الأديان والحقيقة

"الله اكتشافٌ وليس اختراعًا" (خليل رامز سركيس)الإنسان يبقى على مدى عمره يبحث عن الحقيقة. وهذا البحث يندرج ضمن ما يُقدِّمه له الدين من حقائقَ متعدِّدةٍ تشمل مختلفَ نواحي الوجود. لكنّ هذه الحقائق المتعدِّدة هي من جهةٍ حقائقُ نسبيّةٌ لا تروي غليلَ الإنسان الذي يريد الوصولَ إلى الحقيقة المطلقة. والإنسان من جهةٍ أُخرى كائنٌ محدودٌ، والمحدودُ لا يمكنه الوصولُ إلى المطلَق. لكن ما يكتشفه الإنسان عندما يدخل إلى أعماق ذاته، هو أنّ محدوديَّتَه تُشير إلى وجود المطلَق غير المحدود. فالله، الذي هو المطلَق غير المحدود، هو الذي يوحي بذاته للإنسان. ذلك بأنّ الله ليس اختراعًا يستنبطه الإنسان، بل هو اكتشافٌ لما يوحي به الله للإنسان. لكنّ الإنسان، بتقبُّله هذا الوحي، يتقبَّله انطلاقًا من محدوديّة فكره، ويعبِّر عنه بحسب إمكانات فهمه لما يتجاوز عقلَه. لذلك يأتي كلُّ تعبيرٍ بشريٍّ عن الوحي الإلهيِّ تعبيرًا ناقصًا محدودًا. من هنا فإذا كان الله المُطلَق واحدًا، إذ لا يمكن أن يكونَ هناك مُطلَقان، وإذا كانت الحقيقة المطلَقَة واحدة، إذ لا يمكن أن تكون ثَمَّة حقيقتان مُطلَقتان، فالأديان تتعدَّد بحسب تعدُّد...