مراحل التحلّل التي يمرّ فيها الجسم بعد موته

مرمياً في التراب وعلى معصمه الهزيل سوار المستشفى، هامداً كورقة خريفٍ ذابلة، توصيف لرفات طفل عثر عليه جثةً محلّلة. الطفل لم يبق منه شيء سوى العظام. فكيف نفسَر علمياً ظاهرة التحلل، وماذا يتبقى من جثة الميت؟

بات من الشائع جداً العثور على أجساد متحلّلة حديثةً كانت أو قديمة. تمر الجثة بمراحل وتغيرات عدة تبدأ بعد الوفاة مباشرة إلى أن تتحلل كليّاً وتبقى العظام وحدها بحسب ما أفاد الطبيب الشرعي نعمة ملاح لـ "النهار".

بعد مرور نصف ساعة على الوفاة، تتدمّر الخلايا بفعل أنزيماتها الهاضمة التي نتجت من ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، والذي رفع بدوره حموضة الدم. كما تضطلع الميكروبات الداخليّة والبكتيريا بدور في هذه المرحلة، إضافة إلى بدء ظهور بقع حمراء أو أرجوانيّة في مناطق مختلفة.

 بعد نحو ساعتين إلى ثلاث ساعات من الموت، تبدأ المنطقة السفلى من الجثة بالازرقاق نتيجة توقف الدورة الدموية بحيث ينزل الدم إلى المنطقة السفلى بحكم الجاذبية. وبعد مرور أربع ساعات، تبدأ المفاصل بالتيبس الذي يكتمل بعد مرور 10 ساعات. لاحقاً، تجف عينا الجثة وتتغير حرارتها بحيث تتخذ حرارة البيئة الطبيعية التي وضعت فيها.

هنا يبدأ تحلل الجثة حيث يتخمر الجسد نتيجة تفاعلات كيميائية تحصل فيه وتختلف باختلاف درجة حرارة الوسط الذي وضعت فيه. فتسرع عملية التخمر كلما ارتفعت درجات الحرارة. كما يمكن لحال المتوفى الصحية في حال كان يعاني السمنة أو أزمة إلتهابات قوية، أن تسرع من عملية التحلل لأن الدهون تتحلل بطريقة أسرع.

 بعدها، تنتفخ الجثة وتنبعث منها رائحة قوية يتبعها اخضرار في الجدار السفلي للبطن إلى جهة اليمين إلى أن يخضر كاملاً. عند ذلك، تتسرب الديدان من البطن الى الخارج محدثةً ثقوباً فيه، ثم تنتفخ الطبقة الخارجية للجلد ويتغير لونها الى الأسود تدريجياً حتى تتحلل كلياً.

وتختلف عملية التحلل بحسب طريقة الدفن. فوضع الجثة في التابوت بحسب الطريقة المسيحية، يؤدي إلى صعوبة تحلل الجثة، فتنشف وتتقدد لتتحول مومياء. وتستغرق الجثة نحو السنة ونصف السنة الى السنتين كي تتحلل كلياً فيبقى الهيكل العظمي والأسنان.

وأكد ملاح أن "طريقة التحلل لا تتغير باختلاف عمر صاحب الجثة التي يصعب تحديد موعد وفاتها، إلا أن كل الجثث مصيرها التحلل أو التقدد، وكل ما يشاع عن وجود جثة غير محللة او غير مقددة، باستثناء الجثث المحنطة، فهذا خطأ".