عبدالله الثاني... وترويض ترامب!

كتاب النهار 18-02-2025 | 21:51

عبدالله الثاني... وترويض ترامب!

في كلّ وقت، لم يكن هناك ما يكفي من الاهتمام العربي بما يدور في غزّة في ظلّ سلطة وطنيّة فلسطينية تعاني من ضعف الرؤية السياسية في غياب ياسر عرفات.
عبدالله الثاني... وترويض ترامب!
لقاء الرئيس ترامب والملك عبدالله الثاني في البيت الأبيض، 11 شباط/فبراير الجاري. (أ ف ب)
Smaller Bigger

كان ضرورياً تمرير بضعة أيام على اللقاء الذي عقد في البيت الأبيض بين الرئيس دونالد ترامب والملك عبدالله الثاني كي تتضح الأمور التي نوقشت بين الرجلين وتوضع في نصابها. فحوى اللقاء الذي سعت جهات معينة إلى تلغيم مضمونه، خصوصاً تحريف كلام العاهل الأردني لدى ترجمته إلى العربيّة، أن عبدالله الثاني أبلغ الرئيس الأميركي بلباقة أنّ اقتراحه في شأن تهجير مواطني غزّة لن يمرّ ولا يمكن أن يمرّ.
لم يكن مطلوباً من عبدالله الثاني، سليل الأسرة الهاشميّة، الدخول في صدام مع الرئيس الأميركي بمقدار ما كان مطلوباً منه استيعابه عبر محاولة ترويض ثور هائج. لذلك قال له في موضوع غزّة وتحويلها إلى مشروع عقاري ناجح: "من الصعب تنفيذ ذلك بصورة ترضي الجميع". لم يقل العاهل الأردني على الإطلاق: "سنرى كيف يمكن تحقيق ذلك (نقل الفلسطينيين) في مصلحة الجميع". من يعرف ولو القليل من الإنكليزية يستطيع التأكّد من ذلك.
الآن، وقد هدأت العاصفة، في الإمكان العودة إلى السؤال الأساسي، أي ما العمل بغزّة التي يمكن اعتبارها فشلاً عربيّاً أكثر من أي شيء آخر؟ أخذت غزّة منذ سيطرة "حماس" عليها وتحويلها إلى "إمارة إسلاميّة" منتصف عام 2007، المنطقة كلها إلى مكان آخر. لم تكن الحركة مجرّد وكر لـ"الإخوان المسلمين" نشطوا من خلاله في مرحلة معيّنة في اتجاه الداخل المصري، خصوصاً في السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الراحل حسني مبارك.
في كلّ وقت، لم يكن هناك ما يكفي من الاهتمام العربي بما يدور في غزّة في ظلّ سلطة وطنيّة فلسطينية تعاني من ضعف الرؤية السياسية في غياب ياسر عرفات. لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تورطت "حماس" أكثر، يوماً بعد يوم، في استغلال غزّة من أجل تدمير المشروع الوطني الفلسطيني، من جهة، وتعزيز الوجود الإيراني في المنطقة، من جهة أخرى.
كان ذلك كلّه يجري في ظلّ تفهّم إسرائيلي بعدما وضعت "حماس" نفسها في خدمة تكريس الانقسام الفلسطيني بينها وبين "فتح"، التي أبعدت من غزّة، وبين القطاع والضفّة الغربّية. هذا الانقسام استثمرت فيه غير جهة مولت الحركة على رغم أنّها كانت في الواقع في خدمة اليمين الإسرائيلي والمشروع التوسعي الإيراني في آن.
فاجأت غزة، لدى حصول "طوفان الأقصى" العرب والإسرائيليين في الوقت ذاته. لم تجد إسرائيل، عبر الوحشية التي مارستها، غير تدمير القطاع على من فيه وجعله أرضاً طاردة لأهلها في ظلّ غياب عربي، بات إنهاؤه مطلوباً اليوم أكثر من أي وقت.
ما طرحه الملك عبدالله الثاني في مواجهة ترامب يدعو إلى التوقف عنده. بات مطروحاً مواجهة الواقع بدل الهرب منه مع ما يعنيه ذلك من ضرورة قول كلام صريح والإعداد في الوقت ذاته لخطة عمل تأخذ في الاعتبار وجود مشكلة تاريخيّة إسمها غزّة.
يبدو ضرورياً أكثر من أي وقت تحمّل العرب مسؤولياتهم في حال كانت مطلوبة مواجهة الطرح ذي الطابع الاستفزازي للرئيس الأميركي. يُفترض أن تتلخّص الخطوة الأولى في هذا المجال بالإعلان أن لا مستقبل لغزّة بوجود "حماس". مثل هذا الكلام الشجاع، وهو الأوّل من نوعه الذي يصدر عن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، يتطلب في نهاية المطاف خطة متكاملة تجعل من غزّة جزءاً من الأمن العربي، خطة تفرّغ المنطق الاستعماري الإسرائيلي من مضمونه كما تردّ على منطق ترامب الذي يدعو إلى تهجير شعب من أرضه.
قد تعوّض الشجاعة العربيّة عندئذ سنوات من التقصير تعامى فيها عدد كبير من المسؤولين العرب عن خطورة القنبلة الموقوتة المتمثلة بوضع "حماس"، بجناحيها الإيراني والإخواني، يدها على غزة.

 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

ثقافة 10/17/2025 6:10:00 AM
تُعدّ المقاهي الشعبية البيروتية مرآة دقيقة لتحوّلات المشهد الاجتماعي والثقافي للمدينة (1950–1970).
ثقافة 10/17/2025 6:15:00 AM
هذا المشروب الساحر لا يمكن تخيّله منفصلًا عن الشعور بالمشاركة وتحسين المزاج والحب.
ثقافة 10/17/2025 6:17:00 AM
المقهى.. أكثر من مجرد قهوة: تجربة حياة كاملة
ثقافة 10/17/2025 6:12:00 AM
كان الـ "هورس شو" في بناية المرّ قاطرة القافلة التي ضمت مقاهي الـ "إكسبرس" في بناية صباغ، و"مانهاتن" في بناية فرح، ثم مقاهي "نيغرسكو" و"ستراند" و"الدورادو" و"كافيه دو باري" و"مودكا" و"ويمبي" وغيرها.