الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بعد اختطاف الفتى ريان كنعان وعودته إلى أهله... ما هو الأثر النفسي عليه؟

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
ريان كنعان
ريان كنعان
A+ A-

 

شكّلت قضية اختطاف الفتى ريان كنعان في بلدة "حالات" (قضاء جبيل) في وضح النهار صدمة للمجتمع ككلّ. فمَن من الأهل اليوم لا يخشى على أطفاله من مواجهة خطر مماثل، بعد هذه الحادثة؟! 
 
وبالرغم من صعوبة تجربة الخطف المباشرة، يبقى الأصعب على الأهل ما قد يكون تتركه العمليّة من آثار مترسّبة، بل مستوطنة في نفسيّة الطفل، الذي تلقّى صدمة أثر اختطافه أثناء تسوّق أهله في السّوق، وبقي مخطوفاً حتى اليوم التالي.

ما التداعيات النفسيّة لما حصل مع ريان عليه كشخص، وعلى أهله كعائلة؟
 
 
أيّاً كان السبب الذي أدّى إلى صدمة، بعد حادثة اختطاف سير أو وفاة، يبقى تعريفها هو نفسه، بحسب الاختصاصية في المعالجة النفسية جيزال نادر، وبإمكان العقل أن يعالج هذه الصدمات بمرور الوقت تلقائيّاً خلال فترة 6 أشهر تقريباً، حين يُصبح في الإمكان تقبّل الموضوع، ومتابعة الحياة اليوميّة بشكل أفضل.
 
لكن بعضاً من الصّعوبات تبرز أثناء محاولة تخطّي الصّدمة بسهولة، بحسب التركيبة النفسيّة والظروف، وبحسب البيئة المحيطة وأشخاصها، الذين يرغبون في تقديم الدعم النفسيّ.
 
وبالنسبة لمن يواجهون صعوبات في تخطّي الصّدمات، بعد مرور 6 أشهر، يُمكن القول إنّهم يحتاجون إلى اختصاصيين في علم النفس لمساعدتهم على متابعة حياتهم بشكل طبيعيّ.
 
 
 
وفق ما توضحه نادر، فإنّ ما يزيد من صعوبة تخطّي الصّدمة درجة المشاعر والعواطف التي تمّ التعرّض لها في الحادثة. فبقدر ما تكون كبيرة تزداد صعوبة تخطّيها.
 
فبالنسبة إلى أهل ريان، من الطبيعي أن يكونوا قد تلقّوا صدمةً، خصوصاً أن ما حصل مع ابنهم جرى أمام أعينهم، وبشكل مفاجئ، ما يزيد من حجم الصّدمة ووقعها عادةً.
 
والأسوأ أنه في حالة الاختطاف، ثمّة احتمالات عدّة يضعها الأهل، فتزيد الهواجس، ويُسيطر القلق وتداعياته. وقد يكون طلب الفدية من السيناريوهات الأخف وقعاً، فيما يُمكن أن تكون الاحتمالات الأخرى أكثر صعوبة وخطورة. ولا شكّ في أن الظروف المرافقة لعمليّة الاختطاف يُمكن أن تزيد وقع الصدمة، أو أن تخفّفه في المقابل، وفقاً لظهور السلاح أو عدمه.
 
فالتفاصيل تؤدي دوراً في الحادثة، سواء بالنسبة إلى الأهل أو الطفل، وفق نادر التي تؤكّد أن الصدمة لدى الطفلتختلف بحسب مقدار تحضيره لهذا النوع من المواقف، كأن يعرف كيفيّة التصرّف في هذه المواقف، أو الاحتمالات التي يُمكن أن ينقذ نفسه فيها.
 
فإذا كان الفتى يتمتّع بالوعي، تُصبح الصدمة أخفّ عليه، فيما تزيد درجتها بعكس ذلك، ويحتاج عندها إلى المزيد من الوقت لتخطّيها، بل قد يحتاج إلى مساعدة اختصاصيّ في علم النفس.

ولا تنصح الاختصاصيّة نادر بإهمال المعالجة النفسيّة للطفل المختطف، لأن الآثار والتداعيات قد تتطلّب سنوات للخروج منها، فتؤثّر بالتالي على حياته وكفاءته المعيشيّة.
 
 
وتدعو نادر إلى جعل الفتى يُعبّر عن نفسه كما يشاء، وبحريّة تامّة، سواء بالكلام أو الصراخ أو البكاء أو الرسم حتى، بحسب ما يفضلّ، ليُخرج كلّ ما لديه من مشاعر، وليتخطّى الصدمة، وليتابع حياته؛ فالأهمّ ألا تبقى هذه المشاعر في داخله، فتترك آثاراً خطيرة عليه، لا تزول مع مرور الزمن.
 
 
وبالرّغم ممّا لهذه الحادثة من وقع على الطفل والأهل والمجتمع، تُميّز نادر بين أثرها الطبيعي، وما يُمكن أن تُسبّبه من قلق، وما بين حالات الأشخاص الذين يعانون قلقاً دائماً على أطفالهم، بشكل يتحوّل إلى هواجس مستمرّة تؤثر على حياتهم وحياة من حولهم، وتسبّب خللاً نفسيّاً لهم.
 
في هذه الحالة، لا بدّ من التعامل بالشكل الصحيح مع هؤلاء الأشخاص ومعالجتهم بالشكل الصحيح. فالأهل الذين يعانون هذا النوع من القلق المرضيّ المبالغ فيه يؤثرون أيضاً على أطفالهم، فيكونون أيضاً من النوع القلِق المُفرط. ويجب أن يعي الأهل أن القلق لا يحمي الأطفال بل الوعي، الذي يمكن نقله إلى الطفل، ونقل المعلومات، واعتماد طرق التصرّف الصحيحة.
 
 
 
مع أهمية الحرص، كيف يُمكن تجنّب حالات القلق الزائدة التي يمكن أن تنشأ عن مواجهة حادثة من هذا النوع؟
 
بالرّغم من خطورة ما حصل ووقعه على المجتمع وضرورة الحرص تجنباً للخطر، تدعو نادر إلى أهميّة إدراك أن هذه الحوادث - وإن كانت موجودة وخطرة - لا تحصل بشكل متكرّر ويوميّ في حياتنا، ويجب ألّا تتحول إلى هاجس، وألّا يتمّ نقلها إلى الأطفال، خصوصاً أنه في لبنان تكثر الأزمات، التي تُسبّب الكثير من القلق على الأطفال بسبب الارتباك الحاصل مِن حولهم.
 
في المقابل، عملياً، ثمة إجراءات معيّنة يمكن أن تؤمّن الحماية بمزيد من الفاعلية بدلاً من القلق المبالغ فيه، وهي:
 
 
- حفظ أرقام القوى الأمنية للاتصال سريعاً في حال حصول أيّ طارئ.
 
 
- تعلّم الأساليب الصحيحة للدفاع عن النفس بالتدريب، سواء للكبار أو للأطفال، حتى يتصرّف المُستهدَف بالشكل الصحيح عند التعرّض لحوادث من هذا النوع، على أن يتمّ ذلك من دون تهويل، بما أن الخوف يُخفّف القوّة الجسديّة.
 
 
-المناعة النفسيّة تساعد على تخطّي الصدمات بشكل أفضل. ويجب العمل على تعزيزها عبر مقاومة الخوف الذي يخفّف أيضاً من القوّة النفسيّة والجسديّة. وهذا ينطبق أيضاً على الأهل، لأن الانهيار يُضعفهم أكثر.
 
ما العلامات التي تُشير إلى التعرض لصدمة؟
 
ثمّة علامات معيّنة يمكن أن تظهر، سواء لدى الطفل أو لدى الأهل، بعد حادثة معيّنة. يُمكن التغاضي عنها خلال الفترة الأولى، إنّما تجب استشارة اختصاصيّ في علم النّفس للحصول على المساعدة، إذا طالت المدّة لأكثر من شهر . علماً بأنّ أبرز العلامات التي يُمكن ملاحظتها هي الأحلام المزعجة، والشعور بخوف مستمرّ، والقلق، فهي تدلّ على أنّه ثمّة صدمة لم نقم بتخطّيها.

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم