نتنياهو ينسف الآمال بالتوصل إلى هدنة جديدة بـ"تسريع" احتلال مدينة غزة والاستيطان في الضفة

يأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتسريع احتلال مدينة غزة في عملية "عربات جدعون 2"، بينما أبلغ وزيره للشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مسؤولين قطريين في باريس، الأربعاء، أن إسرائيل تريد اتفاقاً يتم بموجبه إطلاق "جميع" الأسرى الإسرائيليين الذين لا يزالون في حوزة "حماس"، في رفض مباشر للاتفاق الجزئي الذي وافقت عليه الحركة، ويقضي بإطلاق جزء من الأسرى الأحياء على أن يُصار إلى إطلاق الباقين في سياق اتفاق ينص على وقف دائم للنار.
مجمل الصورة هو على الشكل التالي: الناطق باسم الجيش الإسرائيلي يعلن "بدء المرحلة الثانية من الحرب"، مع تقدم إسرائيل عسكرياً في أطراف مدينة غزة، وخصوصاً حيي الصبرة والزيتون من الجنوب، وجباليا البلد وجباليا النزلة من الشمال. يتزامن ذلك مع المطالبة بتعديل الاتفاق الجزئي، الذي أقنع الوسيطان المصري والقطري وفدَ "حماس" الموجود في القاهرة بقبوله، بعد مفاوضات شاقة امتدت لأكثر من عشرة أيام.
لا تمانع "حماس" مبدئياً باتفاق شامل إذا ما أُرفق بوقف مستدام للنار، بينما تصر إسرائيل على ربط الوقف الدائم للنار بإلقاء الحركة السلاح ومغادرة القطاع.
وللالتفاف على هذه العقدة الكأداء، تسربت تقارير من القاهرة في الإعلام الغربي تتحدث عن أن مسؤولين أمنيين مصريين يسعون إلى إقناع "حماس" بوضع أسلحتها في عهدة مصر لمدة غير محددة.
في هذه الغضون، يأمل نتنياهو من خلال تسريع الهجوم على مدينة غزة، حتى قبل اكتمال عملية استدعاء 60 ألفاً من جنود الاحتياط من الآن حتى آخر آب/أغسطس الجاري، أن تكون "عربات جدعون 2" قد شقت الطريق نحو عمق المدينة، ونحو اتفاق سياسي يراعي المطالب الإسرائيلية بنسبة كبيرة.
هي اللعبة المزدوجة ذاتها التي يمارسها نتنياهو منذ 22 شهراً للحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي. فمن جهة، يروي غليل الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش عبر توسيع العمليات العسكرية في غزة وتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، على غرار المشروع الذي سيقام في منطقة "E1" شرق القدس، والذي من شأنه أن يقوّض احتمال قيام دولة فلسطينية في المستقبل، حتى ولو اعترفت بها كل دول العالم، وليس فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا فقط. يقول سموتريتش مفاخراً: "هنا دفنّا الفكرة الخطيرة"، قاصداً الدولة الفلسطينية.
ومن جهة ثانية، يحمّل نتنياهو "حماس" تبعة إحباط الجهود الديبلوماسية لإيجاد اتفاق يفضي إلى وقف دائم للنار. ولا يهم الوصف الذي يُعطى للاتفاق، جزئي أم شامل. فالحل الوحيد المقبول لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي، هو ذاك الذي لا يقتلع "حماس" سلطوياً وعسكرياً فحسب، بل يقتلع الفلسطينيين من غزة. وهذه هي الاستراتيجية الوحيدة التي تضمن استمرار الحرب لسنوات مقبلة.
وفي وقت تشتد الضغوط الدولية على إسرائيل، يجد نتنياهو في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب سنداً. فهذا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو يعلن عقوبات جديدة على أربعة قضاة من المحكمة الجنائية الدولية، لأنهم "شاركوا مباشرة في جهود المحكمة للتحقيق بشأن مواطنين من الولايات المتحدة وإسرائيل أو توقيفهم أو اعتقالهم أو ملاحقتهم من دون موافقة هذين البلدين".
وبعد الإجراء الأميركي مباشرة، صعّد نتنياهو هجومه على رئيس الوزراء الأسترالي طوني ألبانيزي، معتبراً أن سجله السياسي سيظل "موصوماً إلى الأبد"، لأنه تجرأ على الإعلان عن اعتزام بلاده الاعتراف بدولة فلسطين في أيلول/سبتمبر المقبل.
وتنقل صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن المحلل الإسرائيلي مايكل ميلشتاين قوله إنه بالنسبة لنتنياهو "لا يهم ما إذا كانت هاتان الخطوتان – الحرب في غزة وشبه الضم للضفة الغربية – ستدمران علاقات إسرائيل مع العالم العربي". ويصل إلى استنتاج بأن نتنياهو يستطيع الاستمرار في الاعتماد على الدعم الأميركي، حتى ولو نددت دول عربية وأوروبية بشدة بأفعال إسرائيل.