الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لقاح "أسترازينيكا" وتقنية الفيروس الغدي الناقل... تخزينه سهل وكلفته رخيصة ونتائجه واعدة! (3)

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
كل ما يجب معرفته عن لقاح "أسترازينكا".
كل ما يجب معرفته عن لقاح "أسترازينكا".
A+ A-
هذا المقال هو جزء من سلسلة مقالات تعرّف القارئ تفصيلياً عن كل لقاح، قبيل البدء بوصول اللقاحات إلى لبنان.
تحتدّ المنافسة اليوم بعد بدء حملة تطعيم واسعة في بعض الدول، ويقف المواطن حائراً بين تعدد اللقاحات ومأمونيتها وفعاليتها وثمنها. عليك أن تفكر في كل شيء بالمنطق الطبي والعلمي، بطريقة التخزين وكلفته وآثاره الجانبية. وبين التسويق لهذا اللقاح أو ذاك والتجاذبات بين الدول، تفقد بوصلة الاختيار وتزداد حيرةً.
 
دول كثيرة اعتمدت في خيارها على لقاح معين دون سواه من منطلق سياسي- اقتصادي، وقد شقّ بعض اللقاحات طريقه إلى الدول العربية.
 
بالعودة إلى الجدل القائم، سؤال واحد نطرحه جميعاً: هل نتلقى اللقاح أم نتريث قليلاً؟ هل نختار الأميركي أو البريطاني أو الصيني؟ وتختلف وجهات النظر بحسب مُطلقيها، وتبقى القراءة العلمية لكل لقاح أفضل طريقة لفهمه من كثب ومعرفة نقاط قوته وضعفه.
 
اليوم سنسلط الضوء على "أسترازينكا/ أوكسفورد" بكل تفاصيله والمستجدات المتعلقة بالسلالات الجديدة، علاوة على الحديث عن اللقاحين الروسي و"جونسون أند جونسون" اللذين اعتمدا التقنية نفسها. 
 
يتحدث الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية الدكتور حسن زراقط لـ"النهار" عن لقاح "أسترازينكا" الذي يعتمد تقنية الفيروس الغدي الناقل (adenovirus او AdV)، شارحاً أنه "فيروس مخفف ومعدّل بطريقة لا تسمح له بالتكاثر بعد دخوله إلى جسم الإنسان. فبمجرد دخول الشيفرة الجينية للبروتين الشوكي الخاص بفيروس كورونا إلى الجسم تعطي هذه الشيفرة أمراً للخلايا لإنتاج البروتين الشوكي. يتعرّف جهاز المناعة لدينا إلى هذا البروتين الشوكي ويكوّن الأجسام المضادة أو تتعرف إليه الخلايا النائية المناعية التي تحارب الخلايا المصابة بالفيروس في المستقبل". 
 
بشكل عام، يُصاب الشخص بأنواع عدة من الفيروسات الغدية، ما يُفسرّ وجود مناعة على بعض انواعها فيما هناك فيروسات أخرى غدية غير شائعة. وعليه، اعتمدت الشركة على فيروسات غير شائعة بين البشر حتى لا يرفضها الجسم ويُعطلها عندما نتلقى اللقاح. هذا ما قامت به "أسترازينيكا" التي لجأت إلى استخدام نسخة مضعفة لا تستطيع التكاثر وغير ضارة من فيروس شائع في الشمبانزي ليكون الفيروس الناقل للشيفرة الوراثية للبروتين الشوكي".
 
 
 
ويستكمل زراقط قوله إن "في الدراسة الأخيرة التي نشرت عن "أسترازينيكا" أظهرت أن فاعلية اللقاح بعد أول جرعة تصل إلى 76% فيما تؤمن الجرعة الثانية منه فاعلية 82.4%. هذا اللقاح الذي حصل على ترخيص بريطانيا ومن ثم بعض دول الإتحاد الأوروبي كشف في أول دراسة نُشرت عن تباين وخطأ تقني أظهر فاعلية لنصف جرعة عن جرعة كاملة. وفي التفاصيل، أثناء هذه الدراسة السريرية على المتطوعين حصل خطأ تقني في الجرعة، حيث تلقت المجموعة الأولى نصف جرعة أولية في حين تلقت المجموعة الثانية الجرعة الأولى كاملة. نتيجة ذلك، تبين من طريق المصادفة أن الجرعة الجزئية الأولى ومن ثم الجرعة الثانية القياسية أدت إلى استجابة مناعية أفضل وفاعلية أكبر. 
 
ويشير إلى أن "هذه المجموعة التي أظهرت فاعلية أفضل كان عدد المتطوعين فيها أقل من المجموعة الأخرى التي تلقت الجرعة القياسية او الكاملة، وهذا ما دفع بالشركة إلى إعادة الدراسة في أميركا للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية، بينما استكملت باقي الدراسات القائمة في البرازيل وجنوب أفريقيا وبريطانيا وخلصت إلى النتائج التي تفيد بالحصول على فعالية 76% بعد الجرعة الأولى و82.4% بعد الجرعة الثانية. وكشفت أنه كلما طالت المدة الزمينة وصولا الى ثلاثة اشهر بين الجرعة الأولى والثانية تزيد فعالية اللقاح أكثر.
 
ولكن لماذا اختارت الشركة نسخة الشمبانزي لإنتاج اللقاح؟
 
يشرح زراقط أن "اختيار الشركة للفيروس الغدي الشمبانزي لأننا كبشر ليس لدينا مناعة ضد هذا الفيروس، وتالياً لن يُعطله جهازنا المناعي. ولكن يبدو أنه عند تلقي الجرعة الأولى كوّن الجسم مناعة ضد الفيروس الناقل، وعند حصولنا بعد فترة وجيرة على الجرعة الثانية يؤدي ذلك إلى انخفاض الفاعلية نتيجة تعطيل جسمنا له. هذا ما دفع شركة غمالايا الروسية إلى استخدام نوعين من الفيروس الناقل AdV5 و AdV26 في لقاح سبوتنك- في (Sputnik V)، كما شهدنا أيضاً على تعاون بين "أسترازينكا" وغمالايا لإستخدام الفيروس الغدي من الشمبانزي مع واحد من الفيروسات الغدية المستخدمة في لقاح "سبتونك- في".
 
 
نتائج إيجابية في منع العدوى
يضيف الباحث في علم الفيروسات والأمراض الوبائية أن من إيجابيات اللقاح أن "الشركة إطلعت في دراستها على مدى فاعلية الفيروس في منع انتقال العدوى في حال عدم ظهور الأعراض على الشخص. ووجدت الدراسة أن اللقاح يخفف الإصابة بالفيروس بنسبة 50% وبالتالي يُخفف خطر انتقال العدوى. مع ذلك، وكما نعلم أنه لمنع انتشار الفيروس في المجتمع والانتهاء من ارتداء الكمامة يجب أن يصل غالبية المجمتع إلى المناعة. 
 
إشكالية واحدة
ويشير زراقط إلى أن الإشكالية الوحيدة التي يواجهها لقاح استرازينكا يتمثل في عدم شمل عدد كافٍ من الأشخاص الذين هم فوق الـ55 في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، مع التنوبه أن المرحلة الثانية من التجارب السريرية أظهرت فاعلية ومأمونية في الاستجابة المناعية عند كبار السن. وهذا الجدل القائم اليوم في بعض الدول الأوروبية حول مدى فعالية هذا اللقاح على كبار السن. وعليه، ردت الشركة على هذه الانتقادات والجدل بأن اللجنة البريطانية المشتركة للتطعيم والتحصين تدعم تلقي كبار السن اللقاح، مشيرةً إلى أن تحاليل المسنين الذين شاركوا في تجارب اللقاح أظهرت استجابة مناعية قوية.
 
خصائص ومميزات لقاح استرازينكا
 
ميزة لقاح أسترازينكا أنه سهل التخزين وفق زراقط "إذ يمكن حفظه في الثلاجة في حرارة تراوح بين 2-8 ويمكن الاحتفاظ به لمدة 6 أشهر. 
أما الميزة الثانية فتكمن في سعره الرخيص حيث تبلغ كلفة الجرعة الواحدة ما يقارب 3-4 دولارات، ويعود ذلك إلى أن جامعة اوكسفورد التي طورت هذا اللقاح اتفقت مع الشركة في عدم وضع أرباح كثيرة على اللقاح خلال فترة الجائحة. إضافة إلى أن استرازينيكا هي جزء من مجموعة "كوفاكس"، وهذا ما سيتيح للدول الفقيرة والنامية فرصة تأمينه.
 
جرعتان من اللقاح
يؤخذ هذا اللقاح على جرعتين تفصل بينهما 3 أسابيع على الاقل.
 
 
لقاح سبونتيك – في الروسي (Sputnik V) لشركة غمالايا
 
يوضح زراقط أن "هذا اللقاح يعتمد على نوعين نادرين من الفيروس الغدي الناقل اللذين يصعب الإصابة بهما، وبالتالي لا خطر من انخفاض فاعلية اللقاح والمناعة بعد الحصول على الجرعة الثانية. علماً أن المدة الفاصلة بين الجرعتين تكون أقله 3 أسابيع. وبالإستناد إلى الدراسة التي نُشرت في مجلة the Lancet بلغت فعالية اللقاح 91.5%".
 
طريقة التخزين
يتشابه لقاح "سبوتنك في" مع لقاح استرازينيكا بطريقة التخزين، حيث يمكن تخزينه في الثلاجة بدرجة حرارة تراوح بين 2-8 درجات. أما سعره، فكلفة الجرعة الواحدة بحدود 10 دولارات تقريباً، ومع ذلك يعتبر أرخص من بعض اللقاحات الأخرى. 
كذلك لا تملك غمالايا إمكانيات التصنيع الضخمة كما هي الحال مع باقي الشركات المنتجة للقاحات. بالتالي لن تتمكن من تصنيع وانتاج كميات كبيرة على عكس شركات أخرى. 

لقاح جونسون أند جونسون (Johnson & Johnson's vaccine)
 
أما بالنسبة إلى لقاح "جونسون أند جونسون"، يؤكد زراقط أنه "يعتمد أيضاً على التقنية نفسها أي الفيروس الغدي الناقل رقم 26، وهي شبيهة بالجرعة الثانية من لقاح سبوتنيك. وبحسب النتائج الأولية التي نُشرت في بيان صحافي من الشركة (لم تنشر بعد في مجلة علمية) وصلت فاعلية الجرعة الأولى إلى 66% ضد الإصابة بـ "كوفيد 19" المتوسطة الى الحادة بشكل عام و%85 ضد الإصابة الحادة بالمرض. وقد اظهرت هذه الدراسة أن فاعلية اللقاح ضد الفيروس المتحور في جنوب أفريقيا متدنية نسبياً، حيث انخفضت الفعالية إلى 57% مقارنة مع 72% في الولايات المتحدة. مع التذكير ان هذا اللقاح يعتمد على جرعة واحدة فقط".
ويلفت إلى أنه "على رغم من أن الفاعلية ما زالت مقبولة ضد الفيروس المتحور إلا انها تدل أيضاً إلى أننا قد نحتاج إلى تعديل اللقاح مع مرور الوقت وتراكم اللقاحات. والمشكلة مع دراسات اللقاحات التي تعتمد على الفيروس الغدي الناقل أن كثرة استخدامها قد يؤدي إلى تخفيف فاعليتها. لأن استخدام بعض انواع الفيروسات الغدية الناقلة على نطاق واسع يؤدي إلى تكوين مناعة ضدها، الأمر الذي يؤدي إلى تخفيف فاعليتها على المدى الطويل.
 
تقنية الفيروس الغدي الناقل تاريخياً
 
يشدد زراقط على أن هذه التقنية يتم دراستها منذ عشرات السنين وذلك لتطوير لقاحات ضد فيروسات زيكا، الإيبولا، الانفلونزا وفيروس نقص المناعة ومرض السل ولكن لم يكن هناك استخدام لها على نطاق واسع حتى جائحة كوفيد 19".
 
التحدي الأكبر
 
يختم زراقط قائلاً: "يجب أن تكون حملة التطعيم واسعة حتى نستبق ونتفادى تطور الفيروس. نعلم جيداً أن الدول الفقيرة لا تملك الإمكانية لتطعيم سكانها بفترة زمنية قصيرة. كما أن الدول الغنية تحتاج إلى سنة على الاقل حتى تصل إلى تطعيم نسبة عالية من سكانها وتأمين المناعة الجماعية ضد الفيروس. وعليه، الحل اليوم هو في استمرار إلتزام المواطنين والمجتمع بأساليب واجراءات الوقاية من ارتداء كمامة وغسل اليدين والتباعد الاجتماعي تفادياً لكارثة صحية.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم