تمهّلي في انتقالك إليّ يا حبيبتي، لتكوني جاذبّيتي لن تكوني... فأنا اكتملت منذ قرون وكواكبي حولي تدور منذ أن أغلقت ذاتي على وجودها. تمهّلي في عبورك الدامي... فلم ينفع ارتكابُكِ وبذْلُكِ الوجود ذاته. مررت لأوقد الحياة في مدفأتي... ولأشرب من بؤرة الموت، ولن أموت على هواك... يا إلهتي.. يا ملاكي... حسبت النور ضوء الظلام، فوجدت الظلام عتمة النور. علمت أنّ الظلام دائم والنور طارئ. فلمَ يعيد الغياب حياكة العتم كلّ يوم؟ يا إلهتي.. يا ملاكي... تمهّلي في انتقالك إليّ يا نوري المظلم. وكَونِي أعمى حُبس نوري في ظلمة علّ الحركة تهرب من وجودي... وعشت التناقض، فهربتُ من وجود عينيّ وبتّ في السمع. تمهّلي في انتقالك إليّ فأنا أعمى وأصوات الحركة أغلقت طاقات أذنيّ. أنا مُقفل الحواس يا ملاكي مُقفل الحواس... حواسي معلّقة في شبحي الهارب منّي ومن ذاته... تمهّلي... سيلتهمني عبورك السريع كالضوء البطيء... سألتَهِمُ ذاتي لأتخلّص من عبورك... تمهّلي... تمهّلي يا إلهتي.. يا حبيبتي.. يا ملاكي...
(ومرّت قرون)
يفيض الضوء من ثقب بعيد يشوّه وجه العدم. الثقبُ بعيد بعيد لا يصل شيء إليه ولا يخرج منه إلاّ الضوء. ضوء خارج ببطء ثقيل، يفيض ببطء ثقيل كما يفيض صمت الظلام في كوكب الأرض الشاحب... الأرض خرجت عن مداري... ضاعت في دهاليز الكون.. وأنا بين الأرض الضائعة والسماء مادّةٌ عابرةٌ دون وصول.