الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

الإرهاب على مواقع التواصل : كل ما يجب أن تعرفه

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
A+ A-

لبنان في مرمى الإرهاب منذ اعوام مضت وما زال، تشتدّ رياحه على البلد الصغير وتخفّ تبعًا للأوضاع الإقليميّة والدوليّة والتجاذبات السياسيّة الداخليّة، خصوصًا أنّ دولًا كبرى، وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة الأميركيّة متّهمة بخلق القاعدة لمواجهة المدّ الشيوعي سابقًا والإيراني راهنًا، لكن سرعان ما انقلب السحر على الساحر بعد أحداث 11 أيلول، وباتت هذه المنظّمة الإرهابيّة - أي القاعدة - وشقيقاتها تشكّل خطرًا على كلّ الدول والحكومات ظاهريًا، فيما ضمنيًّا تخفي علاقات استخباريّة سريّة تهدف إلى تحقيق مكاسب استراتيجيّة وسياسيّة وبسط نفوذ.


لبنان ليس بمنأى عن عمل ونمو هذه المنظّمات الموجودة فيه منذ أعوام، تستفيق وتنام بإملاءات سياسيّة وإستخباريّة بهدف إشعال الوضع الداخلي. ومع بداية الحرب في سوريا اشتدّت موجة التطرّف في لبنان وبرزت جماعات إرهابيّة وأصوليّة جديدة تابعة للقاعدة دعمت المعارضة السوريّة في سعيها لإسقاط النظام. رفعت راية الحفاظ على حقوق السنّة في لبنان وغيره من الدول العربيّة ذات التنوّع الطائفي، وكان حزب الله في مرمى أهدافها ردًّا على مشاركته في الحرب السوريّة إلى جانب النظام، وتاليًا دخوله في مواجهة معها، ما دفع بهذه التنظيمات إلى تجنيد إنتحاريين ضربوا مناطق عدّة في لبنان.


نشاط هذه الحركات الأصوليّة لم يقتصر فقط على أرض المعركة بل انسحب على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي لبنان كان لتغريدة أطلقها "لواء أحرار السنّة - بعلبك" وقع مختلف على اللبنانيين إذ أثارت مخاوف من نشوء فتن طائفيّة وإشعال الوضع الداخلي، خصوصًا بعدما هدّدت بهدم كنائس "الشرك" في البقاع وتطهيره من "الصليبيين"، ليتبيّن لاحقًا من خلال التحقيقات، أنّ هذه المنظّمة وهميّة مصدرها دولٌ أجنبيّة من دون أن يعرف إنّ كانت تحرّكها إستخبارات خارجيّة أم هي فعل أفراد.


هنا يتوارد إلى الأذهان أسئلة عدّة عن كيفيّة عمل هذه الجماعات على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كانت وهميّة أو حقيقيّة أو خلفها أجهزة استخباريّة؟ وعن دواعي فتح المجال لها لبث أفكارها وبياناتها التهديديّة والإرهابيّة؟ وسبل تحديد هويّة من يقف وراءها وكشف أمكنتهم ورصد تحرّكاتهم المقبلة وفرض رقابة عليهم؟


تتبع الإرهابيين إلكترونيًا


يشير الدكتور في الجامعة الأميركيّة في بيروت، ورئيس مجلس إدارة "تيرانت" و"كايبل وان"، خلدون فرحات، في حديث لـ"النهار" إلى أنّ : "كلّ مستخدم لأحد مواقع التواصل الاجتماعي (user) لديه عنوان إلكتروني خاصّ به (IP)، متوافر لدى أوجيرو وشركات الاتصالات، يمكن الحصول عليه لمعرفة المنطقة التي نشر منها أي بيان أو تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي في وقت محدّد. هناك طريقة أخرى لمعرفة الـ(IP)، عبر توجيه طلب إلى الشركة نفسيها مثل "تويتر" أو "فايسبوك". وأحيانًا قد تسعى الأجهزة الأمنيّة للتواصل مع هذه الجماعات عبر الإنترنت، واستفزازها للردّ عليها بطريقة ما. ردّهم كفيل بإنزال تطبيق على أجهزتهم (application) لرصد تحرّكاتهم. وهي من الطرق الأمنيّة المتّبعة".


ويضيف فرحات : "المشكلة الأولى تكمن بأنّ هذه الطريقة تحدّد المنطقة فقط، من غير أنّ تحدّد الهوية الحقيقيّة للمستخدم التي قد تكون مزيّفة وغير حقيقيّة، خصوصًا أنّ إمكانيّة خلق بريد إلكتروني للولوج إلى كلّ مواقع التواصل الاجتماعي قد تتمّ من أي فرد أو جماعة من غير الحاجة إلى التثبت من الهوية الحقيقيّة. أمّا المشكلة الثانية فهي عندما نشتري خطّ إنترنت (3G أو WIRELESS) من بلد ما (الصين مثلًا) ونستعمله في بلد آخر (لبنان مثلًا)، عندها يبرز العنوان الإلكتروني (IP) الخاصّ بالصين. وهناك مشكلة أخرى تتمثّل عندما يكون مركز العنوان الإلكتروني موجودًا فعلًا في بلد من الخارج، في هذه الحالة يجب التواصل مع الإنتربول ليتواصل بدوره مع البلد المعني، ليمدّ الأجهزة الأمنيّة بالمعلومات اللازمة".


تحوّل الإرهاب إلى الإنترنت


من جهة أخرى، ومع ما نشهده من تطوّر تكنولوجي، وجد الإرهاب في وسائل التواصل الاجتماعي تربة خصبة للنمو وبث أفكاره التكفيريّة، والتواصل بحريّة في ما بينهم، وتجييش الشباب وتجنيدهم، وتوسيع رقعة عملياتهم الإرهابيّة.


يشرح اختصاصي في العلوم السياسيّة والجماعات الإرهابيّة لـ"النهار" أن انتقال هذه الجماعات إلى التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي لديه أهداف عدة، أبرزها تجنيد أتباع جدد، تسهيل التواصل والتحويلات الماليّة في ما بينهم، بث الأفكار الأصوليّة والتأثير على الشباب للانخراط في صفوفهم، وذلك نظرًا لسهولة استخدام الإنترنت وقلة تكلفته، والقدرة على التخفي عبره والابتعاد عن الرقابة الصارمة للحكومات.


ويشير إلى أنّ القاعدة والجماعات الإرهابيّة تولي أهمّية كبرى للإعلام للاستفادة منه وللترويج لأفكارها وتحقيق أهدافها، وهي أسّست عددًا من المراكز والأجهزة الإعلاميّة لخدمة توجّهاتها، ترصد وتصدر رسائلها وتعمّم معلومات وأفكار وأخبار خاصّة بها، وأغلبها تكون من خلال الإنترنت. هنا تبرز التأثيرات السلبيّة الناتجة من سوء استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل في نقل الأفكار التكفيريّة والإرهابيّة وتهديد الناس وترويعهم، وفي كثير من الأحيان تكون هذه الأعمال مدعومة من الاستخبارات التابعة لدول فاعلة إقليميًا ودوليًا بهدف تحقيق مكاسب سياسيّة.


مكافحة الإرهاب الإلكتروني


وعن سبل مكافحة هذه التنظيمات وحجبها عن الإنترنت، يؤكّد الاختصاصي نفسه أنّ الحلّ يكون في تفعيل أنظمة الحجب لتكون قادرة على مجابهة أي محاولة لفكّ الحظر المفروض عليها من خلال التطبيقات المتوافرة، إضافة إلى فرض رقابة من إدارات مواقع التواصل الاجتماعي بالتعاون مع الحكومات حول أي نشاط أو حساب مشبوه لضبطها والحدّ من آثارها السلبيّة، فيما الأهمّ يكمن في تفعيل الجهود الدوليّة لمكافحة الإرهاب واستحداث قوانين حازمة لمحاربته، إضافة إلى الوعي حول خطورة هذه الجماعات على الصعيد الدولي وتقديم المصلحة الجماعيّة على المصالح القوميّة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم