الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

لهؤلاء أفرش حبر الصفحات ليتدثّروا ويناموا ويحلموا

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
لهؤلاء أفرش حبر الصفحات ليتدثّروا ويناموا ويحلموا
لهؤلاء أفرش حبر الصفحات ليتدثّروا ويناموا ويحلموا
A+ A-

الذين لا يعثرون على ضوء، في مثل هذا اليوم، كما في كلّ يوم،

مَن يرتّب لظلمتهم نوماً مشمّساً بقمر، ويلطّف رموشهم بأحلامٍ غير مسمومة، أو بابتساماتٍ غير باكية، كي يبصروا الطريق إلى الصباح. وإذا شاؤوا، كي يسهروا الليل بنجومٍ كثيرة؟!

مَن يمسّد أرواح أطفالهم المتعبة، مَن يخبز عجينهم بنار اليقظة وبجمر النعاس؟!

مَن، في وجع الوقت الرتيب، يرشدهم إلى نهر، إلى نجمة، إلى قوس قزح، إلى لهاث قنديل، ليواصلوا موتهم البطيء؟!

مَن يهتدي إلى أكواخهم غير المرئية، إلى عيونهم المضمّخة بكتب التيه، إلى أيديهم المندثرة في الضباب، إلى سعالاتهم المريبة، إلى إيقاعات أقدامهم المرمية في هموم العدم؟!

***

لهؤلاء الذين لا يعثرون على ضوء، في مثل هذا اليوم، كما في كلّ يوم؛

الذين لا تشرق من أجلهم شمسٌ، ولا يتعالى قمرٌ لهم فوق جبال؛

الذين يكتمون ضوع أشعارهم، كي لا يرتبك وقع الحبر على بياض الصفحات؛

الذين يرتجلون حياتهم مثلما يرتجل عصفورٌ أغنيةً حنونةً، إكراماً لغصنٍ يتيم أو ثمرةٍ مجهضة؛

الذين لا يفرح من أجلهم عيدٌ، ولا ينبجس حقٌّ، ولا يتفتّح أقحوان؛

الذين لا ينامون لئلّا يعبر عيسى المسيح على الغيوم، من فوق المياه، ويراهم نياماً؛

الذين يموتون لأنهم لا يعيشون كما ينبغي للعيش أن يكون؛

لهؤلاء الذين يقيمون لشرف الإنسان، للحرية، للحبّ، لكرامة الوجود، عيداً لا تتذكّره الأعياد، ومناسبةً ليست بين المناسبات؛

لهؤلاء الذين لا يعثرون على ضوء، في مثل هذا اليوم، كما في كلّ يوم؛

لهؤلاء أفرش الصفحات، ليتدثّروا ويناموا.

لهم أفرش الحبر، ليحلموا بالصباح.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم