الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

من سيتولّى قيادة "تنظيم الدولة الإسلامية"؟

المصدر: "رويترز"
مناصرو "تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق (أرشيفية).
مناصرو "تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق (أرشيفية).
A+ A-
قال مسؤولان أمنيان عراقيان وثلاثة محللين مستقلين إنه "من المرجح أن يخرج الزعيم القادم لـ"تنظيم الدولة الإسلامية" من دائرة ضيقة من المتشدّدين العراقيين الذين صقلتهم المعارك ممن برزت أدوارهم في أعقاب الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003.

وقال المسؤولان العراقيان إن أحد أفراد المجموعة المرشحة لخلافة أبو إبراهيم القرشي، الذي فجّر نفسه خلال عملية أميركية لاعتقاله في سوريا الأسبوع الماضي، هو قائد عسكري أعلنت واشنطن وبغداد مقتله العام الماضي.

كان مقتل القرشي (45 عاماً) ضربة قاصمة للتنظيم بعد عامين من العملية المماثلة التي لقي فيها زعيمه السابق أبو بكر البغدادي مصرعه في 2019.

لم يوجه القرشي كلمة علناً إلى مقاتليه وأتباعه وتجنّب الاتصالات الإلكترونية وأشرف على تحول أسلوب القتال إلى وحدات صغيرة منفصلة ردّاً على الضغوط الشديدة من جانب القوات العراقية والقوات التي تعمل تحت قيادة أميركية.

غير أن من يتابعون "تنظيم الدولة الإسلامية" عن كثب يتوقعون أن يعلن اسم زعيمه الجديد في الأسابيع المقبلة مع استمرار التنظيم، الذي فرض حكماً قاسياً على مساحات من العراق وسوريا من 2014 إلى 2017، في حملة التمرد العنيدة الدامية.

قال الخبير العراقي فاضل أبو رغيف الذي يقدّم المشورة للأجهزة الأمنية إن هناك أربعة مرشحين محتملين لخلافة القرشي.

وقال: "هؤلاء كل من أبو خديجة، وآخر دور معروف له كان قيادي في (الدولة الإسلامية) في العراق وأبو مسلم وهو قائد التنظيم في الأنبار وآخر يدعى أبو صالح ويعرف عنه القليل من المعلومات ولكنه كان مقرب من البغدادي والقرشي".

وأضاف: "وهناك كذلك أبو ياسر العيساوي وهناك شكوك بأنه لا يزال على قيد الحياة بالرغم من أن التنظيم نعاه. ومكانته مهمة جدا في التنظيم وذلك لامتلاكه خبرة عسكرية طويلة".

وكان الجيش العراقي والتحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا قد أعلنا مقتل العيساوي في غارة جوية في كانون الثاني عام 2021.

غير أن مسؤولاً أمنياً عراقياً أكّد أن ثمة شبهات قوية أن العيساوي لا يزال على قيد الحياة. وأضاف المسؤول أنّه "إذا اتضح أنه لم يُقتل، فهو يمتلك الخبرة والتجربة في تخطيط الهجمات العسكرية ولديه الآلاف من الأتباع".

تطهير أمني
أضاف المسؤول أن من المرجح أن "ينفذ تنظيم الدولة الإسلامية" عملية تطهير أمني بسبب التسريبات المحتملة التي أفضت إلى مقتل القرشي وذلك قبل اجتماع قياداته لاختيار خليفة له وإعلان اسمه.

وقال حسن حسن رئيس تحرير مجلة "نيو لاينز" التي نشرت أبحاثاً عن القرشي إن الزعيم الجديد سيكون من قدامى المتشدّدين العراقيين.

وقال: "إذا اختاروا واحداً في الأسابيع المقبلة فسيتعين عليهم اختيار واحد من بين أفراد الدائرة نفسها المجموعة التي كانت جزءاً من جماعة الأنبار التي عملت تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق منذ الأيام الأولى".

وكان التنظيم قد خرج للوجود من بين صفوف المتشدّدين الذين شنّوا تمرداً إسلامياً سنياً بدوافع طائفية على القوات الأميركية والعراقية بعد 2003.

وكان "تنظيم الدولة الإسلامية" في العراق الذي عرف أيضا باسم "تنظيم القاعدة" في العراق فرعاً من "تنظيم القاعدة" العالمي الذي أسّسه أسامة بن لادن وانبثق من خلاله "تنظيم الدولة الإسلامية" الذي اكتسب شكله في فوضى الحرب الأهلية السورية على الجانب الآخر من الحدود.

وقد احتجزت القوات الأميركية البغدادي والقرشي اللذين كانا من أعضاء "تنظيم القاعدة" في العراق من البداية لفترة من الوقت في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة.

وقال مسؤول أمني وضابط برتبة عقيد في الجيش لـ"رويترز" إنه "لم يحدث أن ألقت القوات الأميركية القبض على أيّ من المرشحين الأربعة المحتملين لخلافة القرشي".

ويتفق مسؤولون ومحللون في دول مختلفة أن "تنظيم الدولة الإسلامية" يتعرّض لضغوط أكبر من أيّ وقت مضى وأنه لن يستعيد مكانة دولة الخلافة. لكنهم منقسمون حول مدى أهمية الانتكاسة التي يمثلها مقتل القرشي للتنظيم.

ويقول البعض أن الحرب على التنظيم ستظل تشغل الولايات المتحدة وحلفاءها لسنوات قادمة مع تحوله إلى حركة تمرّد دائمة بقيادات جديدة جاهزة للإمساك بأعنته.

قال أحد المسؤولين الأمنيين "في سوريا، مجاميع "الدولة الإسلامية" تعمل بطريقة شبكة من الوحدات المنفردة وذلك لتجنّب استهدافها. ولذلك لا نعتقد أن مقتل القرشي سيكون له تأثير كبير".

وتابع: "أصبح كذلك من الصعب ملاحقتهم لأنهم توقفوا منذ مدة عن استخدام المكالمات عن طريق الهواتف النقالة للتواصل فيما بينهم".

ويقول بعض المسؤولين إنه منذ هزيمة التنظيم في العراق عام 2017 وفي سوريا عام 2019 وجدت قياداته أن من السهل على نحو متزايد أن تتنقل بين البلدين وساعدتها في ذلك ثغرة في مناطق السيطرة بين القوات المسلحة المختلفة.

وقال مسؤولون أمنيون وعسكريون إن الحدود التي تمتد مسافة 600 كيلومتر مع سوريا تجعل من الصعب جداً على القوات العراقية أن تمنع تسلّل المتشدّدين عبر أنفاق تحت الأرض.

أسلوب قيادة جديد
قال لاهور طالباني الرئيس السابق لوحدة مكافحة الإرهاب في إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بالحكم الذاتي إن بعض قيادات "تنظيم الدولة الإسلامية" يمكنها التنقل على امتداد العراق كله.

وقال لـ"رويترز": "عندما ترى الهجمات تتزايد في منطقة معينة فلن أندهش إذا كانت شخصية مهمة قد مرت بتلك المنطقة. دولة الخلافة هُزمت لكن لم يتمّ القضاء على (تنظيم الدولة الإسلامية) في العراق. لا أعتقد أننا تمكنا من إنجاز المهمة".

كانت سيطرة التنظيم على مساحة من الأرض في العراق وسوريا قد ميزته عن غيره من الجماعات المماثلة مثل تنظيم القاعدة وأصبحت محورية لمهمته عندما أعلن قيام دولة الخلافة في 2014 وتبعية جميع الشعوب والبلدان الإسلامية له.

ويستمد التنظيم المناهض للغرب بشدّة قوته أيضاً من التوتر السني الشيعي ويعتبر الشيعة كفارا يستحقون القتل.

قال أبو رغيف إن "قائد التنظيم الجديد قد تكون له مؤهلات عسكرية أقوى من القرشي الذي يقول المسؤولون العراقيون إن أتباعه كانوا يعتبرونه من رجال الشريعة الإسلامية أكثر منه قائداً عسكرياً".

وأردف: "بعد تنصيب رئيس التنظيم الجديد ستبقى الأحكام الشرعية ثابتة ولكن الهجمات والغزوات ستتغير قطعاً وفقاً لمنهج الزعيم الجديد الذي قد يؤمن بالغزوات المكثفة أو الهجمات بالقنابل والانتحاريين".

ويقول المحلّلون إنه رغم عدم تسلط الأضواء على القرشي والسرية التي اكتنفت نشاطه فمن المرجح أن "يؤثر مقتله على مقاتلي التنظيم".

وتوقع حسن رئيس تحرير مجلة "نيو لاينز" أن يُضعف القضاء على القرشي المعنويات.

وقال أرون زيلن الباحث الزميل بمعهد واشنطن إن "القائد الرمز مهم جداً للتنظيم".

وأضاف: "عندما يُقتل زعيم للجماعة فإن قسم الولاء يصبح للزعيم التالي، للشخص نفسه لا للجماعة".
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم