الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

كيفورك لآغافني: أحبكِ من دون رفاه ولا بنين

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
كيفورك لآغافني: أحبكِ من دون رفاه ولا بنين
كيفورك لآغافني: أحبكِ من دون رفاه ولا بنين
A+ A-

نصف قرن لم يطفئ شمعة حب كيفورك لزوجته آغافني، بل على النقيض كلما اتكأت عليه بدلاً من عكازها حركت مشاعره وتوهج جمر حبه لها، فتوقد شغفه لارضائها والاهتمام بها كونها عاجزة عن الحركة بعدما غدر الزمان بها وأصبحت شبه طريحة الفراش نتيجة مرض "الفالج".


"بحب كل شي فيها"، هي العبارة التي اختصر فيها الزوج أسباب وفائه لزوجة لم يرزق منها بولد، ومع ذلك أبى إلا الاستمرار معها حتى باتسندها في مواجهة صعاب الحياة، تمسك بيده في تنقلها وأكلها وحتى نومها.
"النهار" قصدت الحبيبين اللذين يسكنان في منطقة برج حمود، التقت بهما واستمعت لقصة لا تقل شغفاً وولهاً عن قصة حب قيس لليلى وعنترة لعبلة.


اللقاء الأول
ممسكاً بيدها، بدأ كيفورك حديثه عن اللقاء الأول الذي جمعه بشريكة حياته "ارتباطي بها في العام 1964 كان تقليدياً، لكن منذ النظرة الأولى شعرت بكياني يهتز، أحسست أنها نصفي الآخر، أنها روحي التي كانت تائهة خارج جسدي، ومع الايام بدأ الاعجاب يتحوّل حباً بنيَ على أسس صلبة من التفاهم والاحترام، زادت من صلابته صفاتها الجميلة فهي حنونة هادئة لا تتطلب، لا أذكر يوماً أننا تعاركنا لأي سبب، حتى موضوع عدم انجابنا الأطفال لم يؤثر في علاقتنا، بل اعتبرنا أن هذه ارادة الله وأن ما يربطنا أقوى من أن يفرقه ولد".


محور حياته
غرفة واحدة في مدخل مبنى قديم كللت حبهما الذي كانت تفوح منه رائحة الهناء، لكن اليوم طار الهناء وطارت رائحته لتحل مكانهما رطوبة وعفن وأوساخ لاشك في ان لها تأثيرات سلبية على صحتهما، عن ذلك يقول: "أيامي تتمحور حول حبيبتي، كل همي تأمين الطعام لها، ومع ذلك أقوم بتنظيف المنزل قدر المستطاع وغسل الملابس، لا أحد يعاونني وأنا رجل همتي ليست قوية أستند الى عكاز علّه يحمل جزءاً من همي".
350 ألف ل.ل هو بدل الايجار السنوي الذي يدفعه كيفورك كي يؤوي نفسه وزوجته تحت سقف، ومع ذلك فهما يخشيان مجيء يوم يعجزان فيه عن تأمين بدل الايجار، فيضطران إلى التحاف السماء، ويلفت: "أنا أعمل إسكافياً، ولديّ دكان الى جانب الغرفة التي أقطن فيها، لكن مع الوقت خفّ عملي، ولم يعد يقصدني أحدٌ لذلك اتكل الآن على أحد أقاربي الذي يخصص لي مبلغ خمسين ألف ليرة شهرياً كما أن الله لم ينسنا ولن ينسانا يوماً، ولم ننم يوماً من دون طعام أو من دون لحاف يقينا البرد وهذا يكفينا".


رغم عجزها نطقت
بابتسامة عجز الزمن عن سلبها إياها، تحاول آغافني أن تشارك زوجها الحديث والتعبير عن مدى امتنانها له، وعلى رغم الصعوبة التي تواجهها في النطق الا أن عينيها تبوحان بما تعجز عن ايصاله الكلمات، فتقول: "لا يتركني، لا ينساني، يستمر في الجلوس معي صباحاً، يقوم باطعامي ثم ترتيب المنزل وغسل الملابس ووجهي ويداي وإن كنت بحاجة الى الاستحمام يقوم بذلك، عند الساعة الثانية من بعد الظهر يؤمن طعام الغداء، ليقصد عند الثالثة بعد الظهر أحد النوادي، يجلس مع أصدقائه يرفّه عن نفسه قبل أن يعود إلى المنزل ويرقد إلى النوم بعد استماعه إلى الأخبار".


السلام أمنيته
لا أجواء أعياد في الحي الذي يقطنه كيفورك، كيف ذلك والفقر يعشعش في كل زاوية منه، فتأمين لقمة العيش أولى من شراء زينة وأضواء، ومع ذلك حب الجيران بعضهم لبعض ظاهر، فجارة آغافني تطمئن عليها يومياً ولا تنسى حصة لها من كل طبخة تطهوها.
لا يعرف كيفورك أين سيمضي العيد هذا السنة، لكن العام الماضي كان جميلاً فقد اصطحب وزوجته الى خارج المنزل في احتفال رعته إحدى الجمعيات، ويقول: "على رغم أننا حرمنا من عائلة بكل ما للكلمة من معنى إذ لا عيد من دون أولاد، حتى شجرة الميلاد لا نجلبها كونها تفرح الصغار قبل الكبار، ومع ذلك أحاول أن أتناسى الوضع الذي وجدت نفسي فيه وأن أتعايش مع الأمر ببساطة، فليسَ في يدي أي قدرة على تغيير قدري".
وعن أمنياته، يجيب: "ماذا أطلب، أشكر الله على كل نعمه، وغاية أمنياتي السلام للحكومة والشعب اللبناني"، أما آغافني فقد عجز لسانها عن نطق أمنيتها لتفضحها عينها وتشير الى أن الشفاء والقدرة على الحركة هما أقصى ما تصبو اليه في هذه الحياة التي غدرت بها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم