الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ارتفاع في ترشّح النّساء لانتخابات 2022... هل يزيد عددهنّ في البرلمان؟

المصدر: "النهار"
جودي الأسمر
جودي الأسمر
"مكسب طفيف للمرأة وللقوى المؤمنة بحقها في الصوت داخل البرلمان".
"مكسب طفيف للمرأة وللقوى المؤمنة بحقها في الصوت داخل البرلمان".
A+ A-

بعد إقفال باب الترشيحات للانتخابات النيابية 2022، أظهرت الحصيلة النهائية ترشّح 155 امرأة في مقابل 1043 مرشّحاً، ما نسبته 15 في المئة من المرشّحين. وتمثّل هذه النسبة تقدّماً بالمقارنة مع عام 2018 حيث بلغت نسبة المرشحات 11 في المئة.

 

مكسب طفيف للمرأة وللقوى المؤمنة بحقها في الصوت داخل البرلمان، خصوصاً بعد إسقاط الكوتا النسائية بمفعول الأمر الواقع. هذه المعطيات تستدرج التفكير نحو الآتي: ما العوامل الجديدة التي هيّأت ارتفاع ترشح النساء؟ وهل يستبق الأمر ارتفاع نسبة النواب النساء في البرلمان؟

 

"الثورة أنثى" والانتخابات

ينطلق عدنان ملكي، المستشار في شؤون مشاركة النساء في السياسة، من "الدفق التغييري الذي دفعه حراك 17 تشرين الأول والذي دعّم خلال الدورة الحالية طموح المرأة بالدخول للبرلمان. لقد تشكّل شعار "الثورة أنثى" من تولّي المرأة دفّة قياديّة في تلك التظاهرة، كما تصدّرت شؤون المرأة وحقوقها القضايا الّتي حشّدت الوعي والتأييد في الساحات"، واعتبر أنّ "هذا التقدّم مؤشر قويّ يعاكس التحدّيات المفروضة، حيث لا كوتا للمرأة اللبنانية في البرلمان، والأحزاب بدورها لا تمنح المرأة كوتا طوعية".

 

من جانب ثانٍ، يقول "تواجه المرشّحات في هذه المرحلة عائقين، يتمثّل الأوّل في الانضمام إلى اللوائح، والثاني في منح المرأة الصوت التفضيلي، وتحديداً على لوائح الأحزاب. فبين 1043 مرشحاً، هناك نحو 250 مرشحاً للأحزاب، وهم رشحوا عدداً من النساء أكثر من الدورات السابقة. لكن هل ترشيح النساء على لوائح الأحزاب هو لزوم تبييض السمعة، أم ثمّة جدّية في دعمها؟ هذا الأمر سيظهر لاحقاً فيما إذا منحت الأحزاب أصواتها التفضيليّة للنساء".

 

ومن الضروريّ، حسب ملكي، التّمييز بين نوعين من دعم الأحزاب التقليدية للمرشّحات، مستنداً إلى دورة عام 2018: مرشّحات يفزن بالتوريث العائليّ وأخريات خارج دائرة التوريث وعددهن حالياً ثلاث: عناية عز الدين وديمة جمالي ورولا الطبش، في مقابل سيدتين في الوراثة السياسية هما بهيّة الحريري وستريدا جعجع. يجب بالتالي "الاعتراف بهذا التّقدم حتّى في صلب الأحزاب التقليديّة ومراكمته خلال دورة 2022".

 

أما لجهة لوائح التغييريين، فـ"هي لم تتوصّل بعد لحسم الأمور، لكن الواضح أنّ نسبة ترشّح المرأة في نطاقهم هي أعلى من تلك المرتبطة بالأحزاب التقليدية، ولم يختلف الأمر عن دورة 2018".

 

دعم المجتمع الدّولي

ينفي ملكي "الوهم القائل بأنّ المجتمع الدّوليّ يدعم للمرأة في السياسة، لأنّه بالرغم من العناوين الطنّانة عن تمكين الدّول الكبرى للمرأة في السياسة، أثبتت زيارة ماكرون للبنان في أيلول 2020 النقيض. فحين جمع الرئيس الفرنسي القادة في قصر الصنوبر لإيجاد مخرج لمعضلة البلاد بعد انفجار 4 آب، لم يدعُ امرأة واحدة إلى طاولة الحوار. ويؤكّد هذا الأمر أنّ حضور المرأة اللبنانية في الانتخابات نابع من جهدها ونضالها"، علاوة على "أنّ "شبهة" دعم المرأة للنزول الى الانتخابات تحوّلت إلى أداة بيد الأحزاب التقليدية ولا سيّما في بيئات محافظة تخوّن هذه الشريحة وتعتبر قضيّتها مستوردة من الغرب، وتسوّق تبعيّتها للسّفارات. إذن، وعكس ما يروَّج، لا تستمدّ المرأة المرشّحة قوّتها من المجتمع الدولي، بل قد تكون قضايا المرأة أداة لتأزيم الاصطفافات، وأعتقد أنّ نتائج الانتخابات ستؤكّد هذا الواقع".   

 

ويذكّر ملكي بـدراسة أجريت في عام 2008 عن الأزمة الاقتصادية في الولايات المتّحدة، وبيّنت أنّ الشركات التي ترأسها سيّدات لم تُفلس، بعكس الشركات التي يرأسها الرجال، لأنّ "الرجال يجازفون أكثر ويخوضون الحروب أكثر، فيتضرّر الاقتصاد من جراء سياساتهم".

ويخلص إلى "أنّ وجود المرأة في مركز صنع القرار في لبنان هو مخرج لأزمة البلاد ككلّ ولا تُحدّ ضروراته فقط بحقوقها المباشرة".

 

منصّة نسويّة وكوتا

ومع نسبة نواب نساء في البرلمان لا تتعدى 4 في المئة، وافتقار البرامج الانتخابية عموماً لمشاريع وقوانين تعنى بحقوق النساء، أطلِقت منصّة "المجتمع المدني النسوي في لبنان" في 28 شباط الماضي، وتتألف من 52 منظمة ومؤسسة تنشط لتعزيز حقوق النساء، بما فيها تدبير "الكوتا" المؤقتة. وتزامناً، طرحت لائحةً من 10 مطالب أساسية تشكّل دليلاً للمرشّحات والمرشّحين بهدف تنقية القوانين من شوائب التمييز بين الجنسين وتحقيق المساواة الجندرية.

وبحسب ندى عنيد، مؤسِّسة ورئيسة "مدنيات"، وهي من الجمعيات المنضوية في المنصّة، إنّ "هذا التقدّم سبب دامغ ليرى السّاسة ومن يشكّلون اللوائح أنّ المرأة اللبنانيّة طرحت نفسها لتصبح نائبة، والخيارات النسائية متاحة ولا مجال للتذرّع بغياب النساء عن المشهد السياسيّ".

وترى أنّ غالبية المرشّحات يخضن مغامرة، فـ"دفعن رسوم ترشيح بقيمة 30 مليون ليرة غير قابل للإرجاع، وجهوزيّة المرشّحة تغلبها الحيرة وحيّز كبير من المخاطرة، فهي يجب أن تحشد جهوزيّة ضخمة بموارد محدودة، وفي الوقت نفسه لا تضمن المرأة ضمّها إلى اللائحة كشرط أساسي لدخول المنافسة، وقد تُهدَر كلّ طاقتها سدى".

وفي تقييمها لجهود الجمعيات الحقوقيّة والنسويّة في هذا المجال، تقول: "دورنا ليس نسوياً فقط، بل كنّا ولا نزال نطالب بإصلاحات على قوانين الانتخابات تضمن تمثيل ومشاركة الفئات المهمشة. وأعتبر أنّ ترشّح النساء في هذه الدورة يجسّد في حيّز كبير جهوداً لم نوفّرها لدعم وإعداد المرأة حتى تتقدّم للانتخابات".

لكن نسبة 15 في المئة بنظر عنيد "غير كافية إذا ما قارنّاها بالكوتا. كنّا نطالب بكوتا نسائيّة لا تقلّ عن 30 في المئة، وإذا بنسبة المرشّحات تكون نصف الكوتا".

ولا تنطوي هذه النتيجة "على تقصير الجمعيّات الّتي استثمرت كلّ الجهود والأدوات لإقرار الكوتا. نهاية الأمر، يبقى القرار بيد السّلطة السياسية الّتي رأت أنّ تزخيم وجود المرأة في المجلس لن يلعب لصالحها وأهدرت كلّ محاولاتنا في اللحظة الأخيرة".

وتستنتج "أنّ التقدّم في نسبة المرشّحات يدعو بلا شكّ للتفاؤل، ولكن علينا ألّا نستعجل الشعور بالإنجاز".

 

واقع الحال، ما تقدّم هو قراءة أولية لترشّح المرأة في انتخابات 2022، فالصورة المكتملة مرهونة باستقطاب اللوائح للنساء. ومن المبكر الحديث عنها، فاللوائح لم تحسم تركيباتها بعد خصوصاً لدى القوى التغييريّة، وهي بحدّ ذاتها مبعثرة. ومن المتوقّع أن تتحيّن اللوائح كلّ المهلة القانونيّة والمفاجآت التي قد تخبّئها لغاية حلول الصّمت الانتخابيّ عشيّة الاستحقاق.  

   

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم