المركز والأطراف
Smaller Bigger
عند وصول الأوروبيين إلى قارة أميركا ازداد الرأسمال لديهم نتيجة تملّكهم للأراضي الأميركية ما أدى إلى ارتفاع في القدرة الشرائية وبالتالي زيادة الطلب على الاستهلاك وصولاً إلى نشوء الثورة الصناعية في بريطانيا سنة ١٧٦٠.
بعد الثورة أصبحت الدول الأوروبية صناعيةً تعمل على تصدير منتجاتها لباقي دول العالم فتطورت أكثر فأكثر. وبالتالي أصبح لدينا دول صناعية متقدمة ودول استهلاكية نامية، ما أدى إلى ظهور التبعية المالية.
كانت الدول النامية تستورد من الدول الأوروبية أحدث الصناعات، وهذا ولّد التبعية الصناعية، وكانت الفاتورة كبيرة. ولتغطية هذه الفاتورة حينها قامت الدول النامية بالزراعة النقدية. تكمن هذه العملية بزراعة كل ما لا تقدر الدول الصناعية زراعته ومن ثم تصديره إليها. ولكن إيرادات الزراعة النقدية لا تكفي لتسديد كامل الفاتورة فتستدين الدول النامية من الدول الصناعية أموالاً لدفع باقي الفاتورة، وحينها يصبح لدينا تبعية مالية.
ولسد الفجوة بين الدول الصناعية والدول النامية، ظهرت ثلاثة تيارات:
التيار الأول يقول بأن الفرق بين الدول النامية والصناعية هو تأخر زمني ليس إلا، ولو حصلت على منتج صناعي واحد ستصبح دولاً صناعية متقدمة. والتيار الثاني يقول بأن هناك عملية سرقة للمواد الأولية من قبل الدول الصناعية (التي هي دول المركز) للدول النامية (التي هي الأطراف)، وإنها تستخدم الدول النامية سوقاً لتصريف الإنتاج بالإضافة إلى مصدر للمواد الأولية، والتيار الثالث يجمع أفكار كل من التيارين أي يعتبر أن هناك تأخراً زمنياً بالإضافة إلى السرقة.
عندها نطرح السؤال التالي: هل يسمح المركز بتطور الأطراف أم لا؟
الإجابة هي طبعاً لا. لأنه إذا عمل المركز على تطوير الأطراف سيُحرم من مصدر للمواد الأولية بسعر منخفض بالإضافة إلى تقلص سوق تصريف الإنتاج. أي إذا قامت دول المركز بتطوير الأطراف يُتلف النظام الإقتصادي العالمي لأنه نظام يقوم على مبدأ، كما قال جون زيجلر في كتاب إمبراطورية العار، "الدول المتقدمة تبقى في الأعلى والدول النامية تبقى في الأسفل".
وهنا أيضاً نطرح الفكرة التالية: هل إذا قامت الدول النامية باستيراد مصنع من الدول المتقدمة تصبح متقدمة؟
إذا قامت الدول النامية بذلك فلن تنجح في إدارة هذا المصنع لتنافس فيه الدول المتطورة في التجارة الدولية لأنه عندها ستكون الدول المتقدمة على علم بالخيارات التي يمكن أن ينافسها بها مستوردُ مصنعها وستعلم كيف ترد على منافستها، هذا ما يسمى بـ "نظرية اللعبة".
لذا، على الدول النامية، عوض استيراد مصنع، تطوير مهارات اليد العاملة لديها من خلال تطوير مستوى التنمية أيّ تنمية الموارد البشرية من خلال تطوير المناهج التعليمية لتتناسب مع المنافسة الخارجية، وأيضاً يمكن تطوير مراكز البحوث والإنماء لإعطاء إنتاجية أفضل وفتح سوق للمنافسة. كما يجب العمل على تطوير التنمية المستدامة أيّ التنمية على المدى الطويل وتنمية وتحضير وتهيئة الأجيال المقبلة لما ينتظرهم من منافسات دولية.

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/24/2025 6:56:00 AM
أثار الفيديو المتداول موجة من الغضب بين رواد مواقع التواصل
اسرائيليات 10/24/2025 1:25:00 AM
لفت إلى أن "نتنياهو يسير على حبل رفيع مع ترامب".
سياسة 10/22/2025 8:06:00 PM
تحليل تقني يحذّر من إمكانات الدرونات التي تُحلّق فوق بيروت