الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ألف باء قواعد السياسة

المصدر: "النهار"
تعبيريّة (نبيل إسماعيل).
تعبيريّة (نبيل إسماعيل).
A+ A-
أنطوان مسرّه


تسعى كل أنظمة الاحتلال الى تلويث المفاهيم البديهية وخلق لغة جديدة في سبيل الهيمنة. نستعرض بعض المفاهيم التأسيسية التي تتطلب استعادة البوصلة في دستور لبنان وسياسته.

1. السيادة: انها الصفة الأساسية للدولة المستقلة صاحبة القرار. أدى الانسياق في ذهنية التسوية في لبنان، وحتى المساومة، الى خرق السيادة في اتفاقية القاهرة سنة 1969، ثم في اتفاقية قاهرة متجددة لأهداف شخصية في تحالف مار ميخائيل في 6/2/2006 بين جهة سياسية وجيش – حزب مسلح مرتبط بالجمهورية الاسلامية الإيرانية تمويلًا وديبلوماسيةً.

2. ما معنى دولة؟ للدولة أربع سلطات: احتكار القوة المنظمة، احتكار العلاقات الديبلوماسية، فرض الضرائب وجبايتها، وإدارة السياسات العامة. في دولة صاحبة السيادة: جيش واحد لا جيشان، وديبلوماسية واحدة لا ديبلوماسيتان استنادًا الى مقدمة الدستور "لبنان عربيّ الهوية والانتماء".

3. الدستور: تعني عبارة دستور أساسًا القياس والمعيار. الدستور تاليًا، هو مرجعية العقد الاجتماعي. ان تعميم السجالات والتفسيرات والتأويلات والمناظرات حول الدستور هو ضرب لشرعية الوطن في الادراك الجماعي.

4. الميثاق: الميثاق هو تصنيف تاريخي وقانوني في البناء القومي لبعض الأمم التعددية في بنيتها. مفهوم الميثاق يوجب الالتزام الدائم، ولزوم احترام هذه الميثاق.

5. قبل الطائف وبعد الطائف: لا أساس للمقولة ان "وثيقة الطائف قلبت الأمور رأسًا على عقب". لم يُدخل ميثاق الطائف أي جديد على الثوابت اللبنانية التأسيسية، بل كرّس هذه الثوابت وخصوصا في ما يتعلق خصوصًا بالمسؤولية الأولى في الدولة.

6. "الطائفية": يتضمن تعبير "الطائفية" ثلاثة شؤون مختلفة:
أ. الإدارة الذاتية المقتصرة على ضمان الحريات الدينية والثقافية استنادًا الى نظرية التعددية الحقوقية.
ب. قاعدة التمييز الإيجابي او الكوتا، مطبقة بأشكال مختلفة في اكثر من أربعين بلدًا وهدفها المساواة في الوصول إلى الوظائف العامة في مجتمعات تعاني من تفاوت اجتماعي اقتصادي ثقافي في بنيتها، تجنب العزل الدائم، وضمان الأمان النفسي لمنع استغلال الانتماءات الأولية في التنافس السياسي.
ج. الذهنيات الفئوية نقيضًا للشأن العام العابر أساسًا للطوائف.
جاء في المادة 95 من الدستور تعبير "الغاء الطائفية السياسية" و"الغاء الطائفية"! إن تشكيل هيئة متخصصة للبحث في المسألة من شأنه أيضًا ان يسحب الموضوع من سجالات الشارع التي تشكّل ذريعة لسياسيين يطالبون بحصصهم في النظام الطائفي.

7. "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة": ان المادة 49 من الدستور هي حقًا ثمرة اجتهادٍ دستوريّ لامع، حيث يعلو "رئيس الدولة" على إيديولوجيا "الصلاحيات"، أي على مواقع السلطة والنفوذ والقوة القائمة على النفوذ، وحيث تكمن قوته تكمن في سمو الدستور. انه الوحيد الذي يحلف اليمين الدستورية.

8. آلية التقرير: يهدف القانون في جوهره الى تسيير الأمور. لذا لا وجود لـ"ثلث" ولا لـ"تعطيل" في أي منظومة حقوقية في العالم. تذكر المادة 65 من الدستور 14 قضية مُحددة تُعتمد فيها الأكثرية الموصوفة تجنبًا لطغيان اقلية وأكثرية.

9. حكومات اجرائية: وصف الآباء المؤسسون للدستور السلطة التنفيذية بـ"السلطة الإجرائية"، أي حسب لسان العرب "جعل الأمور تجري". ان المجلس النيابي حسب الآباء المؤسسين هو المكان الدائم للحوار وليس الحكومة. يخضع تأليف الحكومات في العالم لأربعة معايير: الفعالية التنفيذية، التضامن الوزاري، الخضوع لرقابة المجلس النيابي، ووجود معارضة فاعلة خارج الحكم. تحويل الحكومات الى برلمانات مصغرة، يلغي الرقابة والمحاسبة، ويحوّل النظام الى نظام مجلسي، أي إلى ديكتاتورية أقطاب.

10. تصنيف النظام الدستوري اللبناني: انه نظام برلماني خاضع لكل قواعد الأنظمة البرلمانية المعروفة. وهو أيضًا تعددي. إن تعبيرَي "التوافق" و"الميثاقية" شُوِّها لشرعنة الاحتلال ولتأسيس هيمنة فئوية. إهمال الديموقراطية لحساب التوافقية، خديعة موصوفة. الحوكمة الجيدة تنطوي في ذاتها على النقاش وتبادل الرأي، لكن يستحيل أن تكون خارج القانون.

11. الصيغة اللبنانية اختباريًا: ليس موضوع النظام الدستوري اللبناني مجالاً لمبارزات إيديولوجية دفاعًا عن الصيغة أو نقضًا لها. للبنان دستوره وميثاق الطائف، وإذا كان لا بدّ من تعديلات عليهما فيجب أن تنبع من طبيعتهما، وتندرج في سياقهما. البديل هو الفوضى والفتنة والاحتلال المباشر او بالوكالة.

12. التعديلات المثلى ينبغي لها أنْ تجعل النظام أكثر مساواة في معيارية تطبيق قاعدة التمييز الإيجابي، وتجعل "رئيس الدولة" أكثر قدرةً على ممارسة سهره على سمو الدستور، وتجعل الحكومات "اجرائية".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم