الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

غبريال غارثيا ماركيز يرحل عن هذه الأرض ليزيدها وحشة

المصدر: "النهار"
A+ A-

هم أيضاً يرحلون، إسوةً بكل مخلوقات هذه الأرض. الكتّاب، مَن يجمّلون رغبتنا بألا نُهزم باكراً، يرحلون كأنهم لوهلة ما عادوا معنيين بكل هذا الذنب. منذ مدة والجميع يتحدّث عن آلام الكاتب الكولومبي العالمي غبريال غارثيا ماركيز واحتضار ما قبل الموت. المرض ملعون. ينبغي على المرء أن يتحضّر، فثمة وقت لا تُجدي المواجهة. يرِد الخبر ليغزو العالم: وفاة ماركيز عن 87 عاماً. لن يكون هذا أبداً خبراً عادياً، فلا يزال رحيل الكتّاب يكتنف بهيبة تجعل الموت عصياً على القبول ومتعالياً على أي تفسير.


غابيتو كاتب الواقعية العجائبي


هو غابريل خوسيه دي لا كونكورديا غارثيا ماركيز، روائي وصحافي وناشر وناشط كولومبي، ولد في 6 آذار1927. تنقّل في حياته ما بين المكسيك ودول أوروبا. يُعرف عائلياً وبين أصدقائه بلقب غابيتو، ولقّبه مساعد رئيس التحرير صحيفة "الإسبكتادور" إدواردو ثالاميا بوردا باسم غابو. إننا أمام واحد من أشهر كتّاب الواقعية العجائبية، فيما تُعد روايته "مئة عام من العزلة"، الأكثر تمثيلًا لهذا النوع الأدبي. بعد الانتشار العالمي الذي لاقته الراوية، تم تعميم هذا المصطلح على الكتابات الأدبية بدءاً من سبعينات القرن الماضي. في عام 2007، أصدرت كل من الأكاديمية الملكية الاسبانية ورابطة أكاديميات اللغة الاسبانية طبعة شعبية تذكارية من الرواية، في اعتبارها جزءاً من الكلاسيكيات العظيمة الناطقة بالاسبانية في كل العصور. وتمت مراجعة النص وتنقيحه من جانب ماركيز نفسه.
تميز ماركيز بعبقرية في السرد وموهبته لامعة في تناول الأفكار السياسية. تسببت صداقته مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو بالكثير من الجدل في عالمي الأدب والسياسة. رجلٌ غريب الأطوار، لم يركن يوماً الى حال واحدة. على رغم امتلاكه مسكناً في باريس وبوغوتا وقرطاجنة دي إندياس، قضى معظم حياته في مسكنه في المكسيك واستقر فيه بدءاً من فترة الستينات.


البحر والعزلة


شكلت كتابات ماركيز جزءاً من الهوية الأميركية اللاتينية، إذ يشتمل إنتاجه الأدبي عدداً من القصص والروايات والتجميعات، إلى جانب كتابات أخرى، تتناول معظمها موضوعات البحر وتأثير ثقافة الكاريبي والعزلة. واعتبرت رواية "مئة عام من العزلة"، واحدة من أهم الأعمال في تاريخ اللغة الاسبانية خلال المؤتمر الدولي الرابع للغة الاسبانية الذي عقد في قرطاجنة في آذار عام 2007. واشتهر أيضاً بأعمال أخرى مثل "ليس للكولونيل من يكاتبه"، و"خريف البطريرك"، و"الحب في زمن الكوليرا".
حصد ماركيز جائزة "نوبل" الآداب عام 1982 تقديراً للقصص القصيرة والرويات التي كتبها، والتي جمع فيها الخيال بالواقع في عالم هادئ حيناً وصاخب في أحيان أخرى، يعكس بدوره حياة البشر وصراعات النفس المُحطِّمة.
يرحلون بصمت، لكنّهم يحدثون فينا ضجيجاً. ما عاد العالم يحتمل الخسارة. الكتّاب إذ يتركونه، يزداد عتمة وبوساً ووحشة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم