الميلاد بين نور المعنى وظلال الاستهلاك: دروس من تولكين

يقول تولكين كاتب "الهوبيت" و"سيّد الخواتم" في "رسائل عيد الميلاد" على لسان سانتا كلوز:
"هناك أشياء أقلّ بكثير لإرسالها هذا العام لأنّ عندي عدداً أقل ممّن يستطيعون تقديم الهدايا. أصبح الجنود في جيشي الأحمر نادرين. أخشى أن يكون عيد الميلاد فقيراً في كل مكان".
ما هو متوافر لهذا العام أقلّ بكثير. ونحن لم نتعافَ. لم ننتشل كلّ الجثامين، ولا عاد الجميع إلى بيوتهم. يطلّ الميلاد ونحن نبحث عنه.
لكن عن أيّ عيد نفتش، هل عن الحدث الاقتصادي التجاري الرئيسي الذي يحرّك عجلة الاستهلاك المرتكزة على الاستيراد وثقافة تقديم الهدايا حصراً؟
لن نشعر بالذنب كثيراً هذا الميلاد من جراء عدم شراء الكثير من الهدايا الباهظة الثمن تلبية لتوقعات اجتماعية، بل على العكس سنشعر بالذنب إذا ما أفرطنا في ذلك.
سنحاول فصل الميلاد عن الإنفاق الزائد والتوتر المالي.وسنولد كمّيات نفايات من ورق التغليف، والتعبئة، والهدايا التي لا تلزم بشكل أقل. فمكبّاتنا امتلأت نفايات.
ليعذرنا تجّار الجملة والمفرّق بعض الشيء. فثمة ضرورة لنفهم الميلاد بعيداً عن الاستهلاك والاستيراد المفرطين بل بعدسة إعادة توزيع الثروة، وهذا يسهم في الناتج المحلي الإجمالي أيضاً. ثمة حاجة إلى ردم الفجوات بيننا وبين المحتاجين. الحرب فرصة الميلاد لاستعادة معناه، والعمل الخيري زخمه. لنشترِ ما يلزمنا من الجمعيات ومنتجاتها المحلية، فيكون لإنفاقنا تأثير أبلغ.
ولنبدأ بفصل الإنفاق المفرط في الميلاد عن القبول الاجتماعي. فلا تعود قلة الإنفاق ترتبط بخسارة من نحبّ من جراء تخييب آمالهم. ثمة قواعد اجتماعية أضحت مكلفة علينا وعلى البلد. فلنعدّلها. من الضروري عيش العيد لكن ليس على حساب ما بعده. التحيّز قليلاً للحاضر يلزم لكن ليس إلى حدود تناسي المستقبل. ثمة صور نمطية زُرعت بفعل علم النفس الاستهلاكي للتملك على جيوبنا بواسطة مشاعرنا يجب أن تُعدّل كي لا نغرق في الإنفاق غير العقلاني. قيم العيد في غلبة النور على الظلام، في التجدّد والعطاء. يقول تولكين في The Lord of Rings "الظل صغير وعابر. ثمة ضوء وجمال يصعب اقتناؤهما". فلنسعَ إلى اقتناء الضوء كي نغيّر واقعنا على كلّ المستويات. نعم، "فأصغر شخص يمكنه تغيير مجرى المستقبل." ولذلك علينا أن نتغيّر. المهم أن نقرر "ماذا نفعل بالوقت المُعطى لنا."