الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

مساحة فراغ... دلالات إسقاط "النقد الدولي" لبنان من تقرير النموّ

المصدر: "النهار"
محمود فقيه
محمود فقيه mahmoudfaqih
نقود. (تعبيرية). تصوير: مارك فياض
نقود. (تعبيرية). تصوير: مارك فياض
A+ A-

اقترن اسم لبنان في تقرير صندوق النقد الدولي المخصص لنمو الدولة بمساحة فراغ في العام 2022. وتقدّمت عليه دول تعد نامية ولكنها أنجزت نمواً في الأعوام المنصرمة، حيث استبعد الصندوق من تقريره لبنان وسوريا معاً لأسباب متقاربة. 

 ولم يظهر التقرير في جدول اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية المتركز على إجمال الناتج المحلي الحقيقي وأسعار المستهلكين أي أرقام متعلقة بلبنان منذ العام 2021 وما بعده. 

يفنّد الدكتور محمد بالوظة بنود التقرير الأخير الصادر عن صندوق النقد الدولي والمتعلق بالنموّ الذي حققته الدول عام 2022 وما سبق، وتوقعات إنجاز نموّ إضافي في السنوات المقبلة.

 

لبنان الذي ينتظر الصندوق لانتشاله من كارثته المالية لم يحرز أي تقدم ملموس تجاه ما هو مطلوب منه كي يحظى بمساعدة مالية تنعش جسده المتآكل من الموت السريري.

ويوضح أن تقرير صندوق النقد الدولي الخاص بالنمو استبعد سوريا لعدم اليقين بالوضع السياسي في البلاد فيما استُبعد لبنان لعدم اليقين في الإحصاءات. ويقول: "التقرير أورد دولاً معدلات النمو فيها  متدنية ولكن عدم إدراج لبنان هو لعدم الوثوق بما يصدر عن السلطة من أرقام وهذا ينسف كل النتائج الصادرة عن المؤسسات الرسمية".
 

وتجدر الإشارة إلى أن لبنان لم يصدر أي أرقام جديدة، وغيابها بحسب باحثين اقتصاديين هو السبب الرئيسي الذي أبعده عن التقرير، عدا عن ذلك فإن لبنان ليس دولة في غاية الأهمية بالنسبة لصندوق النقد كما يشاع. وتحييد لبنان من تقرير صندوق النقد ليس بالأمر الجلل.

وعن الوثوق بالأرقام، فإن لبنان لم يصدر حتى اللحظة أرقاماً تتعلق بالناتج المحلي وغيره. الحديث عن هبة مقدمة من الصندوق هو أمر عارٍ من الصحة، لكون تعاطيه مع الدول يعتمد آلية المصارف التي تدين الزبائن بشروط ولبنان لم يتلزم بما طلب منه حتى بالشروط الأولية. والسلطة اللبنانية ليست عاجزة عن تطبيق الشروط بل مستخفة بالأزمة أو تعيش حالة إنكار.

ويؤكد بالوظة أن الإنماء في لبنان ليس صعباً والصندوق يرى أن لبنان يمكنه النهوض من أزمته ولكن عليه أولاً اتباع خطة العلاج.

ويذكّر بالوظة بأن "الصندوق مستعد لمساعدة لبنان وشعبه على تجاوز هذه الأزمة غير المسبوقة. وللقيام بذلك، لا بد من وجود حكومة جديدة لديها الإرادة والصلاحيات المطلوبة لتنفيذ الإصلاحات الشاملة الضرورية. ويرى أن التحديات القادمة بالغة الجسامة، إذ إن التدهور المتواصل في الأوضاع الاجتماعية-الاقتصادية بلغ مستويات لا مجال لاستمرارها. والاقتصاد انكمش بالفعل بنسبة 30% تقريباً منذ عام 2017 ومن المتوقع أن يزداد انكماشاً في الفترة 2021-2022.

وفقدت الليرة اللبنانية حوالي 90% من قيمتها، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة تكاد تصل إلى عشرة أضعاف منذ أيار 2019. وأصبح معدل البطالة شديد الارتفاع وأكثر من نصف الأسر يعيشون تحت خط الفقر. وبالإضافة إلى ذلك، لا تزال جائحة كورونا تكبّد الاقتصاد والمواطنين خسائر فادحة".

وبحسب الأستاذ المساعد في قسم الاقتصاد في الجامعة اللبنانية فإنه نتيجة لذلك، يحتاج لبنان إلى مساعدات مالية وفنية كبيرة لتجاوز هذه الأزمة الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية العميقة. والأهم من ذلك كله، أنه يحتاج إلى الشروع في إصلاحات شاملة لإعادة المالية العامة إلى مسارها الصحيح، وإعادة هيكلة الدين العام، وإعادة تأهيل النظام المصرفي، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي، وإصلاح المؤسسات المملوكة للدولة، وتحسين الحوكمة.  

خطة إصلاح شاملة

يشير محمد بالوظة إلى تحديات غير مسبوقة تتطلب تنفيذ خطة إصلاح شاملة. ويتضمن هذا المعالجة المباشرة للمشكلة الجوهرية المتعلقة بضعف الحوكمة، كما يجب أن تتمحور الإصلاحات الداعمة للشفافية حول تعزيز إطار مكافحة الفساد وتحسين أداء المؤسسات المملوكة للدولة، ولا سيما في قطاع الطاقة. وإضافة إلى ذلك ينبغي أن يشمل هذا إجراء عمليات تدقيق لحسابات مصرف لبنان والشركة المعنية بتقديم إمدادات الكهرباء.

كذلك يرى ضرورة تنفيذ استراتيجية للمالية العامة تجمع بين إعادة الهيكلة العميقة للدين وإجراء إصلاحات تعيد المصداقية، وتحقق الوضوح الكافي للتنبؤ بالمسار، وتكفل شفافية إطار المالية العامة، مع توسيع شبكة الأمان الاجتماعي الضرورية لحماية الفئات الأشد ضعفاً.

ويندرج نحن بنود الإصلاح الشامل بند يتعلق بإجراء إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي تبدأ بالاعتراف مقدماً بخسائر البنوك الخاصة ومصرف لبنان، مع مراعاة تأمين الحماية لصغار المودعين، وإرساء نظام موثوق للنقد والصرف، يرتكز على توحيد أسعار الصرف المتعددة وتصاحبه قيود رسمية مؤقتة على رأس المال.

 

 

حصّة لبنان من المساعدات

وافق مجلس محافظي الصندوق في 2 آب على توزيع عام لما يعادل 650 مليار دولار من مخصصات حقوق السحب الخاصة، وستكون هذه المخصصات متاحة لكل البلدان الأعضاء البالغ عددها 190 بلداً بالتناسب مع حصة عضويتها في الصندوق. وسيحصل لبنان في هذه اللحظة العصيبة على وحدات من حقوق السحب الخاصة تعادل نحو 860 مليون دولار، ما يعزّز احتياطياته المستنزفة ويساعد على تلبية الاحتياجات الملحّة الكثيرة للشعب اللبناني.

ومن المهم أن تساعد مخصّصات حقوق السحب الخاصة الجديدة على إعادة بناء احتياطيات مصرف لبنان التي استُنفِدت وأن يتم أي استخدام لهذه لمخصصات بصورة شفافة ومسؤولة تدعم التعديلات والإصلاحات اللازمة على مستوى الاقتصاد الكلي.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم