الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مأساة الوطن… "اخلاق"

المصدر: النهار - ليليان خوري
يتخطّى الدولار عتبة الثلاثين ألف ليرة لبنانية؛ وإذا صدق المنظّرون فهو قابلٌ للارتفاع أكثر
يتخطّى الدولار عتبة الثلاثين ألف ليرة لبنانية؛ وإذا صدق المنظّرون فهو قابلٌ للارتفاع أكثر
A+ A-
يتخطّى الدولار عتبة الثلاثين ألف ليرة لبنانية؛ وإذا صدق المنظّرون فهو قابلٌ للارتفاع أكثر، ممّا يدلّ على أن أسعار السلع في مختلف القطاعات قابلة أيضاً للصعود، وأن الغلاء سيقفز أضعاف أضعاف مستوى سعر الصرف.
من المسلّم به أن هناك منظومة سياسية ومالية متجانسة ولصيقة عملت على نهب الدولة ومقدّراتها، وعلى سرقة جنى وتعب الشعب اللبناني بأكمله، من دون أيّ تمييز بين مكوّناته لجهة الطائفة أو المنطقة؛ فيكفي أن تكون من البسطاء الذين صدّقوا أن الليرة بخير كي تصنّف من فئة المودعين البريئين، الذين ضُحِك عليهم، فسمحت الدولة والمصارف لنفسها بالقبض على ودائعهم، وخسّرتهم بذلك الأمان والاستقرار وهناء العيش.
مع وقوع لبنان في أزمته الاقتصادية والمالية، أصبح من البديهي القول إننا في مواجهة زمرة سياسية جشعة، قليلة الحياء، فاقدةً للضمير، مدعومة بمجموعة من إعلاميين مرتهنين لها، تُشكّل بوقاً دائماً يخدم مصالحها، يعتاشون منها، ويغطّون بالتالي فسادها وصفقاتها.
لقد عرّت هذه المحنة معادن الناس، وبيّنت المزيّف منهم من الأصيل. فكم من قريبٍ سقط مع تدني مستوى العملة، وأظهر رُخصاً وجشعاً وحقارةً؟ وكم من بعيدٍ أبدى شهامةً وقناعةً وتحسّساً بحال الآخرين، الذين دخلت الأغلبية السّاحقة منهم تحت عتبة الفقر المدقع.
بيّنت الأزمة الآنية أنها ليست مشكلة اقتصادية فحسب بل محنة أخلاقية أيضاً، تمدّدت إلى مختلف المؤسّسات العامّة والخاصّة.
وتبيّن أن الشاطر "بشطارته" في هذا البلد، والكلّ يبحث عن فريسة كي يصطادها، وعن "آدامي" كي يسلبه ماله بالحنكة والتحايل والتذاكي.
مع حملة "أهلا بهالطلة"، التي أنعشت حال البلد، ولو قليلاً، والقطاع السياحي خصوصاً، وجدت بعض المطاعم فرصة للربح غير العادي، الذي يفوق قدرة أيّ راغب في الخروج يوم العيد إلى مطعمٍ لتناول الغداء مع عائلته، بعد أن اصبحت تكلفة الخروج من المنزل باهظة، تغلب رغبة ربّ العائلة للتمتّع وأفراد عائلته ولو مرّة في السنة.
تصل إلى المطعم وأنت تمنّي النفس بقضاءٍ وقت جميلٍ ترتاح فيه من الهموم ومن متاعب البلد، فتختار من قائمة الطعام ما تريد، تبعاً لذوقك في الأكل، وتماشياً مع ما تيسَّرَ في محفظتك، ووفقاً للأسعار المدونة بقلم الرصاص على اللائحة القابلة للتعديل والتغيير حسب أهواء صاحب المطعم، وفي الوقت الذي يريد، إذ يتبيّن للعائلة الكريمة، التي "خاطرت" بالخروج يوماً من منزلها لتناول الطعام خارجاً، أن الاسعار المدوّنة على اللائحة ليست الأسعار نفسها في الفاتورة عند الحساب. وحين تُشَجّع نفسك للاستفسار عن هذا اللغز يجاوبك النادل عذراً لم يتسنَّ لنا تبديل الأسعار الآن، ممّا يعني أن تكلفة الحساب ستزداد أكثر فأكثر على كلّ عائلة، لأن صاحب المقهى ارتأى أن يرفع الأسعار بعد أن اطمأن إلى أن الزبون طلب ما يريد... "يعني بالعربي المشبرح سرقة بشرف".
فبربكم كيف يتعافى وطنٌ، معظم ساسته فاسدون، ومعظم شعبه جشعٌ ووقحٌ واستغلاليّ؟
يتّضح بعد كلّ ما اختبرناه في هذا البلد من نكسات أن لا أمل له كي ينهض ويتعافى غير الصلاة، أو أن تحصل أعجوبة إلهيّة، تأتي معها بالخيّرين والمحبّين ونظيفي الكفّ والشبعانين كيلا نظلّ نردّد المقولة الرائجة "بيروح الشبعان وبيجي الجوعان".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم