لم تكن تجربتي مع هؤلاء الأطفال الذين يبلغون من العمر ثماني سنوات شبيهة بتجاربي الصحافية الأخرى. كانت مختلفة في كل شيء، في عفويتها وبراءتها وصراحتها. شفافية مطلقة وأحلام صغيرة مثلهم. يعرفون ما يحتاجون اليه وليس ما ينتظرونه، عيونهم المحدّقة نحوي جعلتني أشعر بمسؤولية مضاعفة، أنا معهم لنتشارك مفاهيم الغذاء الصحي والنظافة الشخصية، مبادئ بسيطة لكنها أساسية في بناء حياتهم المستقبلية.

قالوا كل ما عندهم، لم يخجلوا من إجاباتهم التي تكررت وتجسدت برسومات تٌفرغ محاكاتهم الواقع. يُحدقون في تلك المكونات البسيطة التي سيتشاركون في تحضيرها لإعداد "سناك" صحي، يمكسون الأقلام الصغيرة لرسم مفاهيم النظافة الشخصية على تلك الأوراق البيضاء. هم منهمكون بهذه المسؤولية المنوطة بهم، كأنهم في اللاوعي يعرفون أن ما يأكلونه وما يشربونه وبيئتهم الملوثة ستحدد مصيرهم الصحي في بلد يتآكله السرطان.

نجحت أناملهم الصغيرة في إنجاز مهمتهم، عبّروا عنها بابتساماتهم وتعليقاتهم "المهضومة"، أرادوا أن يتشاركوها مع غيرهم وينقلوها إلى عائلاتهم. لم يكترثوا للكاميرا التي تُحدّق بهم. لم يكترثوا من حكم أحد عليهم، وبتجربتهم الخاصة تعلّموا كيف يحافظون على حياة صحية وسليمة بعيداً من كل هذا الوباء والهراء.

ليلي جرجس