الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

من هي الشخصية التي يرجح دفنها في مقبرة العظماء؟

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
من هي الشخصية التي يرجح دفنها في مقبرة العظماء؟
من هي الشخصية التي يرجح دفنها في مقبرة العظماء؟
A+ A-

يطرح الاعلام الفرنسي والاوروبي ضرورة دفن سيمون فايل، رائدة الحركة النسائية في الـبانتيون، في مقبرة العظماء في باريس، التي يرقد فيها مجموعة من الأسماء اللامعة مثل فولتير، جان جاك روسو، فيكتور هوغو، جان مونيه وماري كوري وآخرين.  

لا يمكن اختصار مكانة فايل بسطور قليلة. فالمرأة، التي توفيت منذ يومين عن عمر يناهز التسعين عاماً، هي حقوقية وناشطة كبيرة لحقوق المرأة لأنها نجحت عند تعينها وزيرة للصحة في فرنسا أن تشرّع قانوناً خاصاً لعمليات الإجهاض في فرنسا، وكان ذلك في العام 1975. عانت خلال إطلاق الحملة لـلحصول على هذا القانون من حرب شرسة من خصومها، الذين عمدوا الى ارسال تهديدات لها، ورسموا صلباناً معقوفة على سيارتها وعلى منزلها.



"أكبر من عصرها"

هي من أصول يهودية برجوازية، وإحدى الناجيات من المحرقة النازية "الهولوكوست". تم ترحيلها في سن المراهقة من باريس الى معسكر "أوشفيتز" النازي. لكنها نجحت بالعودة الى فرنسا، لتدرس فيها القانون، وتنخرط في السياسة عموماً وفي دفاعها اللامتناهي عن قضايا المرأة. تمايزت أيضاً في معركة أخرى لبنات جنسها قضت بتسهيل حصول الفتيات في فرنسا على الوسائل الخاصة بمنع الحمل.

ثم أضحت أول سيدة تشغل منصب رئيس البرلمان الأوروبي، وظل في المنصب لمدة 3 أعوام، قبل أن تعود لتعمل لصالح الحكومة الفرنسية مرة أخرى. وتوفي زوجها عام 2013 بعد زواج استمر 66 عاماً ولديها ثلاثة أبناء.

تشهد مؤلفاتها، التي ناهزت الخامسة والعشرين كتاباً، على أنها فيلسوفة متجذِّرة وشرسة بشكلٍ غير مسبوق، وأعمالها كاملة صدرت عن دار غاليمار في سبعة عشر جزءاً موزعة على 7 مجلدات. هذه المرأة، التي قاربت مشكلات الطبقات المنسية في فرنسا، قال عنها الفيلسوف الكبير ألبر كامو: "ما زلت أعرف أنَها هي أكبر عقل في عصرنا، وأتمنى من أولئك الذين قد أدركوا ذلك أن يكون لديهم ما يكفي من التواضع كي لا يستأثروا لأنفسهم بهذه الشهادة المؤثرة ليتباهوا بها". أضاف: "من جهتي، سأكون سعيداً جداً إذا أدركت أنَّ باستطاعتي من موقعي وبالوسائل الضعيفة التي في حوزتي، أن أنشر أعمالها التي لم نقدّر حتى الآن مدى تأثيرها وصداها".



النضال للإنسان

خص الباحث المغربي رشيد العلوي محطات عدة في بحوثه عن فايل. بالنسبة اليه،" لم تكن فايل مجرد مدرسة عادية تؤدي وظيفة مؤسساتية، بل كانت نموذجاً لفيلسوفة ملتزِمة قضايا المضطهدِين الذين كافحت من أجلهم طوال حياتها، مناضلة نقابية وسياسيّة شاركت في حملات التضامن والاضرابات القطاعية، وجالست المعطلين والعمال وخبرت محنتهم، كما صادقت تلامذتها وأحبتهم بإخلاص، مما أتاح لها أن تضع أسس جديدة لتربية تقوم على التمرُّد على الجاهز والمألوف. والتحقت بالمقاومة الإسبانية عام 1936 إبان الحرب الأهليّة لمواجهة انقلاب فرانكو الفاشي".



امتدادها للمسيحية!

توقف العلوي عند "صدق فايل الذي يعطي لكلماتها معانٍ خاصة جداً، معان نابِعة من عمق مأساتِها التي تعتبرها بمثابة بلاء عليها أن تتحمله حباً في الله". وكما تقول في سيرتها الروحيّة: "تغيرت حياتي لأول مرة في سفري إلى إيطاليا حينما ركعت على ركبتي أمام الكنيسة" (في انتظار الله).

اعتبر " أن هذا الحدث لم يكن وحده كافياً لتفسير صلة فايل بالدين المسيحي، لأنها لم تمارس التدين يوماً واكتفت بالإيمان بالله ومحبته لأن "الحب إلهي يحطم القلب الإنساني لما ينفذ اليه" (المعرفة الخارقة، 308) تلك المحبة التي "هي الله ذاته"، وفقاً لما جاء في رسالة كتبتها الى الكاتب والشاعر الفرنسي الكبير الأب جو بوسكيه.

وفي كتاب "التجذر" لفايل – تمهيد لإعلان الواجبات تجاه الكائن الإنسان، قدم محمد عبد الجليل ترجمة صادرة عن دار معابر للنشر والتوزيع في دمشق، وفيها مفهومها للمحبة حيث قالت: "هناك شكلان من المحبة، اللقاء والانفصال. وهما ضروريان جدًا. وينطوي الاثنانِ على الخير نفسه، الخير الوحيد، المحبة. لأنه عندما يقترب شخصان ليسا صديقَينِ من بعضهما، لا يكون هناك لقاء. وعندما يبتعدان لا يكون هناك انفصال. هذان الشكلانِ حَسَنانِ أيضًا لاحتوائهما على الخير نفسه".


[email protected]



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم