"مئة عام لحلّها"...!؟ "الزمن لا يسير، بل يدور حول نفسه في حلقه مفرغة"

محمود القيسيفي كتابه: "ساعتان هزّتا العالم" قال فريد هاليداي ما يأتي: "إن أحداث 11 أيلول - سبتمبر 2001 وعواقبها عالميةٌ بكل المعايير... والآثار الأبعد مدى هي تلك العالمية التي تطاول الأمن العسكري، وأمن الأفراد اليومي في بيوتهم ومواقع عملهم وسفرهم والاقتصاد العالمي، وعلى الأخص العلاقات بين الشعوب والثقافات والأديان. فقد فجّرت أحداث 11 ايلول أزمة عالمية ستتطلب، إذا كنّا محظوظين مئة عام لحلّها". نعم، الحادي عشر من أيلول سنة 2001 كان فاتحة مأسوية لبداية الألفية الثالثة، وفصلاً من مفاصل التاريخ، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، ولكن بالنسبة للعالم قاطبة. كان الحادي عشر من أيلول 2001 بداية مسلسل "المشوار الطويل" في سلسلة الصراع الدولي على البترول في الشرق الأوسط... سلسلة الأسباب "الوجودية" التي بدأت في تلك الحقبة الوجودية من تاريخ هذا العالم الوجودي: أولًا: تعاظم دور البترول في الحضارة الصناعية والمواد الأوليّة الاستراتيجيّة التي كانت ولا زالت سببًا من الأسباب الرئيسيّة إنْ لم تكن أهمها على الإطلاق في نشوب النزاعات بين الدول والأمم.ثانيًا: المواد الأوليّة ودورها في تطوّر الفكر الاستراتيجي وسيطرة العامل الجغرافي حقبة طويلة من الزمن على عقول المخطَّطين الاستراتيجيين الذين اعتبروه العامل الأساسي لتحقيق السيطرة على العالم. ويعني هذا العامل، في جملة ما يعنيه، السيطرة على الموارد الطبيعية... فهذا المارشال دوفوبان، منذ القرن السابع عشر، يضع الموارد الطبيعية في المرتبة الاولى بالنظر إلى غنى اية دولة من الدول أو قوّتها.ثالثًا: دخول البترول مسرح السياسة الدولية... إذا كان استغلال البترول حديث العهد لا يرجع تاريخه إلى أبعد من أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، فهذا لا يعني أنّ الإنسان لم يعرفه منذ أقدم العصور ويستعمله في نطاق محدود. ففي كركوك بالعراق شاهد الإنسان لهيبه منذ وطئت قدماه هذه الأرض، كما عبده الأشوريون... والدول الصناعية الكبرى في عصرنا الحديث.رابعًا: الطاقة...أصبح البترول، مع تثبيت خطواته الصاعدة في ذلك الوقت، مادة أو مصدرًا تنافسيًا مع المصادر المنتجة، كالفحم الحجري والقوّة الكهربائيّة والطاقة النووية وغيرها من مصادر الطاقة البدائية. البترول الذي تحوّل في أيامنا هذه إلى أهم مصادر الطاقة على الإطلاق ولمدة لا تقل عن المئة عام المقبلة.خامسًا: البترول والصناعة والتي تُقدّر الآن عدد المنتجات المتفرّعة من صناعة النفط بمئات الآلاف من الأصناف: إنها المعجزة السوداء، المعجزة السوداء كما قال يومًا من الأيام جان - جاك سرفان شرايبر. هذه الصناعات التي بدأت...