33 عاماً من السحر... نبوءة الجدة سيليا صنعت أسطورة ميسي!
Smaller Bigger

قبل العام 1987 كان الثائر الأممي ارنستو تشي غيفارا رمزاً وحيداً لمدينة روساريو الأرجنتينية، إلا ان المدينة بات لها رمز آخر اليوم هو الأسطورة الحية لكرة القدم العالمية: ليونيل ميسي.

ثلاث وثلاثون سنة مرت على ميلاد "البرغوث"، "الساحر"، "العبقري" وغيرها من الألقاب التي وسمت اللاعب الارجنتيني، منذ وطئت قدماه للمرة الأولى الملعب رسمياً مع برشلونة عام 2004.

يقول المدرب الايطالي الشهير كارلو أنشيلوتي: "كلما كبر الإنسان نقص من عمره، وكلما كبر ميسي نقص من عمر كرة القدم"، هذه الكلمات قد تكون التعبير الابلغ عن مكانة ميسي الرياضية، والكروية خصوصاً، فيما لا يذهب مواطنه فابيو كابيلو بعيداً بقوله: "ثمة ثلاثة أحداث أشعلت ثورات في اللعبة، هي: قانون التسلل، برشلونة بيب (الفريق في حقبة المدرب بيب غوارديولا"، وميلان ساكي (في حقبة المدرب أريغو ساكي). لكن ليونيل هو الثورة ذاتها، تلك الظواهر المذكورة يمكن تفسيرها، لكن لا يمكن تفسير ليونيل".

الأكثر كمالاً

هو أكثر اللاعبين كمالاً فوق العشب الاخضر. موهبة متميزة، رؤية شاملة، مراوغ محنك، مسدّد رهيب، متواضع، والكثير من الخصائص والصفات التي عُرفت عن "البرغوث"، فهو اليوم سجل أكثر من المهاجمين، وصنع أكثر من صُناع اللعب الكلاسيكيين، أكثر لاعب في التاريخ صناعةً للأهداف، واللاعب المعاصر الوحيد الذي شارك في أهداف أكثر من عدد المباريات التي خاضها. ساهم ميسي في 1016 هدفاً في 859 مباراة. ووجه غوارديولا ذات تصريح نصيحة الى الجميع بقوله: "لا تحاولوا وصف ميسي بكلماتكم، فقط عليكم الاستمتاع في صمت"، ومع ذلك يجاهد الكُتّاب في وصفه ويفشلون، منهم من يعاند ومستمر، ومنهم من استجاب بعدما عجزت كلماته ونفد مخزونه.

بحسب المحللين والخبراء، فإن ميسي هو من أعظم من لمس كرة القدم عبر تاريخها، إذ استطاع أن يغير مفاهيم الساحرة المستديرة. تلاعب بالتاريخ وحطم كل الأرقام القياسية، وجعل نفسه ملكا متوجًا على عرشها، ويراه كثيرون الأفضل على الإطلاق عبر التاريخ.

في كتاب عن حياة ميسي، يتحدث الكاتب عن طفولة اللاعب حيث انه ولد في ظل أزمة اقتصادية وسياسية كانت تعصف بالأرجنتين، وانه كان من الممكن ان تجهضه أمه عندما كان جنيناً، إذ كانت العائلة في حال قلق لأن الأطباء أخبروها أنه قد توجد حاجة لاستخدام أسلوب التوليد بالشفط عن طريق الملقط الطبي، الأمر الذي كان ربما تنتج منه وفاة الجنين. القلق كان فقط بسبب تغير لون بشرة الطفل عن المعتاد، ووجود انثناء في الأذن، قال المتخصص نوربرتو أوديتو للعائلة إنه سيزول بعد أيام وهو ما حصل فعلاً.

أكبر من عمره

كان ليو يرغب في لعب الكرة دائما سواء في الميدان أو في الشارع، وحده أو مع أقاربه، ومع فريق وبزي رياضي كامل أيضاً، لذا حينما بلغ عمره خمس سنوات أدهش الجميع، وقبل ارتياده المدرسة بدأ اللعب لفريق الحي الذي كان يعرف باسم غراندولي، والذي أسسته مجموعة من الآباء عام 1980 لتأهيل الفتية الصغار في المنطقة. يعود جانب كبير من الفضل في هذا الى جدته سيليا التي كانت دائماً ما تصطحبه الى الملعب المجاور للمنزل لمشاهدة شقيقيه ماتياس ورودريغو يلعبان، وليس هذا فحسب بل إنها كانت السبب الرئيسي في انضمامه الى ذلك النادي الشعبي الصغير. وفي أحد الأيام كانت الجدة سيليا بصحبة ميسي في ملعب غراندولي حيث كان سلفادور ريكاردو أباريسيو، مدرب فريق مواليد 1986، والذي سيصبح لاحقا أول مدرب لليو، ينقصه لاعب لبدء مباراة، وهنا بدأت الجدة بالصراخ: "اسمح له باللعب، ضعه في الفريق! اسمح له باللعب".

نظر أباريسيو الى ضآلة حجم ميسي صاحب الخمس سنوات، والذي كان يصغر لاعبي هذا الفريق جميعا بعام ثم قال: "حسنا سأدخله، ولكن إذا بدأ بالصراخ والبكاء والخوف فسيخرج". الحقيقة أن ما رآه أباريسيو لم يكن رائعا في البداية، فمع أول كرة مررت لليو تركها تعبر من جانبه من دون أن يفعل شيئا. رفع أباريسيو حاجبيه وكأنما يقول "كنت على حق"، ولكن ما رآه في كرة ثانية وصلت الى ميسي كان أغرب... الكرة تصل اليه ثم يأخذها وينطلق ليراوغ كل من في طريقه، كما يفعل في يومنا هذا، يقترب من المرمى والمدرب يصرخ "سددها يا ليو، سددها!" ولكن ليو لا يسدد لتخرج الكرة. نظرة واحدة من أباريسيو لابتسامة الجدة سيليا بعد هذا الأمر جعلت ميسي لاعبا في كل ما تبقى من مباريات العام لغراندولي في فريق تلك الفئة العمرية الأكبر منه في السن.

نبوءة الجدة

يقول ميسي عن الجدة سيليا في حوار مع صحيفة "الموندو ديبورتيفو". "لقد كانت طيبة للغاية، تعيش من أجل أحفادها، لم تكن ترفض لنا طلبا، كنا نتشاجر جميعا للنوم في منزلها، لا أعرف ما إذا كانت جدتي تفهم في كرة القدم أم لا، ولكن هي من كانت تصحبنا جميعا للتدريبات، لقد كانت أول مشجعة لي في التدريبات والمباريات".

يعترف ليو بفضل الجدة سيليا عليه كثيرا؛ لذا فإن إصابتها بالزهايمر ووفاتها في 1998 حينما كان ميسي على وشك إتمام عامه الحادي عشر أثرت عليه كثيرا، خصوصا أنها كانت أحد الأسباب الرئيسية في علاقته المستمرة بكرة القدم. لقد كان رحيلها أشبه بانتزاع جزء من روحه.

وأكد ميسي أن جدته كانت أول من أخبره بأنه سيصبح يوماً ما أفضل لاعب كرة قدم في العالم، وهي النبوءة التي تحققت في ما بعد.

لم تشاهد الجدة سيليا أياً من أمجاد ميسي اللاحقة، لكن ليو الذي يؤمن بوجود الرب من دون ممارسة أي شعائر يظن دائما أنها تراقبه من مكان ما في السماء؛ لذا يرفع إصبعيه دائما الى الاعلى عقب تسجيل الأهداف كأنما يقول لها "كل هذا من أجلك".

الأكثر قراءة

شمال إفريقيا 10/24/2025 6:56:00 AM
أثار الفيديو المتداول موجة من الغضب بين رواد مواقع التواصل
اسرائيليات 10/24/2025 1:25:00 AM
لفت إلى أن "نتنياهو يسير على حبل رفيع مع ترامب".
سياسة 10/22/2025 8:06:00 PM
تحليل تقني يحذّر من إمكانات الدرونات التي تُحلّق فوق بيروت