخرى، ولن يقبل أيضاً ربط مصير غزة بمصير الضفة الغربية. جلّ ما قد يقبل به إذا مارس ترامب ضغوطاً قوية هو وقف موقت للنار يتيح له استعادة الأسرى، ومن ثم استئناف الحرب، ليس على الفلسطينيين فحسب، بل على "الجبهات السبع". هذا البند الأول على جدول أعمال حملته الانتخابية. ورسالته إلى ناخبيه أنه الزعيم الإسرائيلي الوحيد القادر على منع قيام دولة فلسطينية.