13-09-2021 | 10:42

مبادرات فردية خاصة في لبنان تحاول تعويض عجز الدولة..."خلايا نحل" لمواجهة الجوع والجهل والمرض

في وقت يتخبط لبنان بأزماته الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ويتحول الخيار بين الهجرة والبقاء صراعاً يعيشه اللبنانيون يومياً، لا يزال ثمة أشخاص متمسكين بما تبقى من وطن، ولا يدخرون جهداً لمساعدة الأشخاص الاكثر هشاشة على تخطي محنة طال أمدها.
مبادرات فردية خاصة في لبنان تحاول تعويض عجز الدولة..."خلايا نحل" لمواجهة الجوع والجهل والمرض
Smaller Bigger

في وقت يتخبط لبنان بأزماته الاقتصادية والاجتماعية والصحية، ويتحول الخيار بين الهجرة والبقاء صراعاً يعيشه اللبنانيون يومياً، لا يزال ثمة أشخاص متمسكين بما تبقى من وطن، ولا يدخرون جهداً لمساعدة مواطنين أكثر هشاشة على تخطي محنة دفعت بأكثر من نصف سكان لبنان إلى مستوى الفقر.

 

وفي ظل غياب كامل للدولة وعدم اكتراثها لما حلّ بشعبها، تحاول جمعيات غير حكومية تعويض النقص الهائل في مقومات الحياة وحشد مبادرات خاصة، لتلبية احتياجات متزايدة في الطعام والدواء واللباس وصولاً الى التعليم.

 

المواد الغذائية – "فودبلسد"

فمع تآكل القدرة الشرائية لليرة اللبنانية، يتعذر على شريحة واسعة من اللبنانيين توفير احتياجاتها الغذائية الأساسية. فجاءت المبادرات الإنسانية لتحل مكان دولة تنصلت من مسؤولياتها، سعياً إلى تأمين الوجبات للعائلات اللبنانية المحتاجة.

 

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2019، أطلقت جمعية "فودبلسد" مبادرة "بيت هنغر"، لمساعدة العائلات الأكثر فقراً في مختلف المناطق اللبنانية، من خلال تقديم حصص غذائية تكفي عائلات مؤلفة من أربعة أشخاص، لفترة تتراوح بين ثلاثة أسابيع وشهر. 

 

 

واشتدت الحاجة إلى الحملة مع تفشي جائحة كورونا، التي ترافقت مع تدهور الوضع الاجتماعي للعائلات، وتراجع نسبة التبرعات المحلية وإمكانية تأمين المواد الغذائية. 

 

وتعمل الجمعية على الحد من هدر الطعام، من خلال جمع المأكولات الفائضة من المناسبات العامة، وإعادة توضيبها وتوزيعها على العائلات الأكثر فقراً. وهي أنشأت مطبخاً مجتمعياً، وخلال الأشهر الأربعة التي تلت انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس)، وصل عددها إلى 100 ألف وجبة. 

 

وأبرزت رئيسة الجمعية ومديرتها التنفيذية مايا ترو "أهمية العمل التطوعي وخدمة المجتمع في معالجة الأزمات التي تعاني منها البلاد". ووصفت المتطوعين بـ"خلية نحل"، مشيرة إلى أنهم يعملون بلا كلل، لفترات قد تصل إلى 10 ساعات متواصلة في اليوم. وأضافت أن "المتطوعين ينتمون إلى مختلف المناطق اللبنانية والفئات العمرية، التي تتراوح بين الست سنوات والستين سنة". 

 

 

في المقابل، تحدثت ترو عن التحديات التي تواجه الجمعية، وأبرزها تأمين التمويل اللازم للاستمرار في تحضير 1600 حصة غذائية في الشهر لمساعدة 1600عائلة، لا سيما أن "تكلفة الحصة الواحدة لعائلة من أربعة أشخاص تصل إلى 22 دولاراً أميركياً"، إلى جانب أزمة الوقود التي فرضت تحدياً جديداً على إمكانية توصيل الوجبات إلى العائلات المقيمة في المناطق البعيدة.

 

"جمعية مار منصور"

تعمل "جمعية مار منصور" في المجالات الصحية والثقافية والاجتماعية والتنموية. وفي عيد الميلاد، اعتادت على جمع العائلات في صالة الكنيسة في غزير، وتنظيم حفلة تُوزع فيها الهدايا وتقدم وجبة غداء. وبعد انفجار المرفأ، وسّعت الجمعية نشاطها الى تقديم الطعام في المناطق المتضررة، إلا أنَّ كثرة الجمعيات التي كانت تعمل على الأرض دفعت أمينة سر فرع مار يوسف غزير شارلوت بريدي إلى اتخاد مبادرة تقوم على تحضير الطعام في منزلها وتوزيعه على العائلات والأفراد الأكثر حاجة في مناطق أخرى. 

 

وتُحضّر بريدي أسبوعياً "الطبق الساخن" لـ150 شخصاً، بعد تلقي لائحة الطعام من الجمعية الأم. وتحضر مستلزمات الطبخة  مساء الأربعاء، لتباشر بإعدادها عند الساعة الرابعة من فجر الخميس. وحوالى الساعة الحادية عشرة صباحاً، يصل رئيس الفرع جوزيف حداد لأخذ الأطباق وتوزيعها على المستفيدين. 

 

 

وترسل الجمعية الأم المواد الأساسية اللازمة إلى فروعها، ومنها الأرز والدجاج واللحوم والحبوب، التي تقوم الشركات بتقديمها. أما المواد المتبقية، فتؤمنها من خلال المساعدات المادية التي تصلها من المتبرعين، بمن فيهم المغتربون. 

 

ورغم الأوضاع المتردية، لا تزال الجمعية صامدة، إلا أن الشركات أوقفت تقديم اللحوم والدجاج، ما دفع الجمعية إلى استبدال بعض الأطباق بالحبوب. 

 

الدواء – "Les valises pour Beyrouth"

بعد سنوات من سوء الإدارة والفساد في ملف الأدوية والاحتكار، وعقب رفع مصرف لبنان الدعم عن البعض منها، يواجه اللبنانيون اليوم أزمة غير مسبوقة، وباتوا يبحثون عن قريب أو صديق بين الوافدين، للحصول على دواء بسيط من الخارج. مع ذلك، يفتقر كثيرون الى هذا البديل الذي يمكن أن يوفر لهم دواء ملحاً، ما دفع مجموعة من المغتربين اللبنانيين في فرنسا إلى تجهيز حقائب تحتوي على تبرعات عينية وإرسالها مع الوافدين يومياً إلى مطار بيروت.

 

فاستجابة لحالة الطوارئ، أسست المصورة اللبنانية- الفرنسية يمنى جدي والكاتبة اللبنانية- الفرنسية آية مشيمشي والمهندسة اللبنانية-الفرنسية جيسيكا ناصيف، جمعية "Les valises pour Beyrouth". وتقوم الجمعية بجمع الأدوية ومستلزمات النظافة الشخصية وغيرها من المواد قبل فرزها وتعبئتها في حقائب وإرسالها عبر المتطوعين الوافدين من باريس إلى بيروت. وتفادياً للمرور عبر الجمارك اللبنانية المعروفة بعدم الشفافية، اعتمدت الجمعية تسليم الحقائب مباشرة إلى الجهات المعنية في بيروت.

 

 

وتستند التبرعات العينية إلى اللوائح التي تقوم الجمعيات الشريكة، ومنها "Arc-en-ciel" و"بيس كامب" و"سبارك" بإعدادها وتحديثها بعناية وفقاً للاحتياجات المحلية. 

 

وتضم الجمعية اليوم من أكثر من 400 متطوع وناقل تطوعي. وترسل حوالى 5 حقائب يومياً من باريس، فضلاً عن أكثر من 7 أطنان من المستلزمات الأساسية والمواد الغذائية المنقولة عن طريق البحر.

 

 

وخلال شهر كامل، قدمت "الخطوط الجوية الفرنسية" و"طيران الشرق الأوسط" حقيبة إضافية مجانية للمسافرين المشاركين في المبادرة.

 

الملابس – "كلنا عيلة"

وركزت جمعية "كلنا عيلة" على الأمن الغذائي والخدمات الصحية والتعليمية والمشاريع الإنمائية. وأسست مطبخاً مجتمعياً في حافلة تجول في مختلف المناطق اللبنانية، محاولة، ضمن قدراتها التي تعتمد على المساعدات والتبرعات، الوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من المواطنين.

 

ومع تفاقم الأزمات، عملت الجمعية على إيجاد حلول عملية وغير مكلفة تسمح للمواطنين بدعم بعضهم. ومن هنا ظهرت مبادرة "ذا شوب" الأولى في لبنان. وعام 2019، افتتحت الجمعية ثلاثة متاجر في طرابلس والدكوانة وزحلة، حيث تستقبل الملابس، وتقوم بتنظيفها وترتيبها وفرزها قبل إعادة عرضها. 

 
 

 

وأشارت العضو في اللجنة التنفيذية جيسيكا معوض إلى أنَّ "الحصول على ملابس لائقة حق من حقوق الانسان، ويتعلق مباشرة بكرامة الفرد". وبالتالي، لا تفسح جمعية "كلنا عيلة" المجال أمام الأفراد الراغبين في التبرع بالملابس للمساعدة في المجتمع فحسب، إنما تطلق مشروعاً مستداماً يحفظ كرامة المستفيدين، إذ يمنح "ذا شوب" العائلات المحتاجة فرصة للتسوق مجاناً والحصول على احتياجاتها الأساسية من دون أي احراج. ومع ذلك، يمكن للمستفيدين دفع ألف أو ألفي ليرة لبنانية، ليشعروا أنهم اشتروا القطع التي يحتاجون إليها بسعر رمزي يتناسب مع قدرتهم الشرائية. 

 

 

وتحدثت معوض عن اندفاع المتطوعين، لا سيما مع توسع الفئات الهشة في المجتمع اللبناني وارتفاع معدل الاحتياجات على الأرض. والواقع أنَّ اسم الجمعية يشير إلى أنَّ المستفيدين يصبحون جزءاً من "العائلة"، بعد تواصل المتطوعين المباشر معهم وزيارتهم في منازلهم. 

 

التعليم – "بيت البركة"

ولم يسلم القطاع التعليمي في لبنان من أزمة صنّفها البنك الدولي بين الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر. وفي وقت بات المستقبل التعليمي لـ400 ألف تلميذ مهدداً، وحدت جمعية "بيت البركة" وشركة "موريكس" جهودهما، وأطلقتا برنامج "فرصة"، في محاولة لإنقاذ القطاع التعليمي ومستقبل 32 ألف تلميذ و22 ألف مدرس و113 مدرسة في لبنان. 

 

 

ومن خلال جَمع والتبرعات، يسعى البرنامج إلى توفير حلول تُمكّن الأهالي من متابعة تعليم أطفالهم من جهة، والمدارس على الصمود وإبقاء أبوابها مفتوحة من جهة أخرى.

 

وأطلقت مؤسسة الجمعية مايا إبراهيم شاه والمؤسس المشارك لشركة "موريكس" نداء لعدم تأثير الجهل المتفشي على القطاع التعليمي، الذي لطالما شكل ركيزة أساسية في البلاد، متأملين تلقي دعم الجالية اللبنانية. 

 

 

 إلى ذلك، تتلقى الجمعية تبرعات من اللوازم المدرسية لإعداد الطلاب للعام الدراسي الجديد. 

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/2/2025 7:34:00 PM
أفادت شبكة "سي أن أن" الأميركية، استناداً إلى مصادر استخباراتية أوروبية، بأن هناك دلائل إضافية على جهود الجمهورية الإسلامية لإعادة تأهيل قدرات وكلائها، وعلى رأسهم "حزب الله"
ثقافة 11/1/2025 8:45:00 PM
بصمة لبنانية في مصر تمثّلت بتصميم طارق عتريسي للهوية البصرية للمتحف المصري الكبير.
ثقافة 11/2/2025 10:46:00 AM
"والدي هو السبب في اكتشاف المقبرة، وكان عمره وقتها 12 عاماً فقط سنة 1922."