
لا شك أن ممارسة الجنس أمر مهم في حياة الانسان وله انعكاسات مباشرة على الحياة الصحية والنفسية والاجتماعية، ولكن جميعنا يعلم أن ما قبل ممارسة الجنس ليس كما بعده، فالمشاعر تختلف والعلاقة بين الشخصين كذلك، وردة الفعل هذه إما تكون إيجابية وطبيعية أو سلبية عند البعض. وفي هذا الإطار، نشرت صحيفة الجنس والعلاج الزوجي دراسة جديدة تقترح أن ظاهرة التعاسة بعد الجماع (Postcoital Dysphoria) وهي عبارة عن مشاعر غير مفسّرة من الحزن والتهيج والبكاء تلي ممارسة النشاط الجنسي المُرضي للطرفين قد تكون شائعةً جداً عند الرجال، وهذا اكتشاف مثير للفضول لأن أغلب الأبحاث السابقة أشارت إلى هذه الظاهرة كجانب من جوانب النشاط الجنسي عند الإناث لا الذكور.
وأضاف المؤلفان، وهما ثنائي من جامعة كوينزلاند في أستراليا، ملاحظةً مفادها أن كون هذه الدراسة هي البحث الأول في ظاهرة (PCD) عند الذكور، فلا توجد أبحاث سابقة لمقارنتها معها. ولكن المضي قُدماً سيقدّم لعلماء النفس بياناتٍ تفيد في معالجة القضايا الجنسية عند الرجال بشكل أفضل، وكشف النقاب عن موضوع تمّ تجاهله لفترة طويلة. وكتب الباحثان: "إن الثقافات الذكورية الفرعية الشائعة تفترض أن الذكور لديهم رغبة جنسية دائمة، ويمارسون الجنس بغرض المتعة. وعلاوةً على ذلك، يُعتقد أن النشاط الجنسي عند الذكور يرافقه شعور بالإنجاز والرضا وتليه شعور عاطفي إيجابي وإحساس بالرفاهية، ما يجعل ظاهرة (PCD) غير مألوفة لأنها تتناقض مع الاعتقادات البديهية السائدة حول النشاط الجنسي عند الذكور".
وتم التوصل إلى نتائج الدراسة من خلال إجراء اختبار واسع عبر الانترنت لإحصاء وفحص وجود ظاهرة (PCD) عند الذكور والإناث على حد سواء. واشتمل قسم الذكور على أسئلة حول حدوث (PCD) على مدى حياة الفرد وخلال الأسابيع الأربعة الماضية على وجه التحديد، بالإضافة إلى أسئلة لقياس شدّة الاضطراب النفسي الأخير والعجز الجنسي. وقد استكمل الاستبيان ما مجموعه 1208 رجال تتراوح أعمارهم بين 18 و81 عاماً من 78 بلداً مختلفاً. وكان أغلب المشاركين من المستقيمين جنسياً وذوي شهادات جامعية. وكانت النتائج كالتالي: 41% من الذكور عانوا سابقًا من (PCD) في حياتهم، و46% يعانون منها بشكل متقطع، و4.4% يعانون من هذه الاضطرابات معظم الوقت أو في كل وقت. وخلال الأسابيع الأربعة التي ركز عليها الاستبيان كان 16% يعانون بشكلٍ متقطع من (PCD)، و4.3% يعانون منها بشكل متكرر.
وقد كشف تحليل النتائج عن وجود ارتباط وثيق بين (PCD) الحديثة والكرب والضيق النفسي الحالي، وما يليه من انخفاض الرغبة والدوافع الجنسية واضطرابات سرعة القذف. ومن الواضح أن الميول الجنسية لها علاقة وثيقة بنتائج الظاهرة، إذ وُجد أن الرجال المثليين معرضون للتعاسة بعد الجماع بشكل أكبر. وإن الانتهاكات الجنسية في مرحلة الطفولة أيضاً لها صلة ضعيفة بهذه الظاهرة، وهذا ما كشفته الدراسة عند الإناث بشكل مرتبط مع حجم صدمة حصلت في الطفولة. وأوضح المؤلف جويل ماسكوفياك في بيان له أن "الدراسة السابقة حول مرحلة الحلّ تتطلّب من الزوجين الحفاظ على الحميمية من خلال الحديث والعناق والتقبيل، ما يؤدي بعد ذلك إلى مزيد من الرضا الجنسي والعاطفي في العلاقة الذي بدوره يقلل من حدوث ظاهرة (PCD). لذا فإن الحالة العاطفية السلبية التي تُعرف بظاهرة (PCD) لديها القدرة على أن تسبب الضيق للفرد والشريك، وتعكّر صفو العلاقات الزوجية، وتؤثر على الأداء الجنسي والعلاقة بين الزوجين".