الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

الزيارة الأولى للخارج في أولويتها وتوقيتها: الرئيس هو الضامن للعلاقات مع الخليج

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
الزيارة الأولى للخارج في أولويتها وتوقيتها: الرئيس هو الضامن للعلاقات مع الخليج
الزيارة الأولى للخارج في أولويتها وتوقيتها: الرئيس هو الضامن للعلاقات مع الخليج
A+ A-

بطيّ صفحة التوتر مع الدول الخليجية وفي مقدمها المملكة السعودية التي يزورها الرئيس ميشال عون يوم الاثنين المقبل قبل أن يزور قطر، وهما محطتان أساسيتان من ضمن جولة تشمل دولا عربية أخرى كما تردد، ثمة نقاط تكتسب دلالات في رأي مصادر سياسية قد يكون أبرزها أن الزيارة تعني في موازاة الانفتاح المتجدد إقفال الباب على المواقف التي ساهمت في التوتر مع المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي في البداية، أي أن "حزب الله" طوى صفحة الحملات التي شنها على المملكة والتي سعرتها حرب اليمن وأحداث البحرين، وهو لن يعود اليها تحت أي وطأة أو ظروف في المدى المنظور. ويثير هذا الأمر علامات استفهام عن كون رئيس الجمهورية الضامن والمسؤول الاول لعدم عودة التشنج الى العلاقات الثنائية وعدم افساحه في المجال لعودة الامور الى الوراء، انطلاقا من موقعه الرئاسي من جهة ومن تحالف تياره مع الحزب من جهة أخرى. ففي العلاقات بين الدول ليس ثمة من يكتفي بأن يطالب فحسب على غرار ما يتم التركيز مثلا بالنسبة الى حتمية ورود طلب لبنان من المملكة اعادة العمل بالهبة السعودية للجيش، والتي توقفت إثر مخاوف ساورت قادة المملكة من الاتجاهات السياسية التي يمليها الحزب على الوضع اللبناني بمختلف أبعاده، أو أن يتم الطلب من مسؤولي المملكة أن يشجعوا عودة رعاياهم الى لبنان، للسياحة أو للاستثمار، نظرا الى الانعكاسات الايجابية التي يترقبها لبنان على هذا الصعيد، وعانى بفعل غيابها كثيرا في الاعوام الاخيرة. ويتطلب ذلك موقفا ايجابيا مماثلا من الجانب اللبناني، بحيث ان العودة الى إحياء الهبة يفترض ان تلبي مصالح المملكة في الدرجة الاولى في الاستثمار في لبنان، سياسيا وماديا. ويرسم كثر علامات استفهام عما اذا كان ذلك سيحصل ابان الزيارة انطلاقا من ان حصوله سيعكس ايجابيات اكثر مما توقعه هؤلاء حتى الآن، انطلاقا من ان الامور لا تتوقف على النيات الحسنة او المواقف الايجابية بل تتعداها الى الافعال، وهو ما قد يكون منتظرا في رأي هؤلاء دعما للعهد الجديد ولإيلائه الثقة بكونه الضامن لما كان يشكل عوامل قلق وانزعاج في المرحلة الماضية. والواقع أن رئيس الجمهورية أعطى المؤشرات الإيجابية في خطاب القسم حول موقع لبنان العربي والتزامه هذا الموقع، مما يفترض تاليا أن تزول أسباب الأزمة مع الدول الخليجية بعد مواقف تسببت بها في السياسة الخارجية، وهو ما شجع زيارات مسؤولين من المملكة ودعوة للرئيس عون لزيارتها، علما أن الزيارة ليست وحدها ما قد ينطوي على إشارات إيجابية، بل هي الزيارة الاولى لرئيس الجمهورية للخارج، بما يكسبها دلالات أكبر معبرة عن النية الجدية لإصلاح ذات البين ويعيد الاعتبار الى موقع السعودية بالنسبة الى لبنان، وكذلك دول الخليج الأخرى. ولا يعبر عن مدى أهمية الزيارة وأولويتها إلا مدى الشرخ بانعكاساته السلبية الكبيرة ووجوب وضع مداميك فعلية لإنهائه.


ينطوي ذلك كله في الوقت نفسه على جانب لافت في رأي المصادر السياسية، لم يحظ حتى الآن بالاهتمام الكافي، لأن التطورات الداخلية المتسارعة خلال الشهرين الماضيين أخذت حيزا كبيرا بما اتاح اغفال جوانب قد تحتاج الى المزيد من الوقت لاتضاحها، وذلك عطفا على التوتر الذي ساد مع الدول الخليجية تبعا لتطورات المنطقة، من اليمن فالبحرين وسوريا والعراق. فالاوضاع في هذه الدول كلها لا تزال على حالها، فيما التسوية التي يصرّ معنيون كثر على اعتبارها داخلية فقط، شملت ظواهر أخرى كانت متصلة بهذه التطورات الإقليمية على نحو مباشر على غرار الحملات التي كان يشنها "حزب الله"، لاعتبارات تتصل بالحروب الجارية في المنطقة، قد هدأت أيضا، فلم يعد اليمن او البحرين مثلا أولوية في المواقف السياسية، بل تراجعت الاولوية لمصلحة تسوية تسري مفاعيلها بقوة في لبنان حتى إشعار آخر، ولم يتم الكشف عن أبعادها الخارجية كليا. ومعلوم أن هناك من يسلط الضوء على مقدار الأذى الذي لحق بلبنان نتيجة تدهور علاقاته مع الدول الخليجية، والذي تعبر عنه وفود رجال الاعمال اللبنانيين في المملكة والطامحين الى اعادة تطبيع العلاقات بأسرع ما يمكن، كما يسلط الضوء على مقدار ما عانى ويعاني الوضع الاقتصادي في لبنان تبعا لذلك، والذي ينتظر تاليا خطوات عملانية على غرار الزيارة الرئاسية لتبديد الغيوم السوداء في هذه العلاقات واعادة اطلاقها من جديد. وثمة من يؤكد في هذا الاطار انه كان يثقل على الحزب كل التطورات التي حصلت في هذا الملف، باعتبار انه لم يرغب في ان يكون في نظر اللبنانيين من مؤيديه وسواهم ممن أهدر فرص عملهم وكسب ارزاقهم في ضوء الاجراءات التي اتخذت في حق كثيرين. جانب آخر في هذا البعد يشكل نوعا من الاطمئنان الى ان الواقع الجديد الذي افرزته التسوية التي قضت بانتخاب رئيس الجمهورية ورئاسة الرئيس سعد الحريري للحكومة يجد ضمانه في العلاقات الانفتاحية مجددا، وهو ما قد يعيد بعضا من التوازن السياسي المفقود الى هذا الواقع كما الى السياسة الخارجية اللبنانية، وكل ذلك حتى إشعار آخر، انطلاقا من أنه كما أعلن الرئيس الحريري، هناك تشكيك كبير في الواقع الراهن، بحيث يترقب اللبنانيون باهتمام المدى الذي سيستمر عليه الطابع الوفاقي التسووي، ومتى وكيف ستعود الامور الى سابق عهدها، وهل تنتظر موعد الانتخابات النيابية او تسبقه؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم