الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

حوار "أمل" - "التيار الوطني": أي نتيجة تُنتظر منه وأي دلالات يحمل؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
حوار "أمل" - "التيار الوطني": أي نتيجة تُنتظر منه وأي دلالات يحمل؟
حوار "أمل" - "التيار الوطني": أي نتيجة تُنتظر منه وأي دلالات يحمل؟
A+ A-

يبدي "التيار الوطني الحر" حفاوة بالتفاهم المرتقب ان يبرمه مع حركة "امل" اكبر من احتفاء الحركة بهذا التطور السياسي الجديد. فلم يعد جديدا ان مصادر التيار هي التي سربت نبأ اللقاءات وجلسات الحوار الجارية بين الطرفين خلف الكواليس، فيما لا تزال اوساط الحركة المعنية على صمتها حيال الامر.


واول من امس، اعلن التيار ان مجلسه السياسي الذي اجتمع برئاسة الوزير جبران باسيل اجرى عملية تقويم لمسار الحوار الجاري مع "أمل" وخرج باستنتاج فحواه انه "حوار متقدم وجدي ويبتغي التوصل الى نوع من الاتفاق او التفاهم او الاعلان".
نائب رئيس التيار الوزير السابق نقولا صحناوي أوضح في اتصال مع "النهار" ان "الامور مع حركة امل ما زالت في اطار الحوار والتفاوض". وقال: "نحن مرتاحون الى المسار والى النتائج المرتقبة، واعتقد انهم هم ايضا (الحركة) يعيشون الاجواء عينها". واذ اشار الى انه لا يمكن تحديد موعد بعد لانضاج الاطار المشترك قال: "اننا ما زلنا نأخذ وقتنا في النقاش والحوار لكي ننتج معا صيغة متقدمة ومنتجة حاضرا ومستقبلا".
وردا على سؤال: لماذا الكشف عن مسار الحوار ما دامت عملية استيلاد الاطار المنتظر ليست قاب قوسين او ادنى؟ اجاب: "لتكون كل الناس وكل قاعدتنا على بينة من الامر، فنحن اعتدنا ان نكون واضحين، وحرصاء على ان تكون خطواتنا وافعالنا في الضوء تماما"، رافضاً الافصاح عن طبيعة الاطار المنتظر. وأضاف: "ما زال هذا الامر في اطار الحوار مع الحركة، وعلى كل نحن واثقون بان الامور قطعت شوطا متقدما ولا يمكن معها الرجوع الى الوراء وستمضي قدما الى خواتيمها المأمولة".
وعليه بات السؤال المطروح في اوساط معينة: لماذا يتصرف "التيار البرتقالي" مع هذه الخطوة على اساس انها انجاز نوعي يعتدّ به ويبنى عليه، فيما الشريك في التفاهم الموعود يعتصم بالصمت وكأن شيئا لا تُنسج خيوطه على مهل بعيدا من الاضواء وقد قطع شوطا؟
تتباين ولا شك التحليلات ازاء هذا الحدث، فالواضح ان ثمة شعوراً يسري في اوساط التيار فحواه انه يقدم على هذه الخطوة تمهيداً لطي صفحة تناقضٍ امتدت لاحقاً لتمسي صفحة عداء وقطيعة استمرت طويلا مع تيار سياسي وازن وعريق على الساحة السياسية، وارتدّت عليه خسائر ومشاكل سياسية لا يستهان بها، فضلا عن ان هذا التناقض احرج شريك التيار الآخر على الساحة الشيعية، اي "حزب الله"، الذي بذل جهداً لرأب الصدع والحيلولة دون تفاقم الصراع.
ومن البديهي ان التيار يعدد في كواليسه اكثر من مكسب سيجنيه حاضراً ولاحقاً من خلال هذا التفاهم الموعود، فهو إن حصل سيمكن التيار من استكمال عقد تفاهمات وطنية ابرمها مع العديد من مكونات الساحة خلال الاعوام العشرة المنصرمة كانت باكورتها تفاهمه المدوّي مع "حزب الله"، ثم "تفاهم معراب" مع حزب "القوات اللبنانية" الذي قلب المعادلات والموازين في الشارع المسيحي وفرض واقعا مختلفا مهّد السبل امام بلوغ عون سدة الرئاسة الاولى، واخيرا وليس آخرا "الهدنة" التي ابرمها مع "تيار المستقبل" بعد قبول زعيمه الرئيس سعد الحريري بخيار عون رئيساً، والتي تحاكي تفاهماً واتفاقاً ولكن "اتفاق جنتلمان".
وبناء على كل هذه المعطيات فان "التيار البرتقالي" يعتبر ان التفاهم الموعود يفضي في الضمن الى ان يصب في خانة تعزيز حضوره السياسي والى اقرار متجدد بمكانته السياسية ودوره وموقعه في معادلات المشهد السياسي عموما، خصوصا ان عهد تناقضه في السابق مع حركة "امل" ورئيسها الرئيس نبيه بري كان في رأي البعض داخل التيار نقطة سلبية بالنسبة الى الأخير ومسيرته السياسية وحالت دون الكثير من طموحاته، خصوصا ان بري خاض في الاعوام المنصرمة ما يشبه "الاشتباك السياسي الحاد" مع "التيار البرتقالي" ومؤسسه تجلت في العديد من المحطات السياسية ذات الطبيعة المفصلية.
وفي المقابل، ثمة شعور لدى اوساط في حركة "امل" بان هذه الخطوة تعد تراجعا وقبولا بأمر واقع فرض عليها فرضا، خصوصا انه في فترة القطيعة بين الطرفين وما تخللها من اشتباكات سياسية، نمت في قواعد الحركة نظرة اتسمت بالسلبية حيال "التيار البرتقالي" وادائه، ولا سيما بعدما سرت في اوساط قاعدة الحركة مقولة ان لدى التيار شهية سياسية مفتوحة تبلغ حد الجشع. ومن باب التذكير ان أسّ الخلاف بدأ منذ معركة الانتخابات النيابية في دائرة جزين عام 2009 حيث رفض التيار كل تمنيات بري ورسائله الراغبة في حصة نيابية في تلك الدائرة انطلاقا من ان الشيعة هم شركاء في الدائرة بما يقارب الثلث، وامتدت لاحقا الى ملفات اخرى منها ملف "مؤسسة الكهرباء". ويتعزز الشعور السلبي لدى قاعدة الحركة حيال هذا التطور المستجد من معادلة انه ما أتى إلا عقب وصول العماد عون الى سدة الرئاسة بعد طول ممانعة من بري وفريقه، وبعد تحقيق "التيار البرتقالي" مكاسب في الحكومة وعلى مستوى الدولة عموما، بحيث بدا الامر كله بمثابة خضوع للامر الواقع المفروض وليس نتيجة تطور طبيعي.
وفي موازاة ذلك، ثمة من يدرج الامر كله في سياق عملية اعادة تموضع سياسي اقدم عليها الرئيس بري في الآونة الاخيرة وبدت في ابرز تجلياتها في زيارة بري الى طهران ومشاركته في المؤتمر الخامس لدعم الانتفاضة الذي احتضنته العاصمة الايرانية واحاطته بعناية فائقة وضم اكثر من 600 شخصية محسوبة على الخط الايراني. ورغم ان مقربين من عين التينة اشاروا الى ان بري نصح القيادة الايرانية بضرورة العمل لتحسين علاقتها بالسعودية، فان ثمة مراقبين في بيروت ادرجوا الزيارة في خانة الانقلاب على مسار كان رئيس المجلس سار به في فترة ما وبلغ حد التفكير جديا في تلبية دعوة رسمية وجهت اليه لزيارة الرياض وتجديد العلاقة بخط سياسي معين.
وفي كل الاحوال ثمة من يرى ان القيمة الكبرى لهذا التفاهم الموعود تتجسد في دلالاته واْبعاده اكثر مما تتجسد في ترجماته العملية، وهذه الحال تنطبق على الطرفين معا.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم