الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

وزير الزراعة لـ"النهار": عقبات سياسيّة تؤجّل صدور مراسيم القنب الهندي الصناعي وتضيِّع 1.5 مليار دولار سنويًّا على لبنان

المصدر: "النهار"
وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن.
وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن.
A+ A-
بعلبك - وسام إسماعيل:

ثلاث سنوات ونيّف مضت على إصدار تشريع زراعة القنب الهندي للأغراض الطبية والصناعية في لبنان بقانون، فيما لا يزال المزارع البقاعيّ ينتظر من الدولة تعيين الهيئة الناظمة للبدء بزراعةٍ مشرّعة تُغنيه عن تصريف منتجه الزراعي المخالف للقانون منذ عقدين.
 
 
 أسابيع قليلة وينتقل الكثير من المزارعين إلى نثر بذور القنب الهندي الذي لا يتطلّب منهم الكثير من العناء أو المياه للري. ويبرّر المزارعون اللجوء إلى هذه الزراعة بمعاناتهم في تصريف إنتاجهم من الخضراوات والأشجار المثمرة، وبعدم قدرتهم على تحمّل التكاليف الباهظة لتلك الزراعات، التي تتطلب تهيئة الأرض وتأمين البذور والأسمدة والمبيدات والمحروقات لضخّ مياه الريّ من الآبار الجوفية.

ويشددون على أهمية مبادرة الحكومة إلى إصدار مراسيم الهيئة الناظمة لزراعة القنب الهندي الصناعي، ووضع القواعد والآليات اللازمة لتنظيم هذا القطاع بشكل فعّال، وإقامة الدورات التدريبية والإرشادية، خاصّة أنّ كلّ الدراسات كتقرير "ماكنزي"، وتوصية البنك الدولي، وآراء الخبراء الأوروبيين أكدت على جدوى زراعة القنب الهندي، واعتبرتها فرصة عظيمة لتنشيط الاقتصاد المحليّ وخلق فرص عمل جديدة.

وتشير الدراسات إلى أن مردود الدونم من القنب الهنديّ لتصنيع حشيشة الكيف يبلغ 400 دولار أميركي، بينما يصل محصول دونم القنّب الهندي للأغراض الطبّية والصناعية إلى 1200 دولار أميركيّ، بعائدات سنوية تُقدّر بنحو 1.5 مليار دولار، ممّا يجعل هذا الملف الاستراتيجي الوطنيّ واعدًا.

وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال، عباس الحاج حسن، أوضح لـ"النهار" بأن: "كلّ العقبات الموجودة سياسية، وليست تقنية، ويجب علينا أن ننظر إلى هذه الملفات بوعي وهدوء، وأن نطرح أيّ قلق لدينا. يجب أن نكون متضامنين ومتفاهمين في سبيل إقرار هذا القانون، لأنّ هذا الملف يعود بالنفع على كلّ لبنان".

وأعرب عن أسفه "لمرور ثلاث سنوات وسبعة أشهر على إقرار قانون تشريع زراعة القنب الهندي في المجلس النيابي للأغراض الطبية والصناعية في لبنان، من دون أن يبصر النور. فقد خسرنا كلّ هذه السنوات بسبب عدم النظر إلى الأمر من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والوطنية". 

واعتبر أن "إقرار الهيئة الناظمة للقنب الهندي يجب أن يكون الأساس قبل كلّ الملفات الزراعية والاقتصادية، لأن القيمة المضافة التي ستقدّمها زراعة القنب الهندي الصناعي تقدّر بـ1.5 مليون دولار على الأقلّ، وفقًا لتقارير عدة مثل ماكنزي والـUNDP وغيرهما". 
 
 وأكد أن "الهيئة الناظمة لزراعة القنب الهندي مسؤولية الجميع، وتعمل على الربط بين عدّة وزارات، ومن شأنها إعادة بناء الثقة؛ وهذه مسؤولية تجمع بين الجانب الداخلي والجانب الخارجي".

وتحدث عن "زراعة القنب الهندي التي تؤدي دورًا مركزيًّا في الصناعات الطبية والنسيجيّة، والتي تتنامى أهميتها عالميًا. وهناك العديد من الدول صادقت على مثل هذا القانون، و31 ولاية أميركية بدأت عملياتها. كلّ دقيقة تمرّ دون البدء في هذا القطاع ستؤثر على قدرتنا على تطوير اقتصادنا ومعالجة المشكلات الاقتصادية التي تكلّفنا مليار دولار سنويًا، بل ستجذب هذه الزراعة الاستثمارات الأجنبية إلى البلد، تحت حماية القانون".

وقال: "قمنا باستشارة أصحاب اختصاص في هذا القطاع، وأكدت جميع الدراسات البحثية أن القنّب الهندي الصناعي لا يمكن استخدامه للتعاطي، بل استخدامه صناعيّ وطبيّ بامتياز، والقانون وضع شروطاً صارمة للتحكّم بهذا الأمر".
وأضاف: "الحكومات اللبنانية كافحت زراعة الحشيشة لأربعين عامًا، ولن تكون هناك نجاحات من دون وجود بدائل اقتصادية قادرة على توفير فرص عمل وتثبيت المزارعين. على أيّ حال، نحن ننظر إلى قيمة القنب الصناعيّ التي تفوق قيمة حشيشة الكيف". 

وأضاف :" إن لم نعيّن الهيئة الناظمة ونبدأ بتطبيق هذا القانون، فكيف يمكننا توقّع نجاحه؟ يجب أن نبدأ بتطبيقه بشكل صحيح، وأن يُصبح جزءًا من اتجاه المجتمع، وأن نضبط زراعة القنّب ضمن ضوابط القانون". 

وحول مصير آلاف المزارعين الملاحقين بمذكّرات توقيف، رأى الحاج حسن أن "هناك جانباً محزناً في منطقتنا، حيث ترتفع حالات التوقيف بسبب تجارة الحشيشة أو زراعتها. نحن ضد هذه الأفعال من الناحية الأخلاقية والثقافية والتربوية والعروبية والإسلامية. إقرار الهيئة الناظمة للقنب الهندي سينعكس إيجاباً، لأنّه يقلّل بشكل كبير من التجارة غير المشروعة للحشيشة. ونظرًا لكون قيمة القنب الصناعية أعلى من حشيشة الكيف، فسيتجه المزارع حكماً نحوها، وستكون أولوية لديه، وسيؤدي ذلك أيضًا إلى تخفيف الآثار الاجتماعية الخطيرة على شبابنا ومجتمعنا".

بدورها، أعدَّت الباحثة سلام هزاع حمية دراسة حول "دور أموال زراعة المخدرات في التنمية المستدامة لمنطقة بعلبك-الهرمل"، فخلصت إلى أن "لبنان سيكون من البلدان المنافسة والرائدة في زراعة القنّب للأغراض الطبية والصناعية، نظرًا لتميّز أرضه، ومناخه، ولإنتاجه أفضل نوعية من الحشيشة. فلبنان يتميّز بزراعة القنب في حقول طبيعيّة مكشوفة، تنعم بأشعة الشمس الطبيعية. والقنب الحالي لا يحتاج إلى الكثير من الماء، وينمو في الأراضي التي لا تصل إليها المياه، ممّا يُعطيه ميزة خاصّة ويخفّض التكاليف".

وأكدت حمية أن "زراعة القنب الهندي للأغراض الطبية والصناعية ليست جديدة، ويعود تاريخ الحشيشة في لبنان إلى مئات السنين، إلى عهد الرومان في لبنان، حيث يمكن رؤية منحوتات لنبتة الحشيشة على جدران قلعة بعلبك الرومانية العملاقة، ممّا يشير إلى زراعتها قبل أكثر من 2000 سنة في سهول البقاع الخصبة. واستُخدمت النبتة كمسكّن لمعالجة الآلام في ذلك الوقت".

من جهته، طالب الأمين العام للعلاقات العامة في اتحاد النقابات الزراعية في لبنان، علي شومان، بـ"وقف كل المناكفات السياسية، والإسراع بتشكيل هيئة ناظمة لزراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية. فزراعة القنب الهندي هي الزراعة الوحيدة التي تنقذ المزارع في منطقة بعلبك الهرمل من سوء الوضع الاقتصادي الذي يعانيه، فتكلفة زراعة الدونم الواحد تبلغ ما بين 250 و300 دولار أميركي، في حين يصل سعر المحصول النهائي إلى 1000 دولار أميركي، ممّا يمكّن المزارعين من تحقيق أعلى نسبة أرباح. بالمقابل، إن تكلفة الزراعات الأخرى مرتفعة، ناهيك بالتحديات الكبيرة التي يعاني منها المزارع، مثل توقّف التصدير والكساد، وعوائق أخرى".

وأكد شومان أن "المزارع البقاعي اضطر، نتيجة الظروف الصعبة، إلى مواصلة زراعة المخدرات. واليوم، هناك فرصة يمكن أن تقدّمها الدولة للمزارع، تمكّنه من التخلّص من تلك الزراعة التي لا يرغب فيها. ونحن أمام تحدٍّ، فيجب على السياسيين أن ينظروا إلى حاجات شعبهم وبلدهم، إذ إن زراعة القنب الهندي الصناعي قد تكون خشبة خلاص لبنان لإخراجه من أزمته الاقتصادية الخانقة".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم