البابا فرنسيس يغسل أقدام سجناء في خميس الأسرار بعد تعافيه

فيلم - "نحنا مو هيك" لكارول منصور: وهل "نحنا هيك"؟
Smaller Bigger

ليس سهلاً تقديم فيلم عن مشكلةٍ لا نزال غارقين فيها، عن مشكلةٍ حلولها قليلة، وكل تلك الحلول الحالية تضعنا بين المطرقة والسندان. مسألة النازحين السوريين دفعت اللبنانيين كي يقفوا أمام أنفسهم ضائعين، هم الذين اعتادوا الضياع في العقود الأخيرة.


المخرجة كارول منصور أضاءت على تلك المسألة من وجهة نظر بعض النساء السوريات من خلال فيلم ""Not who we are أو باللهجة السورية "نحنا مو هيك".
تبدأ منصور فيلمها بعبارة تشي بمضمونه: "إنّه لأخطر اليوم، في الصراع الحديث، أن تكون امرأة من أن تكون جندياً". خمس نساء تتحدّث إليهن كارول منصور فينقلن واقع آلاف النساء النازحات مع أزواجهن وأولادهن. هذا الواقع ليس طبيعياً، لكنّه أيضاً ليس غريباً عن شعب لبنان الذي عاشه سنوات طويلة ولا يزال متأثّراً به. ليس سهلاً أن تسمع أمّاً تعترف بأنّها تختنق ولا تجد إلاّ أولادها كي "تفش خلقها" بهم، أو زوجة تعلن أنّها تتناول أدوية كي تستطيع إرضاء رغبات زوجها الجنسية، لأنّها تتفهّمه من ناحية، ومن ناحية أخرى "ما إلها نَفْس ع شي". ستتسارع دقّات قلبك حين تسمع أمّاً تبوح أمامك، بل أمام نفسها أوّلاً، أنّها قررت دفع ابنتيها إلى الزواج، وهما لا تزالان في الـ14 والـ16 من عمرهما، فقط كي ترتاح من مسؤوليتيهما بعد تكاثر أخبار الاغتصاب والتحرّش التي تتعرّض لها السوريات في لبنان. ستشعر أن قسمات وجهك تنكمش وأنّك تعقد حاجبيك من دون قصد حين تسمع حكاية المرأة الفلسطينية التي نزحت عائلتها إلى سوريا منذ أعوام، ثم اضطرت الى النزوح مجدداً، بعدما قُتل زوجها أمام عينيها وعيون أطفالها. وبدلاً من أن تحظى بأيامٍ من الراحة كي تستوعب ما حصل وجدت نفسها مجبرةً على السهر كي تعتني بأولادها وهي تحلم بلحظةٍ، لحظةٍ واحدة تجلس فيها مع نفسها!
"نحنا مو هيك" تقول النازحات. "يمكن النسوان اللبنانيات صارو يكرهونا لإنو أزواجُن بيقولولُن إنّو أيّ بنت سورية بتقبل تتزوّج بمية ألف، بس هيدي مش الحقيقة... يمكن في كم بنت نزعولنا صيتنا، بس نحنا مو هيك...". أمام كل مشهد سيسأل كل مشاهد لبناني نفسه: "أنا هيك؟" المنزل الذي كان بدل إيجاره 200 دولار صار "سعره الخاص" للسوريين 450 دولاراً! شخص آخر لا يؤجّر السوريين، أو لا يسمح لنازحٍ سوري بالعمل عنده! "نحنا هيك"؟ سؤال سيتردّد كثيراً. لكن، في الواقع، اللبنانيون كما السوريين، يعانون من البعض الذين يشوّهون سمعتهم، إنّما بشكل عام "نحنا مش هيك".
أهّمية هذا الفيلم تكمن في أنّها تدفع كل شخصٍ، واللبناني خصوصاً، إلى إعادة التفكير. لكنّ الصعوبة التي تحدّثنا عنها في البداية هي في الحلول الممكنة. ربّما من يُشاهد هذا الفيلم سيجد نفسه أكثر رحمة وأكثر تفهّماً لحاجات شعبٍ "يحلم بالموت في وطنه رافع الرأس بدل العيش في لبنان ذليلاً". لكن هل نصل إلى حلٍّ؟ "نحنا مش هيك" أيضاً. نحن لا نستمتع برؤية إخوتنا يتألّمون. نحن لا نفرح بمشاهدة النازحين ينامون في حقلٍ يفيض بالمياه. نحن لا نسعى إلى إهانة أشخاصٍ لا حول لهم ولا قوّة. قاسٍ هذا الفيلم. إنّه يلحق بنا مثل ضميرنا، لا يسمح لنا بالوقوف على الحياد، ولا يقبل بجواب "لا تعليق". نحن، اللبنانيين، نعترف أنّنا نلجأ دوماً إلى خطّة النعامة، وبهذه الطريقة نجد مخرجاً لمشكلاتنا. هذا ما نفعله كل يوم، أمام كلّ مشكلة. كارول منصور تحمل فيلمها وتلحق بنا وتسأل: "ما تريدون أن تفعلوا؟".
من المؤكّد أنّنا سنعلن بصوت واحد: "سنكون أكثر رحمة". لكنّ ذلك لن يشفي الجرح، بل سيخدّر الوجع قليلاً. الحلّ الجذري أن تتوقّف الحرب. الحل أن تقف الإنسانية في وجه المدافع. الإنسان يموت أمام المدافع، أمّا الإنسانية فلا تصاب، بل على العكس، تصبح أقوى! "هُم مو هيك"، ونحن أيضاً "مش هيك"، لكنّ الحرب جعلتهم وجعلتنا هيك!

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 10/11/2025 1:00:00 AM
كان يسافر على متن طائرة بوينغ خاصة قيمتها 60 مليون دولار...
المشرق-العربي 10/11/2025 1:12:00 PM
على الرغم من السرّية الشديدة التي تُحيط بمخبأ الأسد الخفي، تمكّن فريق الصحيفة الألمانية من دخول المبنى نفسه والتقوا هناك بوكيلة عقارات محلية عرّفت عن نفسها باسم مستعار هو ناتاشا.
كتاب النهار 10/11/2025 9:39:00 AM
لا إعمار قبل تسليم السلاح، حتى لو عطل بري إقرار موازنة ٢٠٢٦
لبنان 10/11/2025 6:42:00 AM
الغارات أدّت إلى سقوط ضحايا وجرحى بحسب المعلومات الأولية