بين منطوق لم يُقصَد ومقصود لم يُنطَق!
Smaller Bigger
لعل أنسب ما قد أستهلُّ به مقالي هذا، ذلك القول المأثور للأديب اللبناني الكبير، جبران خليل جبران: "بين منطوق لم يُقصَد، ومقصود لم يُنطَق، يضيع الكثير من المحبة"، لما له من دلالة قاطعة على ما أعزم التطرق إليه في طيات سطوري الآتية. لقد ضجت ساحات الفضاء الأزرق خلال الأيّام القليلة المنصرمة بسيل متدفق من التدوينات الغاضبة على إثر ما ورد في صحيفة "اليوم السابع" المصرية بتاريخ 11 كانون الثاني 2021، من خبر صحفي حمل عنوان: "اللبنانيون يتكالبون على متاجر الأغذية لتخزين احتياجاتهم قبل الإغلاق الشامل"، ليصبح الخبر بين ليلة وضحاها حديث الساعة، ويتغوّل ويحقق أكبر كمية تداول من قِبل رواد الفضاء الأزرق، ويحصد كمّاً كبيراً من التدوينات الغاضبة، ويخلق حالة من الجلبة والبلبلة، لدرجة دفعت وزيرة الإعلام في حكومة تصريف الأعمال منال عبد الصمد إلى أن توجه كتاباً إلى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه، طلبت فيه دعوة سفير مصر في لبنان ياسر علوي، للاحتجاج على ما ورد في هذه الصحيفة من كلام اعتبرتة مسيئاً بحق الشعب اللبناني، ولاتخاذ الإجراءات المناسبة بغية عدم تكراره، وعلى أثر ذلك تقدمت صحيفة "اليوم السابع" المصرية باعتذار للشعب اللبناني وقررت تصحيح العنوان الذي وصفته بـ"غير الموفق" عن الشأن اللبناني، وأنها استقته من خلال مادة منقولة عن إحدى الوكالات الإخبارية البارزة عربياً، وأنـهـا عـزمــت على هذا الإجراء تقديراً لمشاعر الشعب اللبناني ودرءاً لأية شبهات أو سوء فهم قد يمسّ بالعلاقات السياسية والشعبية الراسخة بين البلدين .
وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن مؤسسة اليوم السابع، فهي إحدى المؤسسات الصحفية والإعلامية الكبيرة التي لها وزنها واعتبارها، وبالتأكيد هي أجدر من غيرها بهذه المهمة، وبالفعل لقد عبّرت عن موقفها بكلمة اعتذار نابعة من القلب، قابلها شعور مماثل بالتفهم من الشعب اللبنانى الشقيق، وأنه على الرغم من يقيني البديهي الكامل بأن هذا العنوان كان خطأ غير مقصود ولا يضمر فى طياتة سوء نوايا من الصحيفة، وأن عدم التوفيق فى اختيار العنوان كان خطأ قد تقع فية أكبر المؤسسات الصحفية العالمية، وأيضاً ليس بموقع المدافع عمّا يربط مصر ولبنان من وشائج قوية، لأن مصر أكبر بموقفها من أن يدافع عنها أحد، ولبنان أعظم بفهمه وإدراكه من أن يبيّن له أحد، وكذلك لا أعتب على أشقائنا اللبنانيين غضبهم على المساس بكبريائهم وسموهم وعتابهم لأحبائهم، لأن العتاب يأتي على قدر المحبة.
لكني أكتب هنا لأؤكد على أن هناك حقيقة راسخة لا تقبل الجدل ولا تنطوي على وازع من شك، مفادها أن لبنان دوماً يحتل مكانة مميزة في قلوب الشعب المصري، حيث تتمتع مصر وبلاد الأرز الشامخ بإرث تاريخي موغِل في القِدَم سطّره الآباء والأجداد عبر حقب سالفة من الأزمنة تظهر واضحة في روعة تماسك وتلاحم الشعبين الشقيقين والتي ترتكزعلى وشائج تلك الأواصر التاريخية القوية وأوجه التضامن في ما بينهم من علاقات ثنائية تمضى بخطى ثابتة نحو مستقبل واعد مُستنِدة على مبدأ الاحترام المتبادل والتشاور المستمر وتنسيق الرؤى والمواقف. وأختم مقالي قائلاً للشعب اللبناني الشقيق: ستبقى الإِسَاءة منطوقاً لم يُقصَد، والود مقصوداً دائمًا يُنطَق".

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/21/2025 6:00:00 AM
الحرب انتهت، لكنها جولة ضمن الصراع الأكبر، وعدم إيجاد حلول للصراع سيعني عودة الحرب!
المشرق-العربي 10/20/2025 10:41:00 PM
 سرية تُعرف باسم "إمبراطورية مصاصي الدماء" قتلت الطفلة هند رجب 
اقتصاد وأعمال 10/21/2025 12:47:00 PM
في خطوة من شأنها إعادة تشكيل القطاع المصرفي المتضرر في البلاد.
تحقيقات 10/21/2025 2:10:00 PM
ما هي أبرز التحديات التي تواجه عمليات البحث عن الجثث والمفقودين في غزة؟