السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

التصدّي لها واجبٌ أخلاقيٌ... ما هي الأخبار الزائفة أو الـ Fake news؟

المصدر: "النهار"
التصدّي لها واجبٌ أخلاقيٌ... ما هي الأخبار الزائفة أو الـ Fake news؟
التصدّي لها واجبٌ أخلاقيٌ... ما هي الأخبار الزائفة أو الـ Fake news؟
A+ A-

انها الـFake News أو الأخبار  الزائفة، بتسميتها العربية. ليس المصطلح جديدا، وليس الفعل بجديد أيضاً. 

فاستخدام الأخبار الزائفة بنية معينة من أجل تحقيق هدف محدد، قديم العهد في الاجتماع السياسي للبشرية. ليست الأخبار الزائفة بعيدة عن "البروباغندا" في كثير من الأحيان، ومن المهم دائماً التوقّف عند النيّة والغاية خلف الأخبار الكاذبة. ذلك أنه في بعض الحالات، ما يبدو أخباراً كاذبة قد يكون في الواقع سخرية إخبارية، وهذا النوع من السخرية يلجأ إلى المبالغة، ويُدخل عناصر غير واقعية، وهدفه التسلية أو ايصال رسالة ما، وليس الخداع.


وتُحدّد الباحثة في علوم الاعلام كلير واردل من First Draft News سبعة أنواع من الأخبار الزائفة:

1. السخرية أو الباروديا ("ليست هناك نية لإلحاق الأذى، إنما إمكان الخداع قائمة")

2. الربط الخاطئ ("العناوين الرئيسة أو المواد البصرية أو العناوين الفرعية وكلام الصور لا تدعم المضمون")

3. المضمون المضلِّل ("استخدام مضلِّل للمعلومات بهدف وضع مسألة أو شخص ما في إطار معيّن")

4. المضمون الخاطئ ("عندما يتم نشر مضمون حقيقي عبر الاستعانة بمعلومات سياقية خاطئة")

5. المضمون التدجيلي ("عند انتحال صفة مصادر حقيقية" عبر اختلاق مصادر كاذبة)

6. المضمون الذي جرى التلاعب به ("عندما يتم التلاعب بمعلومات أو صور حقيقية بهدف الخداع"، كما هو الحال عند تعديل الصور والتلاعب بها لأغراض معيّنة)

7. المضمون الملفّق ("المضمون الجديد كاذب مئة في المئة، بهدف الخداع والتسبّب بالأذيّة")

وعرّفت صحيفة New York Times الـFake news على أنها "نوع من الصحافة الصفراء أو الدعاية التي تتكوّن من التضليل المتعمد، أو الخدع المنتشرة عبر وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعية التقليدية، أو وسائل الاعلام الاجتماعية على الانترنت".

وفي بعض الحالات، فإن ما يبدو أنه أخبار زائفة قد يكون في الواقع "هجاءً إخبارياً، يستعمل المبالغة ويدخل عناصر غير واقعية، ويهدف إلى التسلية، أكثر منه الخداع. والدعاية يمكن أن تكون أيضا في شكل أخبار وهمية".


تنتشر المعلومات المضلَّلة أو الخادعة من خلال الصحافة الورقية التقليدية ووسائل الإعلام الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي. وتكتب الأخبار الكاذبة، وتُنشَر بقصد التضليل، من أجل إلحاق الضرر بجهاز أو كيان أو شخص ما، و/أو تحقيق مكاسب مادّية أو سياسية.

وهذه الممارسة مشابهة للعناوين الرئيسة المثيرة، والتي تُستخدَم بمثابة طعم (clickbait) لجذب القرّاء، وهي تعتمد على العائدات الإعلانية، بغض النظر عن صحة الأخبار المنشورة.

وأصبحت الأخبار الكاذبة أكثر بروزاً في إطار ما يُسمّى "سياسة ما بعد الحقيقة" (post-truth politics). ومع توسُّع التكنولوجيا، ازدادات في شكل مطّرد الحاجة إلى التصنيفات (ratings) وتحديد أرقام المشاهدة والمتابعة.

وبالنسبة إلى الوسائل الإعلامية، باتت القدرة على استقطاب المشاهدين إلى مواقعها الإلكترونية أمراً ضرورياً من أجل إرضاء المعلنين الذين يدفعون المال مقابل الإعلان عن منتجاتهم عبر تلك المواقع الإلكترونية.

كما ان الوصول السهل إلى العائدات الإعلانية عبر الإنترنت، وزيادة الاستقطاب السياسي، ورواج مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما التغذية الإخبارية أو ما يُعرَف بـ"نيوز فيد" عبر موقع "فايسبوك"، كل هذه العوامل ساهمت في انتشار الأخبار الكاذبة.

وكشف تحليل أجراه موقع "بازفيد" أن أول 20 خبراً كاذباً عن الانتخابات الأميركية عام 2016 نالت تفاعلاً عبر "فايسبوك" يفوق التفاعل الذي حصل عليه أول 20 خبراً عن الانتخابات عبر 19 وسيلة إعلامية كبرى.



وقال مايكل رادوتزكي، أحد منتجي برنامج 60 Minutes عبر قناة "سي بي إس"، إن برنامجه يعتبر أن الأخبار الكاذبة "يمكن إقامة الدليل على خطئها، ولها قدرة اجتذاب [جاذبية شعبية] هائلة في الثقافة، ويستهلكها ملايين الأشخاص".

ولم يُدرِج ضمن هذه الفئة الأخبار الكاذبة التي "يُطلقها سياسيون ضد وسائل الإعلام على خلفية أخبار أو تعليقات لا تروقهم". وقال غي كامبانيل، وهو أيضاً من منتجي برنامج 60 Minutes: "ما نقصده هو أخبارٌ يتم تلفيقها من لا شيء. وفقاً لمعظم المعايير، وبحكم التعريف، إنها أكاذيب متعمّدة".

جايمس أندرسون في الموسوعة اللغوية في محطة CBS 60، عرّف الخبر الزائف بأنه "مصطلح حديث نسبيا، أو معزول، أو كلمة، أو عبارة قد تكون في طور الاستخدام المشترك، ولكن لم يتم قبولها بالكامل في اللغة السائدة". وغالبا ما تعزى المصطلحات الجديدة مباشرة إلى شخص معين أو فترة أو حدث.

وقال مايكل رادوتسكي، وهو منتج في محطة CBS 60، ان برنامجه يعتبر الاخبار الزائفة "قصصا زائفة في شكل واضح، ولها جاذبية هائلة، ويستهلكها ملايين الناس". لم يتضمن أخبارا زائفة "استند إليها سياسيون ضد وسائل الإعلام لقصص لا يحبونها، أو للتعليقات التي لا يحبونها". وقال جاي كامبانيلي، وهو أيضا منتج لـCBS 60: "ما نتحدث عنه هو قصص مصنعة من العدم، وبمعظم التدابير، عمدا، وفي تعريفها، هي عبارة عن كذبة".

ورأت صحيفة "الغارديان" البريطانية ان "سهولة الوصول إلى عائدات الإعلانات عبر الإنترنت، وزيادة الاستقطاب السياسي، وشعبية وسائل الإعلام الاجتماعية، كلها عناصر متورطة في انتشار الأخبار الزائفة".

في ما يتعلق بالولايات المتحدة وما شهدته من انتخابات في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، أحدثت الأخبار الكاذبة قدراً كبيراً من السجال والمحاججات، ووصف بعض المعلّقين مشاعر القلق التي أثارتها هذه الأخبار بالهلع الأخلاقي أو الهستيريا الجماعية، وأبدى آخرون خشيتهم من الأضرار اللاحقة بالثقة العامة. وفي كانون الثاني 2017، أجرى مجلس العموم في المملكة المتحدة تقصّياً برلمانياً حول "الظاهرة المتنامية للأخبار الكاذبة".
في حين دعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى اقرار قانون ضد الأخبار الكاذبة، ما فتح سجالاً حول الحريات في المجتمع الفرنسي، وعن الجهة التي يحق لها تصنيف الحقيقة. 


