الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

قائد الجيش يحذّر: الفتنة على مسافة خطوات والأزمة ستطول

المصدر: "النهار"
قائد الجيش جوزيف عون.
قائد الجيش جوزيف عون.
A+ A-
حذّر قائد الجيش العماد جوزيف عون من أن "الفتنة على مسافة خطوات"،جازماً أنّه "لن نسمح بوقوعها". وتوجّه للعسكريين بكلمة دعم اعتبر فيها أن "معدن الرجال يظهر في الظروف الصعبة، وما نعيشه أكثر من صعب".

وشدّد على أنّه "على العسكريين أن يدركوا أنهم أمام مهمة مقدسة، فتجربة 1975 كانت تجربة مريرة ولن نسمح بتكرارها، ولا أحد يقبل بعودة سيطرة الميليشيات والعيش تحت رحمة العصابات المسلحة والإرهاب أو المخدرات".

وعن الأزمة الاقتصادية، توقّع قائد الجيش أن تطول، مشيراً إلى وجود سيناريوهات لمواجهة الأسوأ. وقال: "نحن لسنا سبب الأزمة، والحل ليس عندنا، نحن نقوم بواجبنا تجاه وطننا، وسنكون موجودين حيث تدعو الحاجة. واجبنا مساعدة الدولة على إيجاد الحلول من خلال توفير الأمن والاستقرار".

وأضاف: "إنها أزمة وسوف تمر، مررنا من قبل بظروف صعبة وتجاوزنا الأمر. ما في أزمة إلا ووراها فرج. المهم أن نصمد أمام هذه العاصفة إلى حين انتهائها".

وأشار قائد الجيش إلى أن "القيادة اتخذت في ظل الظروف الراهنة جملة إجراءات تقشفية، فراعت ظروف العسكريين في ما يتعلق بالجهوزية والخدمة، وشجّعت المبادرات التي قامت بها بعض الوحدات كاستثمار الأراضي الزراعية وإنشاء معامل إنتاج صغيرة لتأمين سلع للاستعمال اليومي، ووضعت خطة للنقل".وهنا أوضح عون أن "الجيش اشترى باصات وفانات، وستكون في الخدمة قريباً ما يحل مشكلة تنقل العسكريين".

أما بالنسبة إلى الطبابة، فقد توقّف مطولاً عندها، مذكّراً بأن "الجيش ما زال يؤمّن أفضل الخدمات الطبية لعناصره رغم تردي الأوضاع"، مؤكّداً "السعي للحفاظ على مستوى هذه الخدمات"، ومشيراً إلى أن "المستشفى العسكري بات يحتوي على 5 غرف عمليات هي من الأحدث في الشرق الأوسط، وأهم مختبر دم، وأن العمل جار حالياً لتوسيع هذا المستشفى وزيادة قدرته الاستيعابية". كذلك تطرّق إلى موضوع كورونا واللقاح، فكشف أن "نسبة العسكريين الذين تلقوا الجرعتين بلغت 68 بالمئة"، مناشداً "ضرورة تلقيح الباقين، ومن يصر على عدم أخذ اللقاح يكون العلاج على نفقته الخاصة إذا أصيب بالوباء".

كما أعلن أنّه "بسبب الوضع الاقتصادي الراهن وكثرة المهمات، يحتاج الجيش إلى المساعدات التي تعمل القيادة على تأمينها ليبقى الجيش قادراً على تنفيذ واجباته العملانية، كما أنها طلبت أيضاً مساعدات مادية للعسكريين، لكن الأمر يواجه معوقات قانونية ودستورية لدى الجهات المانحة، ويتم العمل على إيجاد حلول لتأمين هذه المساعدات". وفي هذا السياق، أكّد عون أن زياراته لعدة دول كان هدفها تأمين المساعدات للجيش، ولن يوفّر أي جهد للحصول على ما يحفظ كرامة العسكري وعائلته.

ورأى في حديث لمجلّة الجيش أنّه "نعيش ظروفاً ساحقة تمعن في الناس تهشيماً وتدميراً. لكن وللمفارقة فإن من يعانون أكثر من سواهم، ظلوا الأكثر ثباتاً، وبرهنوا أنهم رجال يتكل عليهم. إنهم عسكريو الجيش من مختلف الرتب، إنهم رجال الوطن الذين يستمرون في أداء واجبهم المقدس رغم ما أصابهم نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة، وتداعياتها على رواتبهم. وبينما تتعطل المؤسسات تباعا بفعل الأزمة، ويسود التشرذم في البلاد، تحافظ المؤسسة العسكرية على جهوزيتها متمسكة بشعارها ومبادئها ووحدتها، مصممّة على الوفاء للقسم الذي يوجه خطى رجالها ويجعلهم قدوة في الإيمان بالوطن وبالبزة التي يرتدونها. فهذه المؤسسة تدرك أنها المدماك الأخير الذي يحول دون انهيار الوطن وسقوطه في قبضة الفوضى والميليشيات كما حصل في السابق. كما تدرك أنها الأساس الصلب الذي سيسمح للدولة بالنهوض وبناء مؤسساتها من جديد".

وثمّن قائد الجيش "ثبات العسكريين وتضحياتهم"، مؤكداً أن "الأزمة ستمرّ"، مذكّراً "أن راتب الضابط في العام 1992 انخفض ليصبح 27 دولاراً بفعل الأزمة آنذاك". وطمأنهم إلى أن قيادتهم إلى جانب كل واحد منهم، تشعر بمعاناتهم، تتفهم هواجسهم، تعرف الأسئلة التي تدور في رؤوسهم من دون أن يطرحوها. وهو في المقابل يوضح لهم حجم المسؤوليات التي يتحملونها حيال وطنهم وأهلهم، لافتاً إلى أن "اللبنانيين كما الأجانب يقدّرون صمودهم ويراهنون عليهم". وهو إذ يشرح لهم التدابير والإجراءات التي اتخذتها القيادة للتكيف مع الأوضاع الصعبة والتخفيف من الضغوط التي يتعرض لها العسكريون، يؤكّد أن توفير المساعدات للجيش بما فيها المساعدات المالية هو أولويته، ولن يألو جهدا في سبيل ذلك.

في لقائه بالضباط في اليرزة، قال عون: "متل ما عودتكن دايماً على المصارحة، لأنو ما عنا شي مخبا، وحقكن تعرفو كل شي".

وأضاف: "تقومون بمهمات كثيرة تتطلب مجهوداً، والهاجس الكبير بات الانتقال إلى مراكز الخدمة. أعرف الضغوط والتحديات التي تعيشونها، من التحرّكات الاحتجاجية، إلى أزمة المحروقات والأدوية والمداهمات والإشكالات المتنقّلة وغيرها، وفي جميع هذه الاستحقاقات كنتم على مستوى المسؤولية وعرفتم بحكمتكم وضبط أعصابكم أن تستوعبوا الأوضاع وردات الفعل. أثبتّم أنّكم رجال الوطن، رجال يتكل عليهم. وفيما حيا الانضباط الذي تحلّى به الضباط والعسكريون على السواء، توقف بتقدير عند ولائهم المطلق للمؤسسة العسكرية".

وتابع: "أنا واحد منكم، أعرف كل التفاصيل، أتابعكم خطوة خطوة. لقد خدمت مثلكم على الأرض وبين العسكر، وأعلم بالضبط كل ما يحيط بحياة العسكري وما يتحمّله وكيف يستطيع التحمّل. أريد منكم أن تكونوا إلى جانب عسكرييكم، تتحدثون إليهم، تتفهمون مشكلاتهم، وتدعمونهم. نحن في أزمة كبيرة وقدرات القائد الناجح تظهر في الأزمات والحروب. عليكم طمأنة عسكرييكم إلى أننا لن نتركهم يتخبطون في هذه الأزمة، نحن نبذل كل جهودنا للتخفيف عنهم ومساعدتهم. ويجب أن يدرك كل عسكري أن مهمّته مقدسة وهو من خلالها يحمي عائلته وأهله ووطنه".

كما سأل: "لمن نترك الوطن؟ للفوضى؟ للحرب الأهلية؟"، لافتاً إلى أن "تضحيات العسكريين وجهودهم هي التي حالت دون انهيار لبنان رغم ما حدث منذ تشرين الأول 2019 لغاية اليوم. فمن التظاهرات إلى تفشّي وباء كورونا وانفجار المرفأ شهد لبنان أوضاعا مأزومة، لكننا استطعنا أن نحافظ على السلم الأهلي بفضل ثقة شعبنا وثقة المجتمع الدولي بنا، وهذا ما شجع الكثيرين على مساعدتنا"، معتبراً أن "فقدان الثقة والإيمان بالوطن هو أخطر سلاح ضدنا".

وعن مسألة فرار عدد من العسكريين وتقدم آخرين بطلبات استقالة، أوضح قائد الجيش أن "الشائعات تضخّم الأرقام، إذ إن عدداً كبيراً من هؤلاء عادوا والتحقوا مجدداً، بعدما اكتشفوا أن الضمانات التي يقدّمها الجيش لا يجدونها في أي وظيفة أخرى". وفي هذا السياق، وضع الضباط أمام "مسؤولية توعية العسكريين لكي لا يتسرعوا في اتخاذ قرارات يندمون عليها. فقد يجد الواحد منهم اليوم وظيفة ويخسرها بعد فترة، أما المؤسسة العسكرية فتحتضنهم مدى الحياة". وقال: "رح ضل واقف حدكن، وحد كل عسكري".

كذلك تطرّق عون إلى شائعات أخرى وانتقادات تتحدث عن استنسابية في توزيع المساعدات واعتماد سياسة شتاء وصيف تحت سقف واحد، وطلب من العسكريين ألا يعيروها أي اهتمام، مؤكداً "مرّة جديدة أن الجيش للجميع وضد جميع المخلين بالأمن، وهدفه الأساسي الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار الأمني".

وذكّر عون الضباط بأن "لبنان اليوم بحاجة إلى الجيش أكثر من أي وقت مضى، ونحن أقسمنا يمين الدفاع عن وطننا حتى الشهادة، لا تفقدوا الأمل والثقة بوطنكم، لا بديل لدينا ولا خيار آخر. شعارنا شرف تضحية وفاء، كلما أقلقتنا الأسئلة أو تعرضنا للاستفزاز، يجب أن نتذكّر هذه الكلمات ففيها الأجوبة، وقيمة الشعار في تطبيقه عملياً".

كذلك تحدّث قائد الجيش عمّا يبديه مسؤولون وقادة عسكريون أجانب من إعجاب بالاحتراف الذي طبع أداء الجيش في الظروف الصعبة، مشيراً إلى "أن ما تنفّذه الوحدات من مهمات استثنائية بات يُدرّس في المعاهد والكليات العسكرية، وهذا مدعاة فخر لكل ضابط وعسكري في الجيش اللبناني".

في ما يتعلق بالمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية، اعتبر عون أن "الجيش قام بواجبه الوطني بالمطالبة بحقوق لبنان البحرية وأظهر احترافاً ومناقبيةً عالية، وهو ينتظر القرار السياسي للبت بالموضوع".

وختم قائد الجيش مؤكداً قدرة الجيش على تجاوز الصعوبات، وقال: "أطمئنكم وأطمئن اللبنانيين أن جيشهم رغم كل الصعوبات والمعاناة، سيواصل تنفيذ المهمات الموكلة إليه".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم