أيّ رهانات يستند إليها "حزب الله" لعدم تسليم ترسانته؟

في إطلالته الأخيرة، أكد الأمين العام لـ"حزب الله " الشيخ نعيم قاسم أن الحزب ليس في وارد تسليم ما تبقى من ترسانته العسكرية، وأنه مستعد لكل الاحتمالات التي تلي ذلك.
ليست المرة الأولى يطلق الحزب مثل هذه المعادلة المكلفة وغير المطمئنة، ويكرر تمسكه بها، لكن مقاربتها كانت مختلفة شكلا ومضمونا، لجهة:
- أن قاسم جدد إشهاره رفض تسليم سلاحه قبيل أقل من 36 ساعة على وصول الموفد الأميركي إلى لبنان توم براك، المولج حصرا بمهمة تفكيك ما تبقى من بنية الحزب العسكرية بما فيها السلاح الذي يشكل خطرا على الأمن الإسرائيلي، فاعتُبر كلام قاسم ردا مبكرا واستباقيا ونهائيا من الحزب على الأوراق الأميركية الثلاث التي قدمت إلى لبنان في هذا الخصوص.
- أنها أتت بعد مرور ثمانية أشهر على سريان اتفاق وقف النار الذي تضمن بندا يؤكد ضرورة أن يتخلى الحزب عن سلاحه نهائيا، وأن على الدولة اللبنانية ضمان التنفيذ.
- أن إسرائيل التي تتولى الضغط العسكري اليومي على الحزب، قد أطلقت العنان لآليتها العسكرية لكي تصعد ميدانيا إلى حدود تفوق ما سبق.
وفي الساعات الأخيرة، أضيف إلى المشهد عنصر سلبي آخر تمثل في تلويح الموفد الأميركي بأن بلاده قد تغادر نتيجة إصرار الحزب على عدم تسليم السلاح وعجز الدولة عن تقديم روزنامة زمنية لنزعه، ما يعني ترك لبنان أمام مزيد من احتمالات الخطر المفتوحة.
بناء على كل هذه الوقائع المتفجرة، يُطرح السؤال عن الرهانات التي يستند إليها الحزب للتهرب من تسليم السلاح الذي بات استحقاقا كما هو التزام من جانب الرئاسة الأولى (خطاب القسم) والثالثة (البيان الوزاري)، فضلا عن أن الحزب قد فقد منذ زمن قدراته الردعية، أو أنها تعطلت، مما وضعه أمام مفترق طرق مصيري بعد سلسلة الانتكاسات التي حلت به وخلفت آثارا عميقة في بنيته العسكرية والسياسية.
تُبذل في أوساط عدة محلية وخارجية جهود استثنائية لمعرفة الإجابة الحاسمة عن هذه المسألة، واستطرادا لمعرفة أوراق القوة المخفية التي يستند إليها الحزب ليمضي قدما في رحلة عناده وتجاهله الدعوات التي توجه إليه للتخلص من ترسانته.
في الأساس، يستند إلى ورقة قوة محورية تنطلق من أن الإسرائيلي هو الذي لم يلتزم اتفاق وقف النار ويواصل عدوانه يوميا، في حين أنه التزم وأخلى جنوب الليطاني من أي وجود مسلح له بإقرار الدولة وقوة "اليونيفيل"، ومع ذلك يأتي الموفد الأميركي ليبلغ إلى من يعنيهم الأمر بأن الاتفاق قد أخفق وأن بلاده لا يمكنها تقديم أي ضمانات للبنان ولا إجبار إسرائيل على فعل شيء.
وأخيرا، أضاف الحزب إلى أوراقه ورقة جديدة يتسلح بها هي حوادث السويداء التي عززت ما سماه الشيخ قاسم "الخطر الوجودي على الشيعة" لتبرير التمسك بالسلاح إلى يوم قد تهب فيه رياح الأخطار من الحدود الشرقية.
وثمة أمر يضعه الحزب في قائمة رهاناته، هو أن الحكم في لبنان يظهر:
-انحيازا إلى وجهة نظره المرتكزة على ضرورة وقف عدوان إسرائيل قبل البحث في أمر السلاح الذي هو شأن يمكن معالجته داخليا.
- عدم قدرة الدولة على التزام روزنامة تسليم السلاح ليقينها أن هذا الممر متعذر لأسباب داخلية.
وفي الموازاة، لا يزال الحزب يرى أن حلفاءه في غزة والضفة وإيران قادرون على التصدي والمواجهة بعد مضي سنتين من المواجهات، ما يشي بأن إسرائيل عاجزة عن الحسم، إضافة إلى أنها انزلقت إلى "الوحل السوري"، ما يعني أنها ستفتح على نفسها جبهة جديدة.
هذه الوقائع والمعطيات لا تعني أن الحزب لا يعاني قلقا أو لا تستبدّ به مخاوف، أو أنه ينكر حجم الهجمة الأميركية الإسرائيلية في المنطقة، لكنه في الوقت عينه لا يزال يرى أن ثمة فرصة متاحة له للصمود.