إنه آت

بالرغم من كلّ أخطائنا آت. بالرغم من كلّ عذاب يصيبه كل يوم، بل كل ساعة، بسبب خطايانا وشهواتنا وكفرنا وظلمنا للآخر، هو آتٍ.
لماذا تحبنا لهذه الدرجة يا إلهي؟ أنت من ضحّى بنفسه لأجل خلاصنا، وتحمّل، وما زال يعاني ويصبر على آثامنا المميتة التي تصيبه بآلاف الطعنات كلّ يوم، فنجلب له الوجع والأحزان من تصرفاتنا وأفعالنا الرخيصة التي تجعله ينزف من العذاب والإهانات له! وبالرغم من كلّ هذا فهو آت إلينا ليخلّصنا ويحضننا.
في هذا الشهر المميّز، تتحتضر الخليقة بفرح لاستقبال المولود الجديد. هو الملك المخلّص لأرواحنا من قيود الشر؛ هو المنقذ الوحيد لنا من ظلمة الموت، وهو نبع الحياة الأبدية التي ستروي روحنا للأبد؛ هو طريق الحق والحقيقة. وإن سرنا على خطاه فلن نهلك أبداً، بل سيسطع نور الخلاص أمامنا، وسيرشدنا إلى ملكوت أبيه السماوي الذي سيحضننا بين ذراعيه.
ملك المجد آتٍ في تواضعه إلى هذا العالم، سيولد في مزود، في مغارة بيت لحم، لا في القصور والفنادق الفخمة. وسيزوره الجميع ليتبارك من ضياء روحه ويشعر بأهمية الإنسان الذي خلقه الله في أعماقه. سيكشف عن أعيننا غشاء التزلّف والبغض والشهوات الرخيصة، ليجعلنا نرى سناه، فندرك قيمة ذواتنا وأهمية المحبّة والطهارة والإيمان، فنغدوا أقوياء لا نهاب الشرّ، ولا نقلق من أتباعه؛ فنحن أبناء النور، وقيمة ذواتنا في ما نملكه من القيم والإيمان والأخلاق، وغير ذلك هو رخيص زائل لا أهمية له.
تعالَ إلينا يا طفل المغارة، فقد تاقت أرواحنا للخلاص، وذابت أجسادنا من العذاب والألم ومن ظلم الطغاة والإقطاعيين الذين تكاثرت أعدادهم في أيامنا، وجعلوا من الإنسان عبداً لهم، واغتالوا البراءة والرحمة والكرامة في قلوب البشر حتى غدا أطفالنا مجرد سلع تجارية يستغلّونها ليكسبوا المال.
تعالَ إلينا، واطرد الباعة والصيارفة والوحوش من حياتنا اليومية، فنحن بحاجة ماسّة إليك سيّدي!