الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

"داعش" ونسف تحالفات الإقليم؟

راجح الخوري
A+ A-

انطلق قطار التحالف الدولي لضرب "داعش" في سوريا والعراق وربما في بلدان أخرى، فعندما يُعلن في مؤتمر باريس ان هناك ٥١ بلداً تغذي التنظيم بالموارد المالية والمقاتلين، فهذا يعني ان الحرب عسكرياً واستخبارياً وتجفيفاً للموارد المالية، يمكن ان تتسع وستستمر زمناً طويلاً، ولم يكن من المستغرب ان يتحدث الامير سعود الفيصل عن الحاجة الى عقد من الزمن لاستئصال الارهاب.
ثمة من يضع حججاً خشبية واهية لوقف هذا القطار، إن من خلال الهجوم على الأهداف الاميركية من التحالف، وإن من خلال الحديث عن احترام القانون الدولي وسيادة والدول، لكن من الواضح انه لو كان هناك من مكان في القطار للإيرانيين وللنظام السوري، لكنّا سمعنا كلاماً مختلفاً تماماً يشيد بالتحالف كما تمت الاشادة بداية بواشنطن بعد قصف مواقع "داعش" في الموصل وعند السد هناك، حيث سارعت ايران الى تسليح البيشمركة وبدت شريكة لواشنطن في المعركة !
الأوركسترا الروسية الايرانية الأسدية لا تكتفي بأن تعزف نشازاً في تشكيكها بالتحالف، بل عمدت الى اعلان مواقف هدفها التعمية وخلق الالتباس، فقد اعلنت طهران انها هي التي رفضت طلب اميركا الانضمام الى التحالف، في حين يواظب جون كيري منذ أسبوع ونيف على القول ان اميركا لم ولن تتعاون مع ايران في الحرب على "داعش"!
النظام السوري سرّب اخباراً عن تعاونه مع اميركا عبر طرف ثالث هو المانيا ثم عمد الى نفي ذلك، مع أنه لا حاجة الى النفي لأن الكونغرس يستجيب طلب باراك اوباما الإسراع في تدريب المعارضة السورية وتسليحها، التي ستقاتل "داعش" وتملأ الفراغ بعد انهيارها، بما يعني ان النظام يسير الى نهايته المحتّمة.
كيري الذي تعب في الايام الأخيرة من تكرار التأكيد ان لا مكان للنظام السوري في المعركة وان الخيار ليس بين الديكتاتورية المتوحشة والارهاب الوحشي، اضطّر تكراراً الى إسماع الاسد كلاماً لم يكن ينتظره، فعندما هدد بالتصدي للمقاتلات الاميركية حذره بالقول: "لا تقوموا بأي عمل تندمون عليه اكثر"!
الروس الذين يغرقون القانون الدولي في وحول اوكرانيا، والإيرانيون الذين يعرفون ان حليفهم الاسد ساهم في خلق "داعش"، يدركون ضمناً انهم يطرحون معادلات بشعة بالدعوة الى التحالف مع من تسبب بخلق المشكلة للعمل على حلّها، ويدركون جيداً ان التحالف مع ايران لضرب "داعش" سيقوّيها سنّياً في ظل المشاعر المذهبية الملتهبة في المنطقة !
الرهان على سياسة الاستبداد مع نوري المالكي وسياسة القتل مع الاسد، هو الذي أوصل الوضع الى مفترق لن يضرب "داعش" فحسب، بل سيؤدي الى تغيير جذري في الخريطة السياسية للمنطقة وتحالفاتها... وأزمة موسكو وطهران انهما في دفاعهما عن الاسد تبدوان كمن يدافع عن "داعش"!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم