الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كيف يبدو وضع المريض في لبنان في ظل الأزمة المالية؟

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
تعبيرية
تعبيرية
A+ A-

أصبح الشأن المادي يشكل الهاجس الأكبر للمواطن اللبناني، ويتفوّق على اهتمامه بشأنه الصحي، بالرغم من حساسية الموضوع الصحيّ على مستوى الحياة والوجود. لكن السبب في تفاوت الأولويات ليس الترف أو المزاجيّة بل  تكاليف المعاينات الطبية والاستشفاء والفحوص المختلفة، التي زادت بمعدّلات مضاعفة، وبات المواطن عاجزاً عن تحمّلها، ممّا يدفعه حكماً إلى إهمال صحته مُرغماً.

تتزايد اليوم معدّلات المرضى الذين يصلون إلى الطوارئ، وهم بحالات متقدّمة، بسبب إهمال المشكلات الصحيّة، بحسب المدير الطبي للمركز الطبي التابع للجامعة اللبنانية - الأميركية (مستشفى رزق) الدكتور جورج غانم، فيما تبدو الحلول محدودة وتُنذر بالأسوأ.

قبل الأزمة، كان بدل المعاينة الطبيّة في المستشفيات الجامعية نحو 100 دولار أميركيّ تقريباً، أما اليوم فقد خفّض الأطباء بدل المعاينات بالدولار الأميركي، وفق ما يوضح غانم، وباتت المعاينة تكلّف 30 و50 دولاراً أميركياً، ممّا يُشكّل مبلغاً ضخماً بالنسبة إلى المواطن، الذي يعاني في ظلّ وضع معيشي صعب ومتأزّم. فكيف له أن يتحمّل تلك الأعباء حتى يتابع حالته الصحيّة بانتظام مع طبيبه، وهو يكاد يعجز عن تأمين قوته اليوميّ؟

يُشير غانم إلى أن الواقع الصحيّ يدعو للقلق اليوم، وقد تكون له تبعات أكثر خطورة. ويعتبر الحلّ الماليّ المنفذ الوحيد، إنّما لا يبدو أنّه ثمّة حلول في الأفق. وهناك أشخاص يهملون حالاتهم الصحيّة بسبب التكاليف والوضع المعيشي الصعب، وهناك من يتجنّب المعاينات الطبية أيضاً، بل يصرّ على الخروج من المستشفى ويُعارض رأي الطبيب حتى لا يتحمّل تكاليف زائدة نتيجة مكوثه في المستشفى.

كذلك، يُلغي البعض عمليّاتهم، ومنهم من يتوجّه إلى مستشفيات يمكن أن تقدّم خدمات ذات تكلفة أقلّ، ولو كان ذلك على حساب جودة الخدمة الطبية التي يحصلون عليها. هي حالات نصادفها بشكل متكرّر حالياً، ونتفهّم جيّداً معاناة المريض في ظلّ الأوضاع الصعبة، والكلّ اليوم في نفق مسدود بغياب الحلول الجذريّة".

والأسوأ بعد أنّه إضافة إلى كلّ تبعات إهمال المواطن لمشكلاته الصحية وعدم متابعتها، سواء على المدى القريب أم البعيد، يتلقّى المواطن كمّاً هائلاً من التوتر، ممّا يُسبّب له المزيد من الضغوط، ويجعله أكثر عرضة للمشكلات الصحيّة، ومنها أمراض القلب والشرايين، التي تتأثّر إلى حدّ كبير بالتوتر المزمن، الذي يعانيه، وتتدهور الحالة أكثر فأكثر.

مراكز الرعاية الصحية أولوية

بما أنه يصعب توفير حلول للوضع المالي في البلاد في المدى المنظور، فقد لا يكون ممكناً إلا الاعتماد على مراكز الرعاية الأوليّة والمستوصفات عبر تفعيلها في البلاد وتعزيز دورها. وقد تشكّل حلاً مقبولاً للمواطن، وإلا فلن يتمكّن من الاستفادة من الطبابة في البلاد، إلا بنسبة 20 أو 30 في المئة من المواطنين، وهم الذين يستفيدون من تغطية شركات التأمين، التي أصبحت بالدولار الفريش.

ويمكن أيضاً أن يكون الحلّ في البطاقة الدوائيّة، التي تسهّل حياة المرضى، من دون أن يكون ممكناً توفير التمويل لها إلا في حال وجود شفافيّة وثقة بالمسؤولين، وجدّية في المراقبة وفي التعاطي مع هذا الموضوع.

من جهة أخرى، يشدّد غانم على أهمية التركيز على الصناعة الدوائيّة المحليّة لاعتبارها البديل الأنسب للمواطن اليوم في ظلّ الظروف المعيشية الصعبة، وهذا ما كانت تتمّ المطالبة به منذ سنوات عديدة. فقد حان الوقت للقيام بهذه الخطوة، علماً بأنه ثمة أدوية عديدة منتجة محلياً من قبل شركات محترمة، وهي مماثلة إلى حدّ بعيد لتلك المستوردة.

كذلك يؤكّد أن ما يفعله الأطباء اليوم هو العمل على توفير البدائل لمرضاهم بسبب انقطاع أدوية عديدة حفاظاً على حدّ أدنى من الأمن الصحي. ويبقى الأهمّ أن يحرص المريض على الالتزام بتناول أدويته، التي يصفها له الطبيب بهدف ضبط حالته الصحيّة، وتجنّب أيّة مضاعفات. وعند الحاجة يبقى من الممكن له اللجوء إلى المستوصفات لتأمين هذه الأدوية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم