الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

"مواقف محرِجة وصعبة"… كيف نقنع الأطفال بالحرص على المال وعدم شراء الأغلى ثمناً؟

المصدر: "النهار"
فرح نصور
تعبيرية (حسام شبارو).
تعبيرية (حسام شبارو).
A+ A-
رغب الأهالي في أنّهم أهدوا العالم لأولادهم، لكنّ الظروف الواقعية عاكستهم، ووضعتهم الأزمة الراهنة في مواقف محرِجة وصعبة، حيث يطلب الأطفال الكثير والباهظ، لكن الاستجابة أقلّ بكثير من الطلب.
 
بالرغم من توقهم إلى غرس السعادة في قلوب أولادهم، يتحايل الأهالي على صغارهم كي يرضوا بما في استطاعتهم شراءه دون ما يرغبون فيه، لكنّهم لا يُحسنون كيفية التعامل الصحيح معهم وتعليمهم وتعويدهم على الحياة الاقتصادية والحرص، فهم يفتقرون إلى تعليمة "خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود" منذ الصغر.

تروي سيلفي معاناتها مع أولادها عندما تذهب إلى السوبرماركت "بالرغم من أنّنا اعتدنا على هذه المواقف، فإنّنا لا نعرف الطريقة المثلى لتسكيت الأولاد سوى الكذب والتحايل عليهم".
 
أعمار أولادها ما بين 3 و 6 سنوات، و"لا يفهمون بعد معنى الأزمة، وأتحايل عليهم إمّا عبر التذرّع بأنّني نسيت محفظة المال في المنزل، أو بالقول لهم إنّ هذا الغرض نشتريه عندما يكون والدكما معنا".
 
وبينما لم تعوّد سيلفي أولادها على شراء كلّ ما يريدونه، منذ صغرهم، "لكنّهم أطفال، وبالنهاية الطفل يتطلّب". وأكثر الأمور التي قد تخلق أزمة مع الأولاد هي طلبهم شراء الحلويات والسكاكر، لكن سيلفي تحاول شتى الطرق لتنسّيهم الشوكولاتة الباهظة التي اعتادت ابنتها الكبيرة (6 سنوات) شراءها. 
 
أمّا ليليا، فتوقّفت عن اصطحاب ابنها معها إلى السوبرماركت "لأنّه في كلّ مرّة تتلف أعصابي من الطلبات التي لا يسعني تلبيتها، ومن إلحاح ابني المستمرّ على شرائها".

نصائح عمليّة ومفيدة

يقدّم علم النفس نصائح، ويفتح أبواباً للأهالي ليعرفوا كيفيّة تدريب أولادهم على عدم الحصول على كلّ ما يرغبون فيه، وعلى تعلّم الاقتصاد خلال الأزمات. 
تبدأ الاختصاصيّة في علم النفس والشؤون العائليّة، ديما أياس، أولى نصائحها بـ"التواصل مع الطفل"، فهو مهمّ جداً.
 
وتعدّد الأساليب الآتية للتعامل الأمثل مع الطفل في الأزمات:
 
- المفتاح هو أن تكون منفتحاً وصادقاً، إذ تظهر الأبحاث أنّه في سن الثالثة، يفهم الأطفال مفاهيم مثل القيمة والتبادل، وأنّ كثيراً من العادات، التي ستساعد الأطفال على إدارة الأموال في وقتٍ لاحق في الحياة، يتمّ تحديدها في سن السّابعة.
 
- اشرح للطفل أنّ الوضع المالي في لبنان يزداد صعوبة، وأنّ الوالدين يعملان بجدّ لكسب المال.
 
- علّمهم الأولويات واسألهم دائماً: "هل هذه أولوية بالنسبة إلينا للشراء الآن؟". إذا كانت الإجابة لا، فيمكن الانتظار حتى يتحسّن الوضع.
 
- علّم الطفل أن يدّخر ماله الخاص من خلال إعطائه مبلغاً صغيراً على أساسٍ أسبوعيّ. سيتعيّن عليه الادّخار حتى يتمكّن من شراء ما يريد، وهذا سيجعله صبوراً ويجعله يقدّر المال.
 
- استَبِق الموقف عبر التوضيح للولد، قبل الذهاب إلى السوبرماركت، أنّنا ذاهبون للتبضّع، وسنشتري هذه الأغراض فقط، التي وضعناها على اللائحة، لعدم قدرتنا على شراء المزيد، أو يُمكننا تخصيص مبلغ صغير جداً لقطعة حلوى صغيرة واحدة فقط من اختيار الطفل؛ وهذا الأمر يتمّ بالاتفاق قبل الذهاب إلى السوبرماركت، وليس خلال الجولة. 
 
- اجعل الولد يشعر بالصدق في التعامل: أي القول له إنّك مُحِقّ في طلبك هذه اللعبة لأنّها جميلة، لكنّنا اتفقنا على أن ننتظر عيد الميلاد لشرائها لأنّ هناك أولويات الآن
 
- علِّم الولد أنّنا عائلة مترابطة، وعلينا وضع خطة زمنيّة لشراء ما نريد، إذ كلٌّ منّا يرغب في شراء شيء. بذلك، يتعلّم الولد الصبر والمساواة بغيره من أفراد المنزل، الذين ينتظرون الوقت المناسب لشراء ما يريدون، فهناك فرق بين "الاحتياجات" و"الرغبات"، وفق أياس.
 
- حاول أن تكون هادئاً ومحباً أثناء الحديث عن الأزمة، إذ لا نريد أن يشعر الطفل بعدم الأمان في عائلته.
 
وعلى الطفل أن يدرك أنّ الاحتياجات تشمل الأساسيات، مثل الطعام والمأوى والملابس الأساسية والرعاية الصحيّة والتعليم. أمّا ما يريده، فهو جميع الإضافات، مثل الألعاب وأحدث أجهزة الـiPad أو ألعاب الفيديو والحلوى وما إلى ذلك.

كيف يتقبّل الطفل شراء البديل الأرخص؟
 
عمر الأزمة سنتان، والأولاد اعتادوا نوعاً ما فكرة عدمِ قدرةِ الأهل على تلبية كلّ ما يريدونه. لذلك، أصبحنا في مرحلةٍ علينا فيها أن نجعل الطفل يتقبّل شراء البديل الأرخص، وفق ما توضحه المعالجة النفسيّة ماري شاهين في حديثها لـ"النهار".
 
وتذكر من الخطوات، التي يمكن اتّباعها مع الطفل: 
 
- عدم تركه في ممرات السوبرماركت ومحلّ الألعاب حراً لأنّه سيضيع من كثرة الخيارات، إنّما المفروض تحديد الخيارات له بين 3 ألواح من الشوكولاتة مثلاً، ومنحه اختياراً واحداً فقط ليشعر بأنّ لديه الخيار. 
 
- الشّرح له أنّه بسعر لوح واحد من الشوكولاتة باهظ الثمن، يُمكنه شراء 3 أرخص منه، فهذا مقنع للطفل. 
 
- وجوب اصطحاب الطفل إلى السوبرماركت مع الأهل ليعرف ما يُمكن شراؤه، خصوصاً الأطفال فوق الـ11 من العمر ليتعلّموا التأقلم مع الأزمات. 
 
- تقديم  بديل مقنع للطفل وعدم شعور الأهل بالذنب لعدم شرائهم ما يريده الطفل، لأنّ أقلّ الأشياء تُبسطه. 
 
- المصارحة وعدم الكذب والاحتيال على الطفل، فالكذب يؤثّر في صورة الأهل أمام الولد، وسيتّجه إلى المعاملة بالمثل معهم، لأنّهم قدوته.
 
- تعويد الطفل على الاقتصاد، فالأهل واجبهم ألّا يكونوا مبذّرين، لأن الأولاد يتأثّرون جداً بسلوك الأهل. 
 
- تزويد الطفل بقجّة، والشرح له بأنّها لوقت الحاجة.
 
- تعليمه إعطاء المال للآخر. 
 
- إمداده بمصروف محدَّد ومراقبة إنفاقه وإرشاده وترشيده. 
 
- عدم تعويد الطفل على العلامات التجارية الشهيرة، إنّما الأهمّ هو ما يليق به ويجعله سعيداً. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم