الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

شدّ حبال بين الاتحاد الأوروبي و"ميتا"... عملاق التواصل يصرّ على خرق خصوصية المستخدمين الأوروبيين؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
شعار "ميتا" (أ ف ب).
شعار "ميتا" (أ ف ب).
A+ A-
نفت شركة "ميتا" تهديدها بإغلاق "فايسبوك" و"إنستغرام" في أوروبا إذا لم تتمكّن من الاستمرار في نقل بيانات المستخدِم إلى الولايات المتحدة، بعد أن أكّد عملاق التواصل أنّه "إذا لم يتمّ اعتماد إطار عمل جديد لنقل البيانات عبر الأطلسي، ولم نتمكّن من الاستمرار في الاعتماد على البنود التعاقدية القياسية أو على وسائل بديلة أخرى لنقل البيانات، فمن المحتمل ألّا نكون قادرين على تقديم عدد من أهمّ منتجاتنا وخدماتنا، ممّا سيؤثر مادياً وسلبياً على أعمالنا ووضعنا المالي ونتائج عملياتنا".
 
وقد أثار هذا البيان حفيظة بعض المعنيّين في الاتحاد الأوروبي، على الرغم من نفي "ميتا" أن تكون هدّدت بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، إذ ليست المرة الأولى التي يدور فيها الجدل حول حماية بيانات وخصوصية المستخدمين ما بين شركات التكنولوجيا والاتحاد الأوروبي. ولهذه الغاية، أصدر الاتحاد الأوروبي اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، وهي لائحة في قانون الاتحاد الأوروبي بشأن حماية البيانات والخصوصية في الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية، وأصبحت قابلة للتنفيذ في 2018. 
 
وبحسب "يورونيوز"، كان بإمكان" ميتا" في السابق استخدام إطار عمل لنقل البيانات يُسمى Privacy Shield، كأساسٍ قانوني لإجراء عمليات نقل البيانات عبر المحيط الأطلسي. لكن محكمة العدل الأوروبية ألغت في تموز 2020 المعاهدة بسبب انتهاكات حماية البيانات. وأفادت أعلى سلطة قانونية في الكتلة، آنذاك، بأنّ المعيار المذكور لا يحمي بشكل كافٍ خصوصية المواطنين الأوروبيين.
 
نتيجة لذلك، تمّ تقييد الشركات الأميركية بإرسال بيانات المستخدِم الأوروبي إلى الولايات المتحدة، وكان عليها الاعتماد على SCC (البنود التعاقدية القياسية). وأعلن بذلك الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أنّهما يعملان على نسخة جديدة أو محدَّثة من المعاهدة.
 
شدّ حبال بين الاتحاد الأوروبي وشركة "ميتا"
 
في إطار ما سبق، يُطرَح تحذير عملاق التواصل أسئلة كثيرة حول الأطر والمعايير المطلوبة لنقل البيانات ومدى اختراقها لخصوصية البيانات. لماذا تطلب "ميتا" إطاراً جديداً لنقل البيانات إلى خوادمها في الولايات المتحدة؟ 
 
تستخدم "فايسبوك" مراكز لتحليل البيانات موجودة في الولايات المتحدة، وجميع بيانات مستخدمي "فايسبوك" حول العالم تصبّ في هذه المراكز. لكنّه في الفترة الماضية، ومع التقدّم الذي أحرزه الاتحاد الأوروبي، وضع الاتحاد قوانين أكثر صرامة لحماية بيانات مواطنيه. لكنّه حتى اليوم، يؤكّد خبير التحوّل الرقمي رامز القرا لـ"النهار"، أن لا قانون يمنع نقل البيانات من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، بالرغم من الحديث عن إمكانية سَنّ مثل هذا القانون، الذي - إن أُقرّ - سيشكّل مشكلة كبرى لشركة كبرى مثل "ميتا"، سواء من خلال اضطرارها إلى الانفاق على استثمار إضافي لمعالجة البيانات بشكل لا مركزيّ، ممّا قد يدفع بالعديد من الدول لأن تحذو حذو الاتحاد الأوروبي. 
 
إلى جانب ما قد يحوّل شركة "فايسبوك" إلى ما يُشبه الـ"جزر" بحسب تعبير القرا، أي تفكّكها، حيث لا يمكن أن تقدّم إعلانات موجَّهة سوى في كلّ بقعة من بقاع الأرض بشكل مستقلّ. بالتالي، فإنّ تسويق منتَج أوروبي مثلاً في أيّ بلد خارج الاتحاد الأوروبيّ سيكون صعباً، لأنّه لا يمكن تقديم إعلانات موجَّهة، وهذه مشكلة كبيرة لـ"فايسبوك" وتهدّد وجودها كشركة عملاقة. 
 
هذا ما دفع "ميتا" إلى التحذير من توقّف "فايسبوك" و"إنستغرام" في الاتحاد الأوروبي. لكن الأمر عبارة عن "شدّ حبال" بين الاتحاد الأوروبي وشركة "ميتا"، لأنّ الانسحاب من الاتحاد ضرر للطرفين - برأي القرا - لوجود آلاف الشركات في الاتحاد الأوروبي تعتمد على هذه المنصّات لتسويق منتجاتها، في الوقت الذي تجني "فايسبوك" أرباحاً تفوق الـ7 مليارات دولار من إعلانات المنصّة في الاتحاد الأوروبي، سنوياً. لذلك، فإنّ الطرفين يرفعان سقف المفاوضات للتوصّل إلى تفاهم يُرضيهما.
 
ويسعى الاتحاد الأوروبي إلى الحصول على دور مراقِب لمعالجة البيانات وتحليلها في الاتحاد الأوروبيّ وليس في الخارج، حفاظاً على خصوصيّة بيانات مواطنيه؛ وهذا الأمر غير موجود اليوم، وهو ما يُطالب به وترفضه "فايسبوك".   
 
وفي وقت تحذّر "ميتا" من أنّ عدم المصادقة على اتفاقية جديدة لنقل البيانات يجعل من تقديم منتجات "فايسبوك" وإنستغرام" أمراً صعباً، يشرح القرا بأنّ منتجات "فايسبوك" هي الإعلانات بشكل أساسيّ، وإذا ما مُنع نقل البيانات بالشكل الذي تريده "فايسبوك"، فستكون الشركة غير قادرة على معالجة البيانات بشكلٍ جيّد يُناسبها، وبالتالي لن تستطيع تقديم إعلانات موجَّهة. إذاً، لن يحصل مواطنو الاتحاد الأوروبي على إعلانات تناسب اهتماماتهم، ممّا يؤدّي إلى تراجع خدمات "فايسبوك" وانخفاض قيمتها. هذا الأمر أيضاً يشكّل مشكلة كبيرة لـ"فايسبوك". 
 
ما موقف الاتحاد الأوروبي من تحذير "ميتا"؟
 
تعمل الجهات التنظيميّة في أوروبا حالياً على وضع تشريعات جديدة من شأنها تحديد كيفية نقل "بيانات المستخدِم" الخاصّة بمواطني الاتحاد الأوروبي إلى أميركا، وقال النائب الأوروبي أكسل فوس عبر "تويتر"، إنّه "لا يمكن لـ"ميتا" ابتزاز الاتحاد الأوروبي فقط للتخلّي عن معايير حماية البيانات الخاصّة به"، مضيفاً أنّ "مغادرة الاتحاد الأوروبي ستكون خسارة لهم". وبحسب ما نقل موقع "يورونيوز"، رحّب المشرّعون الأوروبيّون باحتمال خروج "ميتا" من سوق الاتحاد الأوروبي، تبعاً لما أفاد به موقع "إن غادجت". 
 
وأشارت "ميتا" إلى أنّ نشاطها ليس الوحيد الذي يواجه خطر الإيقاف في حال لم تصل جميع الأطراف إلى اتفاق، موضحةً أنّ 70 شركة أخرى على الأقلّ أعربت عن مخاوف مماثلة، مشيرة إلى أنّها "تريد حماية الحقوق الأساسية لمستخدمي الاتحاد الأوروبي.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم