وليد جنبلاط سيبقى مرفوع الرأس

آراء 21-08-2025 | 14:28

وليد جنبلاط سيبقى مرفوع الرأس

تربص بنا أكثر من عدو. ووقع أهلنا في لعبة الأمم القاتلة. ودفعنا ربما ثمن نصرتنا لفلسطين وإسقاط ١٧ أيار ودعمنا للمقاومة الوطنية الإسلامية، وتحملنا أعباء الهيمنة على البلد في عهد الثنائي عون - نصرالله.
وليد جنبلاط سيبقى مرفوع الرأس
وليد جنبلاط (نبيل إسماعيل)
Smaller Bigger

النائب مروان حمادة

 

 

عندما دخلنا قصر الشعب في دمشق بعد سقوط نظام آل الأسد، لم نستقبل بصفتنا وفدا مع وليد بك وسماحة الشيخ ولا بصفتنا حزبا تقدميا اشتراكيا ولا كلقاء ديموقراطي ولا كجمهرة عادية من جبل لبنان. دخلنا كأننا أصحاب التحرير يومها. من جديدة يابوس إلى عاصمة الأمويين تعالت الصيحات "أهلاً بالمشايخ. أهلاً ببني معروف".

 

صحيح أن مصير سوريا كان آنذاك على المحك. مركزية، جامعة، متنوعة، فيديرالية؟ ولكن الأصح أننا كنا جميعاً مذذاك هدف مؤامرة تخطت الحدود والتاريخ والأعراف. وقعنا جميعاً فيها. الذين اعتدوا على محيط دمشق ثم السويداء الأبية ارتكبوا الجريمة النكراء، والذين لجأوا إلى إسرائيل في استهداف لمستقبل سوريا ارتكبوا الخطأ الفادح.

 

تربص بنا أكثر من عدو. ووقع أهلنا في لعبة الأمم القاتلة. ودفعنا ربما ثمن نصرتنا لفلسطين وإسقاط ١٧ أيار ودعمنا للمقاومة الوطنية الإسلامية، وتحملنا أعباء الهيمنة على البلد في عهد الثنائي عون - نصرالله.

 

أمام كل هذا، وقف وليد جنبلاط كما عرفته دائماً، كما رافقته دائماً، صلباً في وجه الغزو والإجرام وساعياً إلى الحلول السلمية التي تحفظ التاريخ والسمعة والمصلحة، وفوق كل شيء الأخلاق المعروفية الثابتة في خصوصيتها، الراسخة في إسلامها، العميقة في عروبتها. لم يترك وسيلة لإحباط الفتنة ورد الشر عن أهلنا ومعاقبة الفاعلين. قرع أبواب كل العواصم، الكبرى قبل الصغرى، أوصل الرسائل إلى الجميع بمن فيهم أهلنا في فلسطين وقياداتهم الروحية والمدنية، توجه إلى المحاكم الدولية وهرع إلى دمشق في زيارة ثانية لم تكن للتهنئة، هذه المرة، بل للتحذير من الأعظم والعمل على إعادة الجسور. قالوا خان الأمانة! لا حضرة المشايخ، لا أيها الإخوة. العاقل، الحريص، الحكيم، ليس خائناً. لن أرد التهمة لمخونيه لأنهم من تحمل المأساة. إطلاق الشعارات ورفع أعلام إسرائيل شأن آخر، بتداعيات تجتاز حدود الجبل والطائفة.

 

الخائن الحقيقي هو كل من، في سوريا أو في لبنان، يعمل على تعميق الفتنة وتمزيق الأوطان وضرب وحدة المسلمين وإثارة النعرات المذهبية.

 

وليد جنبلاط الذي أعرف، سيقف كما وقف دائماً مرفوع الرأس فخوراً بإرثه الوطني وبنضاله العربي وبعنفوانه المعروفي.

 

لو كان المغفور لهما الشيخان أبو حسن عارف حلاوي وأبو محمد جواد ولي الدين معنا لأسكتا الأصوات الشاذة التي نرفضها وندينها.

 

أما نحن في المجلس المذهبي الذي جاء بفضل قانون اتحدت حوله الطائفة بمشايخها وزمنييها، بنوابها وأعيانها، فلن نقبل بأن تقلب الأدوار ويصبح بطل حماية الدروز وراعي سلامتهم السياسية والإدارية والاجتماعية والتنموية محل اتهام من صغار النفوس وأشباه الرجال.

 

على كل حال، أؤكد لكم أن الأيام ستشهد لك يا وليد بك بأنك تبصرت وحذرت وأنقذت. الدروز في خطر. نعم. الآخرون في خطر. نعم. ولكن من أنفسهم أيضاً. وأنت من يحمي سمعتهم وتاريخهم وانتماءهم ولو غضب البعض المتمرد زوراً. الأيام ستعطيك حقك وستغّص المختارة كما تعودنا بالذين ستنقشع أخيراً عن عيونهم غشاوة الجهل والتهور والتعصب.

 

وليد جنبلاط ذهب دائماً إلى الحرب مرغماً، اندفع دائماً إلى السلام بحماسة، من هنا إجماع محبيه على الصدام البغيض حتى مع الأقربین وإجماع أهله على السلام ولو على حسابهم الخاص.

١٦ آذار ۱۹۷۷، ۱۷ أيار ۱۹۸۳، ۱٤ آذار ۲۰۰٥، الأحداث تفاجئ وليد جنبلاط، لكنه بدوره يسابقها. يبالي بالصغيرة والكبيرة حتى ولو ظهر غير مبال. يطارد من يرمي قمامة على الطريق شوفية، يقنع، يكسر لعنة التهجير بالإصرار على العودة، يسقط اتفاق ۱۷ أيار ثم يسبق الآخرين إلى إقفال إذاعته وحل میلیشیاته وتسلیم سلاحه للدولة ورعاية المصالحة الوطنية.

 

قضية أخرى نشأت في وجدانه منذ الصغر ولم تغب لحظة عنه: فلسطين. انتفض باكرا ضد الظلامة الكبرى، عاش اغتيال القرار الوطني المستقل مع كمال جنبلاط، اصطحب "أبو عمار" إلى مرفأ بيروت المحاصرة، فتح طريق الجبل للمقاومة الوطنية الناشئة وحرض دروز فلسطين ضد التجنيد الإجباري. وهو يعتبر المعركة مفتوحة في أفقها التاريخي.

 

بهذا التوازن المترجّح بين الآمال والواقع نجح وليد حيث فشل أو تلكأ الآخرون. بحزب لا يشبه تماما الأحزاب، وطائفة ليست كغيرها من الطوائف ومنطقة انفرد بالقوة أحيانا وبالحيلة في معظم الأحيان أن يحميها من الدخيل أو البغيض أو البشاعة. هنا الفوارق والجوامع بين الأب والابن. الأب الحالم الصوفي، الأديب، الفيلسوف، الناسك والفدائي حتى الشهادة. والابن المثابر، المنجز، والواقعي حتى التراضي، المطلع الصبور على المطالب ولو بنرفزة أحيانا والمتابع لتلبيتها دائما وبإلحاح.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/8/2025 3:44:00 AM
أقدم شقيق النائب الأردني السابق قصي الدميسي على إطلاق النار من سلاح رشاش تجاه شقيقه عبد الكريم داخل مكتبه، ما أدى إلى وفاته على الفور.
اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".
لبنان 10/7/2025 1:21:00 PM
 النائب رازي الحاج: ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت