يبقى السؤال الأهم الذي يشغل الجميع، هو: هل يستمر التصعيد في الجبهة الجنوبية وصولًا إلى حرب موسعة؟ بيد أنه ليس ثمة إجابة سهلة أو جازمة له، رغم توفر الكثير من المعطيات.
لبنان ما زال حتى الساعة يلملم جراح الأزمة الاقتصادية والمالية التي أصابته منذ عام 2019 والتي تسببت بفقدان الليرة اللبنانية لأكثر من 90% من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، مع عدم قدرة المودعين الذين إدخروا أموالهم في المصارف على سحبها لعدم توافر العملة الصعبة، ليترافق ذلك مع انهيار كبير في مستوى الخدمات المقدمة في البلاد، في حين تجمع آراء الخبراء الاقتصاديين والماليين على أنّ لبنان لا يملك في الوقت الراهن أياً من مقومات الصمود التي تحمل التداعيات الكارثية لحرب واسعة النطاق على أراضيه.
أما على الصعيد الميداني الذي تشهده المنطقة الحدودية بين لبنان والكيان المحتل ما يسمى (إسرائيل) فإنه يعكس مدى هشاشة الوضع بين البلدين، حيث تُنذر المؤشرات السلبية المتتالية، بأن الحال بين الجانبين باتت قاب قوسين من الانفجار الكبير، مع احتمال انزلاق الأمور إلى مواجهات عسكرية تشمل مختلف الأراضي اللبنانية.
يبقى السؤال الأهم الذي يشغل الجميع، هو: هل يستمر التصعيد في الجبهة الجنوبية وصولًا إلى حرب موسعة؟ بيد أنه ليس ثمة إجابة سهلة أو جازمة له، رغم توفر الكثير من المعطيات.
في المقام الأول، ليس هناك مصلحة واضحة لأي من الطرفين: الاحتلال و"حزب الله"، في حرب واسعة. فالأخير أعلن من البداية عن جبهة إسناد لغزة، وعبّر أكثر من مرة عن عدم رغبته في حرب موسعة، والداخل اللبناني لا يساعده على اتخاذ قرار من هذا القبيل من حيث الأزمة الاقتصادية والانقسام السياسي. يضاف إلى كل ذلك أن الوضع الحالي في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة لمصلحته إلى حدّ كبير، رغم ما تكبّده من خسائر وقدّمه من تضحيات، حيث عدّلت قواعد الاشتباك وهُجِّرَ المستوطنون من الشمال، وطوّر هو من جاهزيته لأي سيناريوات مستقبلية.
في الجهة المقابلة، لم يحقق الاحتلال في قطاع غزة أيًا من الأهداف الكبيرة التي أعلنها للحرب، باستثناء المقتلة في المدنيين، وتحويل القطاع لمكان غير صالح للحياة الآدمية. ورغم أن بعض التقارير تدّعي أن جيش الاحتلال قد يعلن قريبًا عن انتهاء العمليات العسكرية في رفح والانتصار على كتائب القسام وباقي فصائل المقاومة، فإن ذلك لن يتخطى حدود البروباغندا، ولن يقنع أحدًا بالانتصار. فإذا أضيف هذا للضغوط التي تواجهها حكومة نتنياهو داخليًا وخارجيًا، وحسابات الحرب المختلفة مع الحزب عن غزة وخسائرها ومآلاتها المحتملة، يصبح قرار من هذا القبيل مغامرة كبيرة.
وقد أكد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير على هذا المعنى؛ أي أنه لا يريد الحرب، لكنه مستعد لها، وأنها إن وقعت ستكون "بلا ضوابط ولا قواعد ولا سقوف"؛ ما يعني أن هذه الخطوات: التصعيد وفيديو الهدهد والخطاب، هي محاولات جادة من الحزب لتجنب سيناريو الحرب الموسعة، والتأكيد على أنها إن وقعت ستكون مختلفة عما سبقها، بما في ذلك حرب 2006.
ومن جهة أخرى، فإن للاحتلال أولوية واضحة بإعادة الهدوء والمستوطنين إلى الشمال، وهذا غير ممكن دون وقف التصعيد الذي يعلن حزب الله أنه لن يحصل إلا بوقف العدوان على غزة. كما أن حكومة نتنياهو ترى أن الأجواء الحالية موائمة لـ "تخليص الحساب" مع "حزب الله"، رغم الضغوط المشار إليها، حيث إن ما تكبده في العدوان يصعّب عليه إطلاق حرب أخرى مستقبلًا، ما يدفعه لفعل كل ما يريده دفعة واحدة ومواجهة هذه الضغوط: (السياسية والاقتصادية والقانونية والرأي العام) مرة واحدة.
الأهم من كل ما سبق أن الحرب لا تقوم دائمًا على أسباب منطقية ومصالح جوهرية، بل قد يكون العكس هو ما يحصل، كما حدث مع الاحتلال مرارًا في هذه الحرب. فعدوان واسع على لبنان قد يشكّل فرصة لنتنياهو – وحكومته – للهروب إلى الأمام بعد الإخفاق العسكري في غزة، وأنه غير راضٍ عن قواعد الاشتباك الجديدة في جبهة الشمال، وأنه يريد أن ينتقم للمستوطنين المهجّرين كي يستطيع إقناعهم بالعودة.
لذلك، في الخلاصة، فاحتمالات توسّع المواجهة بين الاحتلال وحزب الله كبيرة وتصاعدت مؤخرًا بشكل ملحوظ. وبالتالي يمكن فهم رسائل الأخير المتكررة في إطار الضغط باتجاه منع الحرب من خلال توضيح كلفتها الضخمة على الاحتلال.
نظريًا، أمام التطورات الحالية ثلاثة مسارات أساسية: إما الاستمرار بالوتيرة الحالية، أو انتهاء التصعيد (باتفاق أو بدونه)، أو توسيع الحرب. ولأن الاستمرار بنفس وتيرة التصعيد وخسائرها للطرفَين ليس منطقيًا على المدى البعيد، قد يكون إعلان وقف إطلاق النار في غزة مخرجًا محتملًا، إذ طالما ردّد الحزب أن إيقافه الاشتباك مرهونٌ بوقف الحرب على غزة. بيد أن ذلك، أي وقف التصعيد في جبهة الجنوب دون اتفاق واضح مع الحزب يعيد تأطير قواعد الاشتباك، لن يكون مقبولًا "إسرائيليًا".
لذلك، من المتوقع أن يزداد الضغط الأميركي للتوصل لتفاهمٍ ما بين لبنان و"إسرائيل" مع توقف العدوان على غزة، لكنه مسار محفوف بالمخاطر وغير مضمون النتائج، ما يبقي توسع الحرب احتمالًا حقيقيًا – وربما يكون حتميًا من زاوية نظر "إسرائيلية" – حتى على المدى البعيد.
بهذا الفهم، يمكن وضع التهديدات "الإسرائيلية" والتصريحات الأميركية بخصوص احتمال الحرب على لبنان والدعم الأميركي المتوقع للاحتلال فيها، في إطار الضغط على "حزب الله" والتفاوض الساخن معه؛ لدفعه دفعًا نحو اتفاق أقرب للشروط "الإسرائيلية".
لكلّ ما سبق، تبقى كل الخيارات مفتوحة في ما يتعلّق بالمواجهة بين الحزب والاحتلال، لكن استمرار الوضع الحالي ليس منطقيًا. تأجيل العدوان على لبنان شهورًا لحين الانتهاء من حرب غزة والتفرغ أكثر لـ"حزب الله" يبدو منطقيًا وَفق المعطيات الحالية. لكن شنّ عملية عسكرية محدودة ضد "حزب الله" ولبنان بغية التوصل لاتفاقٍ ما هو الخيار الأرجح اليوم بالنسبة لنتنياهو، وبالتالي السيناريو الأوفر حظًا واقعيًا، مع بقاء عدد من الأسئلة التي تنتظر إجاباتها، وتحديدًا التوقيت والكلف والنتائج والتداعيات.
أما على الصعيد الميداني الذي تشهده المنطقة الحدودية بين لبنان والكيان المحتل ما يسمى (إسرائيل) فإنه يعكس مدى هشاشة الوضع بين البلدين، حيث تُنذر المؤشرات السلبية المتتالية، بأن الحال بين الجانبين باتت قاب قوسين من الانفجار الكبير، مع احتمال انزلاق الأمور إلى مواجهات عسكرية تشمل مختلف الأراضي اللبنانية.
يبقى السؤال الأهم الذي يشغل الجميع، هو: هل يستمر التصعيد في الجبهة الجنوبية وصولًا إلى حرب موسعة؟ بيد أنه ليس ثمة إجابة سهلة أو جازمة له، رغم توفر الكثير من المعطيات.
في المقام الأول، ليس هناك مصلحة واضحة لأي من الطرفين: الاحتلال و"حزب الله"، في حرب واسعة. فالأخير أعلن من البداية عن جبهة إسناد لغزة، وعبّر أكثر من مرة عن عدم رغبته في حرب موسعة، والداخل اللبناني لا يساعده على اتخاذ قرار من هذا القبيل من حيث الأزمة الاقتصادية والانقسام السياسي. يضاف إلى كل ذلك أن الوضع الحالي في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة لمصلحته إلى حدّ كبير، رغم ما تكبّده من خسائر وقدّمه من تضحيات، حيث عدّلت قواعد الاشتباك وهُجِّرَ المستوطنون من الشمال، وطوّر هو من جاهزيته لأي سيناريوات مستقبلية.
في الجهة المقابلة، لم يحقق الاحتلال في قطاع غزة أيًا من الأهداف الكبيرة التي أعلنها للحرب، باستثناء المقتلة في المدنيين، وتحويل القطاع لمكان غير صالح للحياة الآدمية. ورغم أن بعض التقارير تدّعي أن جيش الاحتلال قد يعلن قريبًا عن انتهاء العمليات العسكرية في رفح والانتصار على كتائب القسام وباقي فصائل المقاومة، فإن ذلك لن يتخطى حدود البروباغندا، ولن يقنع أحدًا بالانتصار. فإذا أضيف هذا للضغوط التي تواجهها حكومة نتنياهو داخليًا وخارجيًا، وحسابات الحرب المختلفة مع الحزب عن غزة وخسائرها ومآلاتها المحتملة، يصبح قرار من هذا القبيل مغامرة كبيرة.
وقد أكد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير على هذا المعنى؛ أي أنه لا يريد الحرب، لكنه مستعد لها، وأنها إن وقعت ستكون "بلا ضوابط ولا قواعد ولا سقوف"؛ ما يعني أن هذه الخطوات: التصعيد وفيديو الهدهد والخطاب، هي محاولات جادة من الحزب لتجنب سيناريو الحرب الموسعة، والتأكيد على أنها إن وقعت ستكون مختلفة عما سبقها، بما في ذلك حرب 2006.
ومن جهة أخرى، فإن للاحتلال أولوية واضحة بإعادة الهدوء والمستوطنين إلى الشمال، وهذا غير ممكن دون وقف التصعيد الذي يعلن حزب الله أنه لن يحصل إلا بوقف العدوان على غزة. كما أن حكومة نتنياهو ترى أن الأجواء الحالية موائمة لـ "تخليص الحساب" مع "حزب الله"، رغم الضغوط المشار إليها، حيث إن ما تكبده في العدوان يصعّب عليه إطلاق حرب أخرى مستقبلًا، ما يدفعه لفعل كل ما يريده دفعة واحدة ومواجهة هذه الضغوط: (السياسية والاقتصادية والقانونية والرأي العام) مرة واحدة.
الأهم من كل ما سبق أن الحرب لا تقوم دائمًا على أسباب منطقية ومصالح جوهرية، بل قد يكون العكس هو ما يحصل، كما حدث مع الاحتلال مرارًا في هذه الحرب. فعدوان واسع على لبنان قد يشكّل فرصة لنتنياهو – وحكومته – للهروب إلى الأمام بعد الإخفاق العسكري في غزة، وأنه غير راضٍ عن قواعد الاشتباك الجديدة في جبهة الشمال، وأنه يريد أن ينتقم للمستوطنين المهجّرين كي يستطيع إقناعهم بالعودة.
لذلك، في الخلاصة، فاحتمالات توسّع المواجهة بين الاحتلال وحزب الله كبيرة وتصاعدت مؤخرًا بشكل ملحوظ. وبالتالي يمكن فهم رسائل الأخير المتكررة في إطار الضغط باتجاه منع الحرب من خلال توضيح كلفتها الضخمة على الاحتلال.
نظريًا، أمام التطورات الحالية ثلاثة مسارات أساسية: إما الاستمرار بالوتيرة الحالية، أو انتهاء التصعيد (باتفاق أو بدونه)، أو توسيع الحرب. ولأن الاستمرار بنفس وتيرة التصعيد وخسائرها للطرفَين ليس منطقيًا على المدى البعيد، قد يكون إعلان وقف إطلاق النار في غزة مخرجًا محتملًا، إذ طالما ردّد الحزب أن إيقافه الاشتباك مرهونٌ بوقف الحرب على غزة. بيد أن ذلك، أي وقف التصعيد في جبهة الجنوب دون اتفاق واضح مع الحزب يعيد تأطير قواعد الاشتباك، لن يكون مقبولًا "إسرائيليًا".
لذلك، من المتوقع أن يزداد الضغط الأميركي للتوصل لتفاهمٍ ما بين لبنان و"إسرائيل" مع توقف العدوان على غزة، لكنه مسار محفوف بالمخاطر وغير مضمون النتائج، ما يبقي توسع الحرب احتمالًا حقيقيًا – وربما يكون حتميًا من زاوية نظر "إسرائيلية" – حتى على المدى البعيد.
بهذا الفهم، يمكن وضع التهديدات "الإسرائيلية" والتصريحات الأميركية بخصوص احتمال الحرب على لبنان والدعم الأميركي المتوقع للاحتلال فيها، في إطار الضغط على "حزب الله" والتفاوض الساخن معه؛ لدفعه دفعًا نحو اتفاق أقرب للشروط "الإسرائيلية".
لكلّ ما سبق، تبقى كل الخيارات مفتوحة في ما يتعلّق بالمواجهة بين الحزب والاحتلال، لكن استمرار الوضع الحالي ليس منطقيًا. تأجيل العدوان على لبنان شهورًا لحين الانتهاء من حرب غزة والتفرغ أكثر لـ"حزب الله" يبدو منطقيًا وَفق المعطيات الحالية. لكن شنّ عملية عسكرية محدودة ضد "حزب الله" ولبنان بغية التوصل لاتفاقٍ ما هو الخيار الأرجح اليوم بالنسبة لنتنياهو، وبالتالي السيناريو الأوفر حظًا واقعيًا، مع بقاء عدد من الأسئلة التي تنتظر إجاباتها، وتحديدًا التوقيت والكلف والنتائج والتداعيات.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
اقتصاد وأعمال
12/5/2025 9:26:00 AM
جدول جديد لأسعار المحروقات
العالم العربي
12/7/2025 2:40:00 PM
ضابط سوري سابق: "بدا الأمر كأنه معدّ مسبقاً. لكنه كان مفاجئاً لنا. كنّا نعرف أن الأمور ليست على ما يرام، لكن ليس إلى هذا الحد"...
سياسة
12/7/2025 9:18:00 AM
"يديعوت أحرونوت": منذ مؤتمر مدريد في أوائل التسعينيات، لم يتواصل الدبلوماسيون الإسرائيليون واللبنانيون مباشرةً
سياسة
12/7/2025 12:00:00 PM
الأسلحة الأميركية للجيش تشمل مركبات وأسلحة متوسطة دفاعية لا هجومية ضمن المساعدات الدورية...
نبض