يظل حضور ريما طويل، هذه الرسولة الحاملة في خامة صوتها قدر النساء الخالدات، منبعاً للفرح والعزاء، مهما طال مسارها الفني في الزمن، وجال اسمها المرهون للغناء الأوبرالي على مسارح العالم. هكذا كانت في أمسية الأسامبلي هول، ضيفة فوق العادة،تحتفل مع عازفيها الثلاثة، بيوبيل المئة والخمسين لأكاديمية الفنون والعلوم في الجامعة الأميركية.
ثلاثة عازفين مسكوبون في خامتها، طيّعون في التفاف الكمان والشيللو حول ليونة أوتارها ومزاياها في تجسيد كل دور بصوتها، حيث يغدو الصوت جسدا يفوز بمهمته في استعادة شخصيات الأوبرا النسائية الخالدة. دنيس دوبوا على البيانو، كريستوف جيوفانينيتي على الكمان، أنطوني لوروا على الشيللو، في قائمة شاءتها السوبرانو، وليمة من أدوار متنوّعة بألوانها ومذاقاتها: بورسيل، غرشوين، فردي، سان- سانس ، بوتشيني، دي فايا، بيزيه، وشابلن.
الديفا ألِفت وهج المسرح وأنظار الجمهور إليها، تطل فيعلو التصفيق. من أوبرا "ديدو وأينياس" الشهيرة لهنري بورسيل البداية. ديدون ملكة قرطاجة لا تقوى على تخلي حبيبها البطل الأغريقي إينيه عنها، لمحاربة إيطاليا. يعود صوتها حاملاً قدر امرأة من زمن العنصرية الأميركية. أوبرا "بورغي أند بيس" التي كتبها جورج غرشوين في الثلاثينات، صورة حيّة عن أجواء ذلك الوقت. ثم ها هي "عايدة" من أوبرا فردي، تشدو رجوع العسكر منتصراً، الموسيقى ساهرة على ارتعاشات صوتها، كأنها في سر قلبها تكشف عن خبايا حب عابق بالأسرار.
بعد الاستراحة عادت وفي قائمة الجزء الثاني، "مدام باترفلاي" لبوتشيني وبيزيه ودي فايا وشابلن. أمسية عامرة بأطايب الآيات الأوبرالية. الكمان رسم الحدود لـ"حياة عابرة" من أوبرا مانويل دي فايا. ريما غنّت مأساة هذا الحب وهي تتمايل برهافة الحركة كراقصة متخفّية في ثوبها المسرحي الكلاسيكي.
"إبتسم" لشابلن، كانت وصيّتها الأخيرة للجمهور. إبتسم مهما جرى، إبتسم حتى تظل الدنيا تبتسم لك. غنّت ريما طويل ليس فقط لتؤدّي رسالتها كمغنّية عالمية، غنّت ففرشت حولها حلاوة الوجود.
نبض