الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أرقام صادمة لفتيات لا يملكن القدرة الشرائية للوازم الدورة الشهرية في لبنان

المصدر: "النهار"
أسعار الفوط الصحية ترتفع وفتيات لا يملكن القدرة الشرائية للوازم الدورة الشهرية (تعبيرية).
أسعار الفوط الصحية ترتفع وفتيات لا يملكن القدرة الشرائية للوازم الدورة الشهرية (تعبيرية).
A+ A-
 
كتبت: فرح البعيني

 

في وقت اشتدت وطأة الأزمة الاقتصادية في لبنان وأرخت بثقلها على كافة أطياف المجتمع وشرائحه، جاء تفجير 4 آب ليقضي بشكل نهائي على فرص النجاة للنساء وأتى ذلك مع خسارة أعداد كبيرة لمنازلهن وتعرضهن للكثير من التحديات الأخرى، وتالياً التأثير المباشر لذلك على قدراتهن الشرائية وإمكان وصولهن إلى لوازم الدورة الشهرية.
 
لكن المفارقة أن هذا الموضوع كثر الحديث عنه منذ أيام قليلة، فبعدما انتشرت في موقع "تويتر" وفي فايسبوك، عبر مجموعات نسائية، صور لمستلزمات الدورة الشهرية وأسعارها في المحال التجارية مقارنين الفرق بين أسعارها الخيالية والباهظة وبين أسعار القهوة المدعومة ضمن لائحة وزارة الاقتصاد، إشتد السخط لناحية الظلم الذي يلحق بالنساء والفتيات وتفجرت مرة أخرى مواقع التواصل الإجتماعي ليصبح الغضب ككرة ثلج تكبر مع الوقت في ظل ضائقة اقتصادية متأزمة.
 
الأرقام والدراسات
 
نشرت منظمة "بلان إنترنشونال" في نيسان 2020 الفائت دراسة تعدّ من أولى الدراسات في لبنان التي تضع الإصبع على الجرح وتوثّق فقر الدورة الشهرية بالأرقام. الدراسة التي أتت بعد إنتشار جائحة كوفيد-19 لتقييم الاحتياجات المتعددة للقطاعات، استطلعت آراء حوالى 600 فرد من النساء والرجال ونحو 490 فرداً من الشابات والشبان. وتظهر الأرقام حتى نيسان 2020 أن 66% من الفتيات اليوم اللواتي يعشن في لبنان لا يملكن الموارد المالية لتأمين مستلزمات الدورة الشهرية. في حين أظهرت الدراسة أن نسبة الفتيات السوريات شكّلت 55% من هذه الشريحة وأتت نسبة الفتيات اللبنانيات لتشكّل 45%. وبينما هذه الدراسة هي الأحدث حتى تاريخه من البديهي والمتوقع ونتيجة ما حصل من نيسان حتى اليوم أن تكون هذه الأرقام قد ازدادت وتيرتها.
 
في سياق آخر نشر موقع غلوبال سيتزن أنه حتى تاريخ منتصف تموز ارتفعت أسعار لوازم الدورة الشهرية في لبنان، التي تستورد في أغلب الأحيان، بنسبة 500% عن سعرها الأساسي.
 
دراسات حديثة في هذا المجال
 
تمكّنت لين زوفغيان وفريق عملها من بدء العمل على دراسة لتحديد مؤشر فقر الدورة الشهرية في لبنان. ولكن هذه الدراسة واجهتها بعض العراقيل والتأخيرات نتيجة الوضع الحالي وإنفجار المرفأ. وتشير زوفغيان لـ "النهار" إلى أنها تعمل عبر التشبيك مع لاعبين وأصحاب مبادرات في النظام البيئي المحلي من أجل الشراكة لتحديد هذا المؤشر. فعلى الرغم من وضع مقاييس معينة لتحديد معدل فقر الدورة الشهرية تقوم الدراسة حالياً بالتركيز على نوعية فقر الدورة الشهرية في لبنان ودينامياته المتقلبة من نواحٍ عديدة. كما سيأخذ المؤشر قياس الفقر الاجتماعي والاقتصادي المتعدد الطبقات الذي يواجهه لبنان اليوم. وعلى الرغم من أن هذه الأرقام غير حاضرة بعد ويجري العمل عليها، تعتبر زوفغيان أن الدراسات هي اليوم مهمة لكونها تشكل منبعاً علمياً أساسياً سيساهم في تغذية السياسات العامة وقيادة مسارها بوضوح.
 
مبادرات محلية فردية
 
تنشط اليوم العديد من المبادرات لمساندة الفتيات والنساء في مواجهة فقر الدورة الشهرية. لكن حصة الأسد هي لمبادرة دورتي التي انطلقت في أيار 2020 بين لين مصري ورنا حداد في ظلّ تفاقم الوضع الإقتصادي وإزدياد خطر كوفيد-19.
 
لاحظت لين ورنا آنذاك أن معظم المساعدات لا تشتمل على منتوجات الدورة الشهرية. وهكذا انطلقت المبادرة بهدفين: الهدف الأول هو توزيع لوازم الدورة الشهرية والمنظفات الخاصة على معظم النساء والفتيات ممن هم بحاجة. أما الهدف الثاني فهو إزالة الوصمة المتعلقة بالدورة الشهرية ودفع أكثر عدد من النساء للحديث عن تجاربهن. هذا قد يساهم في إيجاد حلول مستدامة على الأمد الطويل. لكن الوضع الحالي لم يسمح لـ "دورتي" التركيز على الهدف الثاني لأن الحاجة المحلية كبيرة والعديد من النساء يحتاج إلى وسائل لمواجهة فقر الدورة الشهرية لديهن.
 
وتشير لين مصري أن الحل اليوم في لبنان لا يأتي عبر الجهات الإقتصادية فقط بل عبر الجهات الصحية التي يجب أن تعمد إلى أخذ خطوات وإجراءات لأن عدم وجود مواد جيدة سيأتي بالتأثير السلبي على صحة المرأة. لذلك الحل على المد القصير هو أن تعمد النساء الأكثر حاجة إلى الوصول إلى المبادرات القائمة الحالية ليحصلن على مستلزمات الدورة الشهرية، وبخاصة أن المرأة اللبنانية بعد انفجار المرفأ ليست في وضع يسمح بالحديث معها عن بدائل بسعر أوفر أو بدائل يمكن إعادة استخدامها. أما بالنسبة للحلول الطويلة الأمد فيجب العمل على تقديم حلول بديلة من الفوط الصحية وتقديم التدريبات للنساء والفتيات لاستخدام هذه الوسائل التي قد تخاف النساء من استخدامها أحياناً وذلك إلى حين العمل على إعادة الفوط الصحية على أسعارها السابقة.
 
 
 
أطلقت مريم سكاف مباردة فردية "جيتك" في 6 آب، أي بعد ثلاثة أيام من التفجير، وبذلك انطلقت سكاف للعمل على تأمين مواد الدورة الشهرية لكافة الشرائح النسوية مع التركيز على الفئات المهمشات من المجتمع وخصوصاً اللاجئات والعاملات الأجنبيات ومجتمع الميم. وذلك أيضاً مع تركيز على تغطية النساء والفتيات اللواتي تعرّضن لضرر بعد الإنفجار، حيث تمكنت سكاف من توزيع نحو 5000 فوطة صحية ومواد تعقيم خاصة حتى اليوم.
 
وفي سياق الحلول تعتبر سكاف أنه يجب تسليط الضوء وفهم الجانب الاقتصادي المرتبط بلوازم وسلع الدورة الشهرية لأن ذلك يؤدي إلى فهم حاجات النساء، وتقييم الدراسات والأرقام المتعلقة بذلك. ولفتت إلى أن هذه المنتوجات تكلّف المرأة الواحدة نحو 5000 دولار طوال حياتها وهو رقم باهظ نسبياً. وترى سكاف أن الدور الأساسي اليوم الذي يجب أن يضطلع به الجميع للوصول إلى حل جذري هو بتوعية الفتيات والنساء أولاً على الحلول البديلة التي يمكن إستخدامها بدل الفوط الصحية... ذلك كله في انتظار أن تتحرك الدولة والجهات المعنية لتتحمل مسؤوليتها في هذا المجال.
 
صندوق الأمم المتحدة للسكان
 
قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بتكثيف جهوده لتلبية احتياجات الفتيات والنساء عبر تقديم المساعدة لنحو 140,700 إمرأة وفتاة من بين الـ300,000 فرد الذين أصبحوا بلا مأوى بسبب تأثير إنفجار المرفأ. بما يعادل تقديم الدعم لحوالي 81,000 إمرأة في سن الإنجاب ول48000 فتاة. الدعم اليوم يكون بما يقدمه الصندوق عالمياً وما يُعرف بالـ dignity kit. الهدف منها هو تزويد النساء والفتيات بالمواد الأساسية من أجل التفاعل بشكل مريح في الأماكن العامة والحفاظ على نظافتهن الشخصية، وبخاصة النظافة أثناء فترة الحيض.
 
سيواصل الصندوق تقديم هذه التبرعات للنساء والفتيات المتضررات من الانفجار لكي يستمررن في الحصول على إمدادات الدورة الشهرية. أما لناحية الحلول المستدامة، سيعمل الصندوق على رفع مستوى الوعي حول النطافة الصحية أثناء الدورة الشهرية بخاصة بين شرائح المجتمع الأكثر فقراً وبين الأقليات. ويجري الصندوق دراسة تهدف إلى معرفة مدى تقبل النساء للفوط التي يمكن إعادة استخدامها وذلك عبر إعادة تعريف مفاهيم الدورة الشهرية ودحض الشائعات الخاطئة المرتبطة بها. أما الهدف الثاني فيتعلق في معرفة الفائدة المادية من الإنتقال إلى إنتاج الفوط التي يمكن إعادة إستخدامها والتي يمكن أن توفر حلاً مستدامًا. وختاماً تهدف الدراسة إلى تقييم المفاهيم العامة عن الحيض والنظافة الشهرية لدى المراهقات وما بعد الحيض، وعواقب سوء/ غياب إدارة النظافة الشهرية، وأفضل السبل لتقديم إرشادات إدارة النظافة الشهرية لهذه المجموعة المستهدفة.
 
في ظل مبادرات المجتمع المحلي وصناديق الأمم المتحدة سننتظر ولادة حكومة جديدة علّنا عندما نجري اتصالاً بوزارة الصحة في المرحلة المقبلة قد يخبرنا الوزير/ة المقبل/ة أن محاربة فقر الدور الشهرية هو ضمن نطاق عمل الوزارة، خلافاً لفريق عمل الوزير الحالي الذي يرفض القيام بأي مبادرة لمعالجة الأزمة. وحتى ذلك اليوم سننتظر حملات المناصرة ووسائل الضغط للمجتمع المدني التي سترتكز على الأرقام التي حتماً ستكون موجعة.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم