الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

"أفضّل الموت وأنا أكنس بيروت"... البطل محمد لـ"النهار": "لم أتوقّع هذا"

المصدر: النهار
ترايسي دعيج
"أفضّل الموت وأنا أكنس بيروت"... البطل محمد لـ"النهار": "لم أتوقّع هذا"
"أفضّل الموت وأنا أكنس بيروت"... البطل محمد لـ"النهار": "لم أتوقّع هذا"
A+ A-

إرادة الحياة أقوى بكثير من أشباح الموت. ومن تحت الركام ينبعث، دائماً، الأمل بغدٍ أفضل. بعد فاجعة 4 آب، همَّ شبابٌ وشابات يلملمون جراح وطنهم، يُطعمون جياع بلدهم، ويؤوون مشردي الانفجار. يداً بيد، أرادوا مسح شيء من هذه المأساة. هذا هو الشباب اللبناني في المِحن. هذا هو النبض والروح والأمل والأحلام العصيّة على القتل.

نزل الجميع إلى الساحات باندفاعٍ وحب؛ باصرارٍ بهدف إعادة إعمار ما تهدَّم. ترى الحب في عيونهم المغرورقة بالدموع، ترى الإرادة الصلبة، العزيمة والأمل. يرددون وهم يعملون: "لن ننكسر، وستشرق شمس بيروت من جديد، من عمق العتمة، برغم الانكسار والانهيار".

المكانس هي سلاحهم، والحب الجامح لأهل بلدهم هو ذخيرتهم. أغانٍ وطنية، خلية نحلٍ على الأرض وتقسيم منهجي للأدوار.

أشخاصٌ لم يقف أمامهم أي حاجز، لا بل جمعوا قواهم العقلية والجسدية في خدمة المدينة الجميلة (التي ستبقى جميلة إلى الأبد) بيروت.

استطاع رجل في الخمسينات من عمره لفت انتباه الجميع، فتحدثت عنه الصحف العالمية والمحلية، وهو يقوم بتكنيس شوارع المدينة، بالرغم من حالته الجسدية الاستثنائية، مؤكداً أنّ الإرداة الصلبة أقوى من كلّ "عائق" بدني، وتكفي الروح العظيمة حتى يحقّق المرء المعجزات. 

من هو هذا الرجل؟ من هو هذا البطل؟ محمد بريص من طرابلس، من سكان سن الفيل، أبٌ لثلاثة أولادٍ، شاءت ظروف الحياة على إثر حادثٍ معيّن بتر رجله. ولكن أصر بالرغم من أوجاعه ومشاكله الصحية، أن ينزل إلى الشارع ويقف إلى جانب أهله في الوطن، فبيروت وأهلها "غاليين" و"بيروت هي لبنان كله" و"كلنا لبنان"، بحسب قوله.

وأشار في حديثه لـ"النهار" إلى أنّه "حين تقع الفاجعة، فإنّه واجب على جميع المناطق والأهالي في لبنان الاتحاد والتضامن". وتابع: "لم أستطع تقبّل جلوسي في المنزل، فقلت لزوجتي أنّني أفضّل أن أموت أنا وأكنس بيروت، على أن أموت في بيتي".

ولفت أنّه:"لم أتوقع أن يحدث هذا كلّه، فمن يهمّه أن يسأل عنّي؟ مين شايفني؟"، مضيفاً أنّ "الطائفية لن توصلنا إلى أي مكان، وأتمنى أن يعم السلام في لبنان وكلّ العالم". 

جنودٌ خفية تعمل، وإرادةٌ عظيمة تُقاتل حتى الرمق الأخير. جنودٌ عشقوا أوطانهم، وناضلوا من أجلها. فتحيّة لجميع المتطوّعين والمتطوّعات الذين لم يخرجوا بعد من الشارع في ظل غياب الدولة. تحية لجميع الأمهات اللواتي يطبخن ويوزّعن الأطباق على الشباب والشابات. أنتم جميعاً سبب استمرارنا وأملنا بغدٍ أفضل.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم