الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

صرخة!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
صرخة!
صرخة!
A+ A-

يا للمُصيبة! لقد أقفلوا المقهى المُفضّل لدى الفنان الشاب سيمون مهنا (24 سنة). ومذذاك وهو "مأضرب" عن المقاهي، ويمضي الأوقات المُخصّصة "للشرقطة" والإبداع في مُحترفه الجديد. ولكي لا يشعر بالوحدة، يواسيه "وليد"، القط الذي يملأ المُحترف بزحمته البريئة والزاخرة بالفرح.


في المقهى الذي ارتاده سيمون لأكثر من عامين، اعتاد الزوّار مشاهدته على طاولته التي "حضنت" جنونه، وتلك الصراعات الداخليّة التي يعيشها طقسه اليوميّ. جرت العادة أن يجلس ساعات طويلة ناقلاً ترجمته للواقع إلى الدفتر المُخصّص للرسم. يقول لـ"النهار"، "أولي الإسكتشات الأهميّة عينها التي يُمكن أن أعطيها للوحات".

أقفل المقهى أبوابه في ساسين قبل أشهر، فما كان أمام سيمون سوى خيار أن ينقل "رواق مُخيلته" إلى المحترف، حيث "وليد" وعالمه الزاهي. يُعلّق ببساطة: "للمقهى رونقه. وتحديداً المقهى الذي حوّلته مُحترفي اليوميّ طوال عامين". يضيف بعد صمت وجيز: "اشتقت إلى الرسم في المقهى".

لا بأس، فإن "وليد" والموسيقى التي لا تتوقّف، من العناصر التي تُضيف القليل من الحياة إلى مُحترفه "المسكون" بالصراعات، الكثير من الصراعات الداخليّة. يشرح سيمون قائلاً: "أعمالي تتمحور على الصراع بشكل عام. ولكن في السلسلة الأخيرة التي أنجزتها، أضفت إلى الصراعات عنصر الإزدواجيّة الكامن داخل كل واحد منّا".

يمضي قائلاً: "لكل واحد منّا شخصيّة طاغية وأخرى تتربّص في مكان ما خلف طبقات مُتداخلة، ويُمكن أن تكون الشخصيّة المُتربّصة خلف الأخرى الظاهريّة فنيّة في إطلالتها. أمّا عنصر الصراع الذي يسحرني ويسكن أعمالي، فلا بدّ من أن يعيشه الإنسان ليتمكّن من أن ينتقل إلى عمليّة الخَلق".

أطلق على السلسلة التي تتضمّن نسبة أكبر من الألوان مُقارنةً بالسلسلة التي سبقتها، عنوان "صرخة داخليّة"، وهي مؤلّفة من 40 لوحة تُجسّد الصرخة التي ربما كظمناها خوفاً من الآخرين وأحكامهم المُسبقة عليها... وعلينا!

يُعلّق ضاحكاً: "قد أبدو للآخرين كأنني هادئ الطباع، ولكنني في الحقيقة عصبيّ إلى أبعد الحدود". اللوحات التي أنجزها ضمن سلسلة "الصرخة الداخليّة"، تنطوي بدورها على الكثير من الإنفعال وبعض توتّر والكثير من العصبيّة.

وغالباً ما يُغطّي سيمون ملامحها الواضحة بخطوط تخفي جمالها المثاليّ، "بحب التكسير بالخطّ، أحاول تكسير الصورة الجميلة".

فبهذه الطريقة، يَظهر الأسلوب الحادّ الذي يُميّز هذا الشاب الذي يشقّ طريقه الفنيّة بهدوء يخفي الكثير من الغليان. واليوم، بعدما أقفل المقهى الذي كان ملاذه الإبداعيّ، يُحوّل سيمون ساعات الليل الطويلة، أرجوحة صراعاته الداخليّة. الليل يواسي انفعالاته، والهدوء الذي "يُهيّمن" على حركة "وليد" الدائمة ويطغي عليها أحياناً، يحصر التحديّ الإبداعيّ بين سيمون واللوحة.

في السلسلة الجديدة، سنُشاهد القليل من الألوان، وبعض أشكال بريئة أو فلنقلها "متل ما هيّي": ساذجة. "بالون" من هُنا، "شختورة ورق" من هُناك. يبدو أن سيمون مهنا في بحث مُستمرّ عن الحلم. الحُلم الضائع؟

يضحك قبل أن يُجيب: "حُلم من ورق"!

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم