الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

حماية حدود تركيا هدف مهمّ لعمليّة عفرين... ماذا عن الهدفين الأهم؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
حماية حدود تركيا هدف مهمّ لعمليّة عفرين... ماذا عن الهدفين الأهم؟
حماية حدود تركيا هدف مهمّ لعمليّة عفرين... ماذا عن الهدفين الأهم؟
A+ A-

غير أنّ الأخير طرح أيضاً فكرة إقامة منطقة آمنة على الحدود الجنوبيّة لتركيا بطول 130 كيلومتراً وعمق 20 قبل التحرّك باتّجاه عفرين. وهذا هدف أكثر تحديداً وبالتالي أكثر قابليّة للتحقّق أو أقلّه للسعي إليه. أمّا أردوغان فقد شدّد مراراً، كما فعل يوم الإثنين الماضي، على أنّ بلاده لن تقبل بنشوء "ممرّ إرهابيّ" على حدودها وأنّها لا تنوي التراجع حتى تحقيق كامل أهدافها، تماماً كما حصل في عمليّة #درع_الفرات. وأكّد أنّ #تركيا لا تنوي "الاحتفاظ بالجنود في عفرين إلى الأبد".


" تسليم عفرين إلى أصحابها الحقيقيّين"

وبدا أردوغان أكثر وضوحاً يوم الأحد، إذ قال أمام تجمّع من حزب العدالة والتنمية في مدينة بورصة التركيّة، إنّ 55% من أهل عفرين هم عرب و35% من الأكراد وصلوا لاحقاً. "الآن، إنّ الهدف الأساسيّ هو تسليم عفرين إلى أصحابها الحقيقيّين" وتابع قائلاً: "ما هو هدفنا؟ هل عندنا 3.5 مليون لاجئ سوريّ يعيشون على أراضينا؟ نعم عندنا. هدفنا هو إعادة هؤلاء الأخوات والإخوة السوريّين بأسرع وقت ممكن. هنالك خطوات حاليّة تُتخذ في هذا الاتجاه. نتّخذ وسنتّخذ جميع الخطوات الضروريّة ضدّ المنظّمة الإرهابيّة الانفصاليّة. لا يمكن التسوية حول ذلك. سنزيل جميع عناصر حزب العمّال الكردستاني، حزب الاتحاد الديموقراطي الكردستانيّ ووحدات حماية الشعب الكرديّة من بلدنا. هؤلاء الذين يريدون التقدّم من سوريا (باتّجاهنا) سيدفعون ثمناً كبيراً لذلك".



إنّ تسليم عفرين إلى "أصحابها الحقيقيّين" رفع المخاوف بين الناشطين الأكراد إزاء احتمال أن تقوم تركيا بتغيير ديموغرافيّ قسريّ. لكن هل بإمكان أردوغان أن يلجأ إلى هذه المخاطرة ويخسر تفويضاً روسيّاً حصل عليه ربّما على مضض؟ هل يسعى وراء هذا الهدف ويخسر غضّ نظر أميركيّاً عن تحرّكه قد لا يطول كثيراً، خصوصاً بعدما طالبته واشنطن بتحديد سقف زمنيّ محدود وبتفادي قصف المدنيّين؟ يصعب الجزم بهذا الاتجاه، مع عدم اقتصار الجهات المراقبة للتحرّك التركيّ على الولايات المتّحدة و #روسيا. فالاتحاد الأوروبي يراقب أيضاً هذه العمليّات وقد برز الموقف الفرنسيّ واضحاً ضدّ التحرّك العسكريّ مع دعوة #باريس لانعقاد مجلس الأمن من أجل إجراء مشاورات حول الأحداث الأخيرة.

خطّ أماميّ ونقاط تواصل

في جميع الأحوال، إنّ خلاصة أوّليّة لتصريحات المسؤولين الأتراك تؤكّد ما ذهب إليه المراقبون والمحلّلون حول نيّة أنقرة في ضرب الأكراد وتحجيمهم حمايةً لحدودها، وانطلاقاً من هذا الواقع، يمكنها لاحقاً فرض نفوذ لها في شمال سوريا عبر فصائل الجيش الحرّ التي تدعمها. الباحثتان إليزابيث تيومان وجينيفر كافاريلا من "معهد دراسة الحرب" الأميركيّ أضافتا إلى تأمين الحدود التركيّة وعزل مدينة عفرين كهدفين أساسيّين لتركيا، مجموعة أخرى من الأهداف. فتركيا تسعى أيضاً من خلال "غصن الزيتون" إلى إقامة نقاط تواصل برّيّ في المنطقة، وإنشاء خطّ أماميّ جديد من الجنود على تماس مع القوّات السوريّة والروسيّة ويخدمها في مسار خفض التصعيد. أمّا ما تمّ التداول به على لسان المسؤولين الأتراك من تحضير لهجوم على مدينة #تل_رفعت، فكتبتا أنّه يمكن أن يأتي هذا الأمر خلال مرحلة لاحقة بعد تحقيق الأهداف الأولى. إذ إنّ هذه المدينة هي جوهريّة للمعارضة السوريّة المدعومة من أنقرة لكنّها ليست أساسيّة بالنسبة إلى أنقرة نفسها.


ومع ذلك، تبدو مقاربة الكثيرين لنظرة تركيا إلى الأكراد وتحرّكها ضدّهم محصورة بالشقّ الأمنيّ وحده. فتأمين الحدود قد يكون إيجابيّاً بالنسبة إلى أنقرة، لكن من دون حصد الأخيرة مردوداً سياسيّاً طويل المدى، ستبقى مفاعيل أيّ انتصار تركيّ محتمل في عفرين محدودة بالنسبة إلى ضمان نفوذها في التسويات المقبلة على المنطقة. وبالتالي، جاءت عمليّة عفرين بحسب بعض المراقبين لتحقيق أهداف أكثر جوهريّة من مجرّد حماية الحدود وإبعاد "الخطر" الكرديّ وحتى أبعد من مجرّد الاستمرار بشكل فاعل في مسار أستانا.



المستشار العسكريّ السابق للجيش الأميركيّ في العراق براد باتي كتب في مركز الأبحاث الأميركيّ، "مجموعة الدراسات الأمنية"، أنّ مصادر تركيّة أبلغته بوجود "مصلحتين استراتيجيّتين حيويّتين" لا تُذكران في الخطابات التركيّة الرسميّة التي تشير إلى خوف من أن يتمّ "إحاطة تركيا من جيش إرهابيّ على ثلاثة جوانب". بحسب مصادر مؤسّسة الرأي، تقضي إحدى هاتين المصلحتين بمنع إقامة دولة كرديّة قابلة للحياة. وفي حين لا تبدو هذه المقاربة جديدة بعدما تمّ التطرّق إليها في تحليلات سابقة، يبقى اللافت في الموضوع أنّ "الوحدات" قادرة على بناء دولة حيويّة، خصوصاً أنّه بإمكانها إعطاء هذه الدولة منفذاً إلى البحر. وهذا المنفذ قد يلغي اعتماد كردستان العراق على خطوط الأنابيب التي تمرّ في تركيا فتعرّض اقتصاد أنقرة للخطر.


وترى تركيا مصلحتها، بحسب المصادر نفسها، في تفادي حصول الولايات المتّحدة على شريك عسكريّ جديد: الأكراد. ف "الوحدات" و الجيش التركيّ هما الحليفان الأقرب إلى واشنطن في المنطقة. لكن إذا أصبح الأكراد بفعل تنظيمهم وقوّتهم العسكرية حليفاً يعتمد عليه الأميركيون أكثر من اعتمادهم على أنقرة، بسبب الخلافات الكثيرة التي نشبت وتنشب بين الطرفين، سيصبح الأكراد القوّة الأولى التي يعتمد عليها البيت الأبيض. وبالتالي، قد يصير الأخير "أقلّ مطواعية" على مستوى الاستجابة لمطالب تركيا التي ستخسر عندها الكثير من النفوذ في حلف شمال الأطلسي.


استشعار

على عكس التوقّعات والمؤشّرات السابقة التي صدرت عن البيت الأبيض، ستكون واشنطن جزءاً مبادِراً في التسوية المقبلة، لا جزءاً مكتفياً بالمباركة عن بعد، وهذا ما استشعرته تركيا سريعاً في الآونة الأخيرة. بناء على ذلك، ولأجل فهم الموقف التركيّ أكثر، يمكن عدم الاكتفاء بالمقاربة التقليديّة التي ترى أنقرة في حالة قلق دائمة على حدودها فقط. فدولة كرديّة حيويّة ذات منفذ إلى البحر، وبغضّ النظر عن مدى إلهامها أكراد الداخل بنزعة انفصاليّة، هي خسارة بارزة للأتراك داخل الشرق الأوسط وداخل حلف شمال الأطلسي على حدّ سواء.









الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم