الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

زوج منال عاصي لن ينجوَ من العقاب.. والضحية لن تقتل مرّتين!

المصدر: - "النهار"
محمد نمر
A+ A-

على محمد النحيلي المتهم بضرب زوجته منال عاصي حتى الموت التيّقن من أن الخروج من القضية كـ"الشعرة من العجين" او اجتراح اسباب تخفيفية لجرمه البيّن امر صعب المنال، خصوصاً مع بدء محاولة من قبله لتبرير قتله منال عبر التشهير بها واتهامها بالخيانة الزوجية، ليحاكم حينها على قاعدة "السجن للرجال والدفاع عن الشرف طهارة"!


الدين والقانون يقفان إلى جانب عاصي، الأول يعاقب النحيلي بالقتل (لو كان الحكم اسلامياً)، والثاني يعاقبه بالسجن من 15 إلى 20 سنة إلا في حال ثبت أنه تعمد قتلها فحينها يحكم عليه الاعدام، لكن ماذا لو شهّر بزوجته مدعياً انها خانته وأنه ضربها حتى القتل تحت تأثير الغضب؟
"الدين الاسلامي يسمح للزوج أن يؤدب زوجته بالضرب الخفيف غير المبرح، هكذا يسميه الفقهاء"، يوضح امين دار الفتوى في الشمال الشيخ محمد إمام لـ"النهار"، قائلاً ان "الضرب غير المبرح يعني أن لا يترك علامات على الجلد أو الجسد وأن لا يمس الوجه أو المناطق الحساسة، ويستخدم فقط في الحالات القصوى، حين لا ينفع مع الزوجة أي وسيلة أخرى، لهذا يسمى ضرباً تأديبياً غير مبرح". والسؤال: من يستطيع أن يضرب من دون ترك علامات أو من دون ان يؤذي؟!.
حتى لو ثبت أن منال عاصي خانت النحيلي، يقول إمام ان "الشرع لا يبيح أبداً قتلها ولا معاقبتها بيد الزوج، فهناك قضاء ومحاكم شرعية والقاضي صاحب السلطة هو من يحدد العقوبة"، ويقول ان "الدين الاسلامي يعاقب زوج عاصي بالقتل لأنه في نظر الاسلام قاتل، كما أن الاسلام يعاقبه في حال تسبب لها بالأذى، والعقاب يصدر عن القاضي". لكن كيف يتأكد قاضي الشرع من خيانة الزوجة؟
الدين الاسلامي وضع شروطاً وحدها تستطيع اثبات خيانة الزوجة، ويعتبر تطبيقها شبه مستحيل، ويشير إمام إلى أن "الاثبات يكون اما باعتراف الزوجة بخيانة زوجها وإما بوجود أربعة شهود من اهل الثقة شاهدوا الواقعة الفعلية للزنا وليس مجرد رصد وضع مشبوه بين اثنين كتواجدهما في السرير فحسب، بل يجب أن يكونوا قد شاهدوا حصول الزنا والدخول المباشر بين الطرفين بالعين المجردة وهذا أمر صعب جداً، ولهذا هناك احتياط كبير حول الأعراض في الاسلام ولا يستطيع كائن من ما كان أن يتهم الآخر بالخيانة، فوجود اربعة شهود مستحيل وفي النهاية الله يحاسب الجميع".
ويروي إمام أن "أحد الصحابة دخل بيته ورأى زوجته مع شخص ولم يفعل أي شيء، بل عاد إلى النبي محمد وقال له: أحدنا شاهد زوجته مع شخص آخر فماذا يفعل أيقتلها ويقتله، أم ماذا؟ فرد النبي وفق آيات في سورة النور، بما مفاده انه إذا رأى احد الزوجين بعينه، فعليه أن يخبر القاضي ويحلف اربع ايمانات انه شاهدها بهذا الوضع، وفي الخامسة يطلب من الله أن يغضب عليه في حال كان يكذب. وتستدعى الزوجة وهي ايضا تحلف 4 ايمانات، وفي الخامسة تدعو الله أن يغضب عليها في حال تبيّن صدق كلام زوجها، وإذا حلفت بالنكران، يأمر القاضي بطلاقهما لأن الحياة باتت مستحيلة بينهما".
ويعود ايمان الى رواية دينية اخرى قائلا ان "أحدهم جاء إلى الامام علي بن ابي طالب واخبره أن رجلاً شاهد زوجته في حال الزنا مع رجل فقتلهما برمح واحد، ماذا نفعل به؟ فاجابه علي: هذا لم يحصل عندي، أين حصل؟ فرد عليه: في الشام لدى معاوية، فقال له علي: "إذا لم يأت بالبينة بأربعة شهود فليعطى برمته، أي فليسلم من أجل قتله".


عذر مُحل أو مخفف؟


ربما كان في إمكان النحيلي قبل العام 2011 أن "ينفد بجلده" في حال نجاح محاولته تشويه سمعة زوجته امام القضاء، لكن بعد الغاء المادة 562 من قانون العقوبات، اصبح في حكم القاتل حتى لو قتل زوجته حفاظاً على شرفه. وهنا، توضح المحامية يمنى مخلوف لـ"النهار" أنه "عند صدور قانون العقوبات، كانت المادة 562 منه تنص على عذرين، الأول مُحل يمنع معاقبة الشخص والثاني مخفف يخفف العقوبة"، وتقول: "وفق المادة 562 كان  العذر المُحل يؤخذ به عند مفاجأة الرجل زوجته أو سيدة من اصوله كبناته أو والدته أو شقيقته وهن يرتكبن جرم الزنا المشهود أو الجماع غير المشروع، وإذا شاهدها الرجل يحصل على عذر مُحل ولا يعاقب على القتل"، وتضيف ان "المادة 562 كانت تأخذ بالعذر المخفف وتخفض العقوبة على القتل في حال فاجأ الرجل زوجته أو سيدة من اصوله او فروعه في حال مريبة مع رجل، اي في وضعيات غريبة في قميص النوم مثلا، حتى من دون مشاهدة علاقة".
عام 1999 صدر القانون رقم 9 الذي عدّل المادة 562، وازال العذر المُحل، وبات الرجل يعاقب حتى لو شاهد زوجته في حال زنا أو جماع غير مشروع، مع الابقاء على العذر المخفف، ومنذ سنتين وتحديداً مع صدور القانون رقم 162 في 17 - 8 - 2011، دفنت المادة 562 بمجملها، وازيل العذر المخفف، إلا أن مخلوف تلفت إلى أن هذا "لا يمنع الرجل وفق الاعذار المخففة في القانون العام ان يقول انه كان في حال انفعال أو غضب، وانه جن جنونه وخرج عن وعيه لدى رؤية زوجته تخونه، من أجل أن يخفف القاضي العقوبة، لكن بعد صدور القانون الاخير بات يحق للقاضي أن لا يأخذ بعذر الرجل ويقدر مدى انفعاله، بعكس قانون ما قبل 2011 الذي كان يجبر القاضي على الاخذ بالعذر".
خلاصة القول، ووفق القانون، انه في حال قتَل الشخص بقصدٍ يعاقب بالأشغال الشاقة من 15 إلى 20 سنة، أما الحكم بالاعدام فيكون عقاب القتل القصدي عمداً أي حين يتم التخطيط للقتل وملاحقة الضحية وتحديد كيفية قتلها مسبقاً، وفق مخلوف التي تشير الى ان الحال الاولى تنطبق على جرم محمد النحيلي.


 
[email protected]
twitter: @mohamad_nimer

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم