الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

الكرامة بين الخليج والضجيج والمصير

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
جبران صوفان*السّمة الملازمة للتصريحات في الآونة الأخيرة أمست كرامة اللبنانيين ووطنهم، فيها العنفوان يدغدغ الخيال. وانما الواقع مرير، وبقدر ما يكون التحليق عالياً على أجنحة الكرامة، بقدر ما يكون السقوط مريعاً.فالكرامة اللبنانية مستباحة أصلاً في الوطن، وبالتالي لا يمكن الركون اليها كحجّة ناجحة وناجعة وكافية لحلّ العقد مع دول الخليج العربي. وأعتقد بأنه لا بدّ من إستدراك المواقف المتحمّسة، والتعاطي بواقعية مع الأزمة الناشئة، بعيداً عن التغنّي والغنائية والمغالاة. أقول ذلك توّخياً لحلّ مستدام، وليس دفاعاً عن تلك الدول. وأوّل الطريق هو الإتعاظ بمقولة سقراط "إعرف نفسك"، خاصة في وطن تكاثرت عليه أرزاء الدهر لتصيبه في صميم كيانه، ممّا يستوجب التوّقف عند بعض النقاط.أولاً – إستباحة الكرامة اللبنانية.لا يقتصر مُصطلح "الكرامة" على تعريفٍ واحدٍ، نظراً لتشعّبات الكلمة، وإن كنتُ أجدها "براءة إختراع" الله للإنسان وتمييزه عن الحيوان والجماد، فهي تعكس عطاء الخالق وكرمه. لذا، فالقيم والإحترام وصون الذات البشرية والحقوق ذات الصلة تلازم كرامة الإنسان للعيش بسلام وطمأنينة في حياة متناغمة بين "أعضاء الأسرة البشرية"، دون ان تكون تلك الحقوق المتنوّعة والمتساوية حِكراً على أحد. وتجد الكرامة مرجعيتها في توطئة ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث ورد ذكرها 6 مرّات. ويشدد الإعلان على شمولية الحقوق ووجوب إلتقاء البشر على التمتّع بها، وتقبُّل بعضهم بعضاً بكلّ إحترام بحماية النظام القانوني، ممّا يتطلب عدم التعدّي على الحقوق، والقيام بتضحيات متبادلة، إذ ان إنتهاك تلك الحقوق او إنتفاءها يعني ان كرامة الإنسان مستباحة.ولئن خَلَت مقدمّة الدستور اللبناني من ذكر "الكرامة" صراحةً، إلا أنها أشارت الى أهمّ المواثيق والحقوق التي تشكّل تكريساً للكرامة وإمتداداً لها. وفي بلدٍ يعاني من الأزمات المتراكمة والمتزامنة والمتفاقمة ومن سوء الإدارة منذ عقود، وشعبه من العذاب والإفقار والسرقة والإهانة والمذلّة ومن صنوف التجارب، وتحكّم الفاسدين بمصير الصالحين، أتساءل أيّة كرامة وطنية بقيت للبنانيين، إن هي كرامة عليلة. ولا أدلّ على ذلك سوى خلاصات مرجعيات دولية مرموقة مثل البنك الدولي في31 آب2020 ومقرّر الأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع في 12 تشرين الثاني 2021، منها:" إفلاس نموذج لبنان الاجتماعي والاقتصادي.قبضة النخبة المستترة وراء الحجاب الطائفي على الموارد الاقتصادية الرئيسية.الازمة المصنّعة تحكم على الكثيرين بفقر سيتوارثه الناس جيلا بعد جيل. العلاقة المعقّدة بين الطبقة السياسية والقطاع المصرفي مقلقة للغاية"ومن مآسينا اليومية ، أذكر:- إقتطاع المصارف حوالي 83 بالمئة من سحوبات المودعين بالدولار، قياساً على سعر صرفه في السوق الحرة، بتطبيق Haircut أمر واقع...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم