مع انتشار فيروس كورونا، بدا واضحاً أنه كثر وصف المضادات الحيوية عشوائياً، إضافة إلى أدوية أخرى شاع استخدامها نظراً للجهل الذي كان يحيط بالفيروس. بعد أكثر من عامين على وجود الوباء، اتضحت الأمور أفضل، لكن بقيت الأخبار المرتبطة باستخدام المضادات الحيوية متداولة والمريض يجهل أين الصح وأين الخطأ فيها. يوضح الطبيب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس الدكتور جاك شقير الحقيقة في ما يتعلّق باستخدام المضادات الحيوية، مشيراً إلى أن ما يتم تداوله في هذا الخصوص خطأ يمكن أن ينعكس سلباً على صحة المرضى ولا يمكن التعامل مع الموضوع بعشوائية، كما يحصل حالياً.

هل يمكن تناول المضادات الحيوية في حال الإصابة بكورونا؟
كورونا هو فيروس وتنعدم فاعلية المضادات الحيوية في مواجهته لاعتبارها مفيدة حصراً في مقاومة الجراثيم. وبالتالي ليست المضادات الحيوية مطلوبة ولا تنفع أبداً في مثل هذه الحالة، بحسب شقير الذي يشير إلى أن البعض تخوّف في المرحلة الأولى من ظهور فيروس كورونا من كونه يمكن أن يؤدي إلى التهابات جرثومية في الرئتين، لكن في الواقع هو ينتقل ليطال الرئتين، فتكون الالتهابات بالتالي فيروسية وهي ناتجة من الفيروس بذاته. فأي فائدة من اللجوء إلى المضادات الحيوية لمكافحته؟ لا جدوى من اللجوء إلى المضاد الحيوي لمريض كورونا ليتحسن المريض أسرع ولا لتنخفض حرارته أيضاً ولا لأي سبب آخر.
من جهة أخرى، يشدد شقير على ضرورة تصحيح النظرية القائلة لأن المضاد الحيوي لن يضر ما لم يكن مفيداً للمريض. ففي الواقع، إن استخدام المضادات الحيوية من دون مبرر يضر حكماً لأنه يتسبب بمقاومة المضادات الحيوية، بحيث لا تعود فاعلة حتى في حال تناولها للهدف المناسب. في مثل هذه الحالة، تصبح هذه العلاجات معدومة الفائدة حتى عندما لا يكون هناك حل آخر لمواجهة المشكلة. هذا ما يؤكد أنه لا يمكن وصف المضاد الحيوي لمريض كورونا ما دام لا يفيد وأيضاً يضر به.
أما الحديث عن الerythromycin الذي تم التركيز عليه في المرحلة الأولى من انتشار الوباء، فسرعان ما تبين أن لا أساس له من الصحة وأنه من الخطأ الاعتماد عليه، كما حصل في فترة سابقة بما أنه لا يعود مفيداً، والأسوأ أن تزيد مقاومة البكتيريا مع الوقت. حتى أن كل الوكالات الصحية الرسمية قد أكدت أنه لا قيمة له بالنسبة إلى مرضى كورونا.

هل يمكن تناول المضادات الحيوية لسبب آخر في الوقت نفسه في حال الإصابة بكورونا؟
ما من مشكلة في تناول مريض كورونا المضاد الحيوي لسبب آخر يمكن أن يدعو إلى ذلك. فالإصابة بكورونا لا تتعارض مع ذلك، لكن يبقى الشرط الأساسي أن يكون هناك داعٍ لوصف المضاد الحيوي. فبالنسبة إلى المريض الذي يعاني ارتفاعاً في الحرارة أو هبوطاً في ضغط الدم أو غيرها من الأعراض، يجرى له سكانر للرئتين للتأكد ما إذا كان هناك التهاب فيهما قد ينتج من بكتيريا، إضافة إلى الالتهاب الناتج من الإصابة بالفيروس. من الضروري عندها، كما يؤكد شقير، اللجوء إلى السكانر للتأكد بدلاً من وصف المضاد الحيوي بطريقة عشوائية كما يحصل أحياناً. مع الإشارة إلى أن الوضع يكون أكثر صعوبة بعد، ويتم حالياً وضع معايير خاصة لدواعي وصف المضادات الحيوية لمريض كورونا بحسب الحالة، حيث يمكن أن يعاني إلى جانب إصابته بكورونا، التهاباً في البول أو أي نوع آخر في الالتهابات، ما يستدعي حكماً وصف المضاد الحيوي له، ما لا يتعارض مع حالته هذه. مع ضرورة التوضيح أنه يمكن صف أي نوع من المضادات الحيوية وليس نوعاً محدداً كما يعتقد البعض. فكل المضادات الحيوية متماثلة عندها بما أن الهدف هو مواجهة البكتيريا التي يمكن أن يكون المريض قد أصيب بها إلى جانب إصابته بكورونا، ووحده الطبيب المختص يحدد دواعي اللجوء إليها.
نبض