ونشر "الاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات" ملخّصاً في شكل رسم بياني لمساعدة الأشخاص على التعرف إلى الأخبار الكاذبة. وأكّد خبراء متخصّصون بالعلوم الإدراكية لمعالجة المعلومات، هذه النقاط التي نورد أبرزها:

1. التوقّف عند المصدر (لفهم مهمته وغايته)

2. القراءة خلف العنوان الرئيس (لفهم القصة كاملةً)

3. التحقق من المؤلّفين (للتأكّد من هويتهم وتحديد إذا كانوا ذوي صدقية)

4. تقييم المصادر الداعِمة (للتأكّد من أنها تدعم المزاعم الواردة في الخبر)

5. التحقق من تاريخ النشر (لمعرفة إذا كان الخبر ذا صلة ومحدَّثاً)

6. التساؤل إذا كانت دعابة (لتحديد ما إذا كان الهدف من الخبر السخرية)

7. إعادة النظر في أحكامك المسبقة (لمعرفة إذا كانت تؤثّر في حكمك على الأمور)

8. الاستفسار من الخبراء (للحصول على تأكيدات من أشخاص مستقلين من ذوي المعرفة).


وتدعم "الشبكة الدولية لفحص الوقائع"، التي أبصرت النور عام 2015، الجهود التعاونية الدولية في مجال تقصّي الحقائق، وتؤمّن التدريب، كما أنها أصدرت مدوّنة من المبادئ. عام 2017، أطلقت تطبيقاً وآلية تدقيق للمؤسسات الصحافية. وقد ابتكر الموقع الإلكتروني المستقل وغير الربحي The Conversation، وهو من أعضاء "الشبكة الدولية لفحص الوقائع"، شريط فيديو قصيراً عن عملية تقصّي الوقائع التي تشتمل على "ضوابط وتوازنات إضافية، منها مراجعة موضوعية غير منحازة من جانب خبير أكاديمي ثانٍ، وتدقيق إضافي، وإشراف تحريري".

ويقول عميد كلية الاعلام والتوثيق في لبنان جورج صدقة لـ"النهار" ان الأخبار الزائفة "أخبار مغلوطة، سواء كانت أخباراً مدسوسة أم لم تكن. اذ ان الأخبار المدسوسة ليست وحدها مصدراً خاطئاً للمعلومات. بل ان الوزراء او النواب قد يصدرون أرقاماً خاطئة، كأن يتناولوا أرقاماً خاطئة عن نسبة بطالة (أقل أو أكثر من المعدل الحقيقي، على سبيل المثال). وهذه الأخبار يمكن ان تؤثر على الرأي العام ولها انعكاساتها رغم انها غير صحيحة".

وللأخبار الزائفة "انعكاساتها الخطيرة على المجتمعات. ونتحدّث هنا عن الدول المستقرة والمتقدمة، مثل فرنسا والولايات المتحدة. حيث ان تأثير الأخبار الزائفة كان كبيراً على انتخابات رئاسة الجمهورية وسياسة الحكومة". ويمكن الأخبار الكاذبة ان "تغيّر سياسيات بلد او ان تؤثر في اتجاهات بلد. والتأثير هنا في الرأي العام الذي بات يؤخذ الى مكان آخر، ما يعني تهديداً لمنطلقات الأنظمة الديموقراطية القائمة على موقف الشعوب، بما يهدد السلام والاستقرار".

ولماذا يميل الناس الى قراءة الأخبار الزائفة ويروجونها رغم درايتهم بعدم صدقيتها؟ انه "جزء من طبيعة الانسان الذي يحب معرفة تفاصيل مثيرة وأخبار نادرة". وهنا يأتي دور وسائل الاعلام في "تربية الجمهور على كيفية استخدام وسائل الاعلام. كما ان المشكلة باتت لدى الوسائل الاعلامية التي تبحث عن ارضاء الغرائز لدى الناس وصقلها لأهداف مالية وترويجية، ما يؤدي الى انسحابها من أهم أدوارها المتمثل في بناء الرأي العام".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم