الأربعاء - 15 أيار 2024

إعلان

مناورة "حزب الله" العسكرية... رسائل بالسلاح للداخل والخارج

المصدر: "النهار"
اسكندر خشاشو
اسكندر خشاشو AlexKhachachou
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
دعا "حزب الله" في توقيت لافت الإعلامَ المحلي والغربي والعربي إلى جولة على أحد معسكراته في الجنوب، وحضور مناورة عسكرية تُظهر استعدادات المقاومة للدفاع عن لبنان، بحسب ما جاء في نصّ الدعوة.
 
الجولة تشمل زيارة أحد المعسكرات، وحضور مناورة عسكرية بالأسلحة الحيّة، وغداء مع المقاومين، وهو الجزء الأهم منها. أمّا الباقي فيأتي ضمن إطار السياحة في معلم مليتا، وحضور حفل خطابي لا يخرج عن السياق المعهود بتمجيد المقاومة وسلاحها وأهميته وحضوره الاستراتيجي.
 
واللافت بحسب الجدول الموزّع أن هناك إمكانية للتصوير والنقل المباشر، ممّا يعني عسكرياً أمرين: إما أن المكان المقصود ليس مركزاً عسكرياً، وإمّا أن المكان تمّ تجهيزه للحدث فقط، أو أنه كان بالفعل مركزاً، لكن تمّ تحييده من بين المراكز العاملة، وسيكون هذا الاحتفال بمثابة حفل وداع لهذا المركز لأنّه تمّ كشفه.
 
وفيما ترفض المصادر الإعلامية لدى الحزب الكشف عن مكان المناورة قبل موعد الزيارة، وتتحفّظ أيضاً على نوعيّتها وعلى السلاح المستعمل وعمّا سيتمّ كشفه، سُربت تصريحاتٌ تكشف عن أن المناورة ستشهد استخداماً للصواريخ والدبابات، ونشاطاً لفِرق الاقتحام، وسيُنقل ذلك من وسائل إعلام غربية.
 
هي ليست المرة الأولى من نوعها التي ينظّم "حزب الله" فيها زيارات إلى مواقعه على الحدود، لكنّ المختلف هذه المرة هو في التوقيت، الذي أتّى بعد توالي عدد من الأحداث، بدءاً من الاتفاق السعودي - الإيراني والاتفاقات الإقليمية إلى عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي سبقتها رسائل عسكرية عبر إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني، وزيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الحدود مع إسرائيل.
 
في الجغرافيا، لم يتغيّر شيء، وما تزال الأوضاع على حالها منذ سنوات، أي منذ الجولات السابقة التي نظّمها الحزب للإعلاميين، إنما هناك من يرى في هذه الجولات حرصاً من "حزب الله" على تأكيد حضوره العسكري، في لحظة الاتفاقات الإقليميّة، والضغط الداخلي اللبناني، لإيصال رسالة إلى مَن يهمّه الأمر بأنّ هذا السلاح خارج التسويات والاتفاقات.
 
أما الرسالة الثانية التي يُريد إيصالها من وراء هذا النشاط فتتعلّق ببيئته الداخلية، الذي يرى أن السلاح هو مصدر طمأنينة لها، ومصدر قوّة؛ وإظهار هذه القوة وجهوزيّة وحضور السلاح له تأثير عليها.
وبحسب المعلومات، فإن المناورة العسكرية يمكن أن تشهد استعمالاً أو عرضاً لأسلحة لم يتمّ الكشف عنها سابقاً. وهنا، يستبعد المقرّبون من الحزب أن تشهد إطلاق صواريخ أو ما شابه، لكن يمكن أن تتميّز بجديد ما، مذكّرين بالعرض العسكري الذي أقيم في القصير، والذي أراد الحزب منه الكشف عن امتلاكه دبّابات، وهذا ما كان غير معروف في السابق. وهنا يشيرون إلى أن الرسالة الأهم قد تكون لإسرائيل عبر الإعلام، وستكون ربما بتصوير ما يشبه عمليات اقتحام، وقدرات جديدة تحاكي هجوماً باتجاه أراضيها.
 
أمّا الرسالة الأهم فهي أن هذه المناورة تأتي بعد العملية العسكرية في غزة التي ضربت فيها إسرائيل قيادات الجهاد الإسلامي، الفصيل الأقرب إلى حزب الله، فيكون الحزب بهذه الطريقة يعلن وعبر الإعلام الغربي أن الأمور مختلفة مع "حزب الله" الجاهز عسكريّاً.
 
وتبقى الرسالة الأخيرة باتجاه الداخل اللبناني، وفيها يؤكد الحزب أن هذا السلاح موجود ويتطوّر، ولا إمكانية للاقتراب منه، مهما علت المطالبات، ومهما تغيّرت السياسات، وهو غير مطروح على أيّ طاولة مفاوضات ومساومات.
 
في المقابل، يعتبر عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب غياث يزبك أن "هذا الاستعراض والمناورة يأتيان في إطار سلسلة من العمليات المبرمجة التي يقوم بها "حزب الله" لضرب هيبة الدولة اللبنانية، ولتأكيد ملكيته للحدود اللبنانية التي يسيطر عليها، وهذا ما أكّده سابقاً من خلال ترسيم الحدود البحرية الذي كان له القرار الأول والأخير فيه".
 
ويقول لـ"النهار": "هذه المناورة هي استكمال للانقلاب الكبير الذي ينفّذه الحزب على الدولة عبر حدوده مع إسرائيل، وإن هذه الأراضي خارج الوطن. وهو تثبيت للدويلة التي باركها وزير خارجية إيران بزيارته لها منذ أسبوعين".
 
ويذكّر يزبك بعمليات استملاك الأراضي بالقوة التي تجري في الجنوب، ويرى فيها استكمالاً لبناء الدويلة، مشيراً إلى أن "هذه الأمور مجتمعة رسالة واضحة إلى الدولة اللبنانية قبيل ذهابها مشتتة إلى جامعة الدول العربية".
 
وفي النظرة الإعلامية إلى المناورة، يرى يزبك أن الجيوش النظامية هي مَن تقوم بمناورات وتدعو وسائل الإعلام لتغطيتها، وليست المقاومات التي تعتمد على العمل السريّ. وفي العادة أيضاً، تقوم الدول ذات السيادة بمناورات عسكرية مشتركة، فتغطّيها وسائل الإعلام، لكن لم يحدث أن قامت تنظيمات عسكرية يُفترض أن تكون سريّة بمناورات أمام وسائل الإعلام، لافتاً إلى أنّها تأكيد فاضح وفاقع على أنه جيش نظاميّ ليس للبنان، إنّما لدويلة "حزب الله".
 
ويضيف: "ليس من الواضح بعد مكان هذه المناورة، فالكارثة ستكون إن كانت ضمن نطاق القرار 1701، وبهذا يكون "حزب الله" قد وجّه رسالة تحدٍّ شديدة اللهجة إلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة مفادها أنه لا يهتمّ بأمر أحد"، داعياً في هذا الإطار الإعلام اللبناني صاحب القضية إلى عدم تغطية هذه المناورات التي تمسّ وتضرب هيبة الدولة، ولا يمكن اعتباره حدثاً إعلامياً عادياً".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